«بلودي ريد سكاي» يضيع أجمل الأفكار في أسوأ معالجة
جرت العادة أن هوليوود لا تُحسن أمركة الأفلام الأجنبية، فكم أخفقت هوليوود في صنع نسخ أميركية من أفلام أوروبية أو كورية أو يابانية، وحتى الصحافة الأميركية نفسها تنصح بمشاهدة النسخة الأصلية لأي فيلم أجنبي.
أشهر مثال الفيلم الشهير The Vanishing، «الاختفاء» للهولندي جورج سلايزر عام 1988، الذي أعادته هوليوود مع المخرج نفسه في 1993 إعادة ركيكة جداً، بعد أن أجبره الاستوديو على إضافة تغييرات لتناسب الجمهور الأميركي، وتلك التغييرات كانت في النهاية السعيدة المقحمة.
مثال آخر كان الفيلم الأرجنتيني The Secret in Their Eyes، الحائز أوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 2010، الذي أمركته هوليوود عام 2015 مع جوليا روبرتس ونيكول كيدمان، وكان رديئاً إلى درجة سخرية الصحافة الأميركية منه.
الأمثلة كثيرة وليست محصورة في هذين الفيلمين، لكننا اليوم أمام حالة فريدة من نوعها في هذه الحقبة الرقمية العجيبة من تاريخ السينما. «نتفليكس» العابرة للحدود تصنع أفلاماً أجنبية في كل دول العالم، وفيلم Bloody Red Sky ألماني من إنتاجات «نتفليكس» الأصلية، ويمزج صنفين سينمائيين بشكل مثير للاهتمام. السؤال لو رشح هذا الفيلم لجائزة «فهل سيعد أوروبياً أم أميركياً؟!».
الفيلم رديء منذ بدايته، لكن اخترنا نشر قراءة عنه، لأنه قد يكون فاتحة لغيره. والسؤال الأغرب هنا: «لو تقدم استوديو أميركي لشراء حقوق الفيلم وإعادته (أمركته) بشكل لا يسعى إلأى إرضاء الجمهور الأميركي كما كان الوضع في التسعينات وقبلها ولكن لصنعه بشكل يحسن توظيف الصنفين المذكورين آنفاً».
هذا الفيلم من إخراج الألماني بيتر ثوروارث، ويصلح أن يكون مثالاً يحتذى به في كيف لا يجب أن تصنع فيلماً! يأخذ الفيلم أفكاره من فيلم «من الغسق إلى الفجر» 1996، و«أفاعي في طائرة» 2006، و«قطار إلى بوسان» 2016، ويمزجها بشكل فوضوي جداً متمثل في لقطات أكشن ضعيفة جداً ومشاهد استرجاعية تستنزف زخم القصة، وكل هذا في مدة طويلة جداً بالنسبة لفيلم كان يجب أن ينتهي في 90 دقيقة حداً أقصى.
ناديا (بيري بوميستر) مسافرة عبر الأطلسي برفقة ابنها إلياس (كارل أنتون كوتش)، تُختطف الطائرة من قبل مجموعة إرهابية تنوي إسقاطها. من الواضح أن ناديا تخفي سراً يريد المخرج كشفه بأسرع وقت ممكن.
«بلود ريد سكاي» يجب أن يكون فيلماً يأخذ منعطفاً حاداً في منتصفه، أو حتى بعد ذلك عندما يكتشف الإرهابيون شيئاً لم يتوقعوا وجوده ولم يخططوا له. تخيل هذه القصة من وجهة نظر الإرهابيين المنهمكين في عملية اختطاف ثم فجأة تتحول القصة إلى وجهة نظر البطلة عندما يكتشف الأشرار أنها في الحقيقة مصاصة دماء.
لا نفسد شيئاً لأن هذا ليس سراً بل يكشف في الفيديو trailer الترويجي للفيلم نفسه! هذه قصة أم عازبة تعرضت لحادث منذ سنوات حولها إلى مصاصة دماء، وتتناول أدوية لإبقاء حالتها داخل جسدها وإخفائها قدر المستطاع، لكن العنف على الطائرة لا يترك مجالاً لذلك، ويبعث شخصية مصاصة الدماء إلى الخروج لتشرب دماء الإرهابيين!
فكرة الفيلم في حد ذاتها جميلة وجيدة وتروق للكثيرين، لكن السيئ طريقة معالجتها الروتينية! لماذا يكشف لي فيلم عن اختطاف طائرة أن إحدى المسافرات مصاصة دماء في الفيديو الترويجي؟ أين المفاجأة؟ لا يوجد منطق في الفيلم حتى بمعايير فكرته الخيالية. مشاهد العنف التي تسبق تحول ناديا ضعيفة جداً، والممثلون كأنهم غير مقتنعين بالفكرة ويعطون أقل ما عندهم. علاقة ناديا/ إلياس مصممة لإضافة الرابط العاطفي وهي علاقة فاعلة إلى حد ما، بسبب أداء بوميستر وكوش، لكنها على حساب فكرة الفيلم أو ما يجب أن يكون عليه. السؤال: «هل هذا فيلم مصاصة دماء ضد إرهابيين؟ أم علاقة أم وابنها؟»، التركيز على الثاني أكثر من الأول! مشهد قتل البطلة في البداية أو بعد تحليق الطائرة بدقائق، وهو موجود في الفيديو الترويجي يقوض مشهد القتل أساساً، ويقلل من قيمته وقضى حتى على التوتر الذي يولده مشهد كهذا. ثم إن القاعدة المعتمدة سينمائياً هي: «لا تقتل بطلتك في البداية إلا إذا كنت صانع أفلام أسطورة تعلم تماماً ما تفعله».
وهناك جزئية إلصاق تهمة اختطاف الطائرة بإرهابيين عرب أو متطرفين إسلاميين، التي لم يكن لها أي داع في فيلم عن مصاصة دماء ضد إرهابيين!
يحتوي الفيلم على فكرتين يمكن أن تستخدما بشكل يرتقي بالقصة: الأولى مصاصة دماء ضد إرهابيين على طائرة، وهي فكرة فريدة من نوعها في صنف الرعب، والثانية فكرة أم تحاول حماية ابنها من نفسها ومن أخطار الحياة بشكل عام أو ما هي التضحيات التي ستبذلها أي أم لحماية ابنها؟ الفيلم لا يُحسن التعامل مع أي فكرة، ويجعلك تندم على السفر مع ثوروارث على متن هذه الرحلة المملة والعبثية.
• الفيلم لا يُحسن التعامل مع أي فكرة، ويجعلك تندم على السفر مع «ثوروارث» على متن هذه الرحلة المملة والعبثية.
• القاعدة المعتمدة سينمائياً هي: «لا تقتل بطلتك في البداية إلا إذا كنت صانع أفلام أسطورة تعلم تماماً ما تفعله».
للإطلاع على الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.