«ذا باتمان» بطيء وطويل ويعاني اختلالاً في النبرة
«ذا باتمان»، إعادة إطلاق لواحدة من أكثر شخصيات «دي سي كوميكس» شعبية، تعيد السلسلة إلى الواجهة مرة أخرى. لم تحظَ سلسلة بإعادات إطلاق كما حظيت «باتمان»، إذ أطلقت سينمائياً للمرة الأولى عام 1966، والثانية عام 1989 تحت إدارة تيم بيرتون، والثالثة 1995 لجويل شوماخر، والرابعة لكريستوفر نولان في 2005، والخامسة لزاك سنايدر في 2016، وهذه السادسة.
لم تنجح سلسلة كما نجحت ثلاثية نولان 2005 - 2012 التي أحدثت ثورة في عالم أفلام القصص المصورة، عندما أخرجتها من القالب المتصنع المبتذل وأدخلتها في قالب الجدية والواقعية.
هذه السلسلة الجديدة من إخراج مات ريفز أقرب إلى رؤية نولان الجادة وبعيدة عن سخافات سنايدر وهرائه. هذه الرؤية تركز أكثر على العنصر الإنساني للشخصية أكثر من شجاعتها، ولو أن الأخيرة يصعب إخفاؤها.
لو كانت ثلاثية نولان التحفة من ناحية الموضوع عبارة عن أفلام عصابات داخل قالب أبطال خارقين، فإن فيلم ريفز هو أساساً عن لغز قاتل متسلسل مع عناصر أفلام القصص المصورة.
كل الجوانب الجمالية في الفيلم تدين لإرث موجة «الفيلم نوار» الثانية التي سادت هوليوود من آخر الستينات حتى بداية الألفية الجديدة، وكانت ذروتها في السبعينات. ومن ناحية الأسلوب فإن الفيلم متأثر بشدة بتحفة نولان.
مثل أي فيلم جريمة، «ذا باتمان» يتعامل مع موضوعات السرية والهوية وكشف أسرار غير متوقعة (للمشاهد المتمرس هي متوقعة). البطل قلق ومعذب، أما الشرير فهو حاقد ومعقد. يوجد الكثير من أسياد الجريمة والكثير من أفراد الشرطة الفاسدين، ولا أحد ولا حتى باتمان يتمتع بقوى خارقة أو قدرات خاصة.
تركز القصة على سلسلة جرائم قتل وعلى قدرة وعزيمة مقتص مدينة غوثام المتخفي في زي خفاش لكشف المجرم وإيقافه، وفي الوقت نفسه يتصارع البطل مع شياطينه الداخلية. من الواضح تأثر ريفز واستعارته من أفلام الجريمة في عقد الأربعينات (موجة الفيلم نوار الأولى)، كما أنه لا يخفي تأثره برؤية ديفيد فنشر لموجة «نوار الثانية» والتي تجسدت من خلال فيلمي فينشر «سبعة» في 1995، و«زودياك» عام 2007.
هناك فجوة واضحة بين أفلام «مارفل» و«دي سي»، فالأولى تخفف نبرة أفلامها قدر المستطاع، بينما الثانية خففت قليلاً من نبرتي فيلمي «ووندر وومان» و«أكوامان»؛ لكن «باتمان» بقي قاتماً وكئيباً وظلامياً.
عدم ثقة
«ذا باتمان» ليس قصة أصل شخصية، فهو يبدأ بعد فترة من اختراع الملياردير المنعزل عن العالم بروس وين (روبرت باتنسون) بدلته الإيقونية وانطلاقه لمحاربة الجرائم في الشوارع، كما فعل أشهر مقتص في السينما الراحل تشارلز برونسون في سلسلة «أمنية موت» Death Wish، عام 1974.
لا يثق أفراد شرطة مدينة غوثام بباتمان، باستثناء الملازم جيم غوردون (جفري رايت) الذي قرر التحالف مع الخفاش رغم عدم معرفته بهويته الحقيقية.
وبالطبع لا أحد يعرف هويته الحقيقية سوى خادمه وسكرتيره الشخصي ألفريد (آندي سيركيس). لا أحد من مجرمي غوثام، بمن فيهم الزعيم كارمين فالكوني (جون تورتورو) ومساعده أزوالد كوبلبوت «ذا بنغوين» (كولين فيريل)، يدرك خطورة باتمان على أعمالهم، وبالتالي فهو لا يقلقهم، بالطبع هذه الحقيقة لن تدوم بعد نهاية أحداث الفيلم.
يستخدم غوردون إشارة استدعاء باتمان ليساعده في حل جريمة مقتل حاكم غوثام المحبوب (لكن الفاسد) دون ميتشيل في ليلة هالوين. القاتل الذي يطلق على نفسه لقب «ذا ريدلر»، أي مؤلف الألغاز (بول دانو)، بسبب تركه ألغازاً وأسئلة خلفه، يحير المدينة فهو يستهدف مسؤولين حكوميين في مناصب عليا أو مسؤولي شرطة.
بينما يعمل غوردون على حل الجرائم وكشف هوية القاتل باستخدام أساليب الشرطة التقليدية، فإن باتمان يفعل الشيء نفسه بأساليب لا يستطيعها حليفه.
وهذا ما يجلبه إلى فالكوني، «ذا بنغوين» وسيلينا كايل (زو كرافتز)، وهي امرأة شابة لها ولع شديد بسرقة المجوهرات، خصوصاً تلك التي على شكل قطط. وبمجرد ذكر هذا الشيء عنها فمن الواضح عن أي شخصية نتحدث.
قصص فرعية
«ذا باتمان» فيلم طويل جداً يمتد لثلاث ساعات كاملة، ويعاني قصصاً فرعية تعرقل مطاردة المجرم وألغازه فيختفي في الخلفية. ريفز وكاتب السيناريو بيتر كريغ يستحقان الاحترام على طموحهما، لكن مدة الفيلم مثل اللعنة عليه، فهو يعاني اختلالاً شديداً في نبرته، وهو بطيء جداً لدرجة تبعث على الملل، وكان بإمكان ريفز إلغاء نصف ساعة على الأقل أو ضغط الأحداث في ساعتين.
باتنسون - باتمان الجديد - وخليفة بين أفليك في الدور، ظهر شاحباً وبنبرة واحدة طوال الفيلم، وقد يكون هذا مطلوباً منه، لكن الأداء يثير الضجر، كما مدة الفيلم.
مشاهد الأكشن قليلة جداً بالنسبة لفيلم من هذه النوعية، لكنها متقنة جداً. بشكل عام يركز الفيلم على جانب التحقيق أكثر من أي شيء آخر، وكذلك على الجانب التحليلي للألغاز، ومحاولة الوصول إلى حلول من خلال متاهات.
«ذا ريدلر» الذي جسّده جيم كيري في «باتمان للأبد» عام 1995، وظهر أول مرة في القصص المصورة عام 1948، قد لا يكون شيطانياً مثل «الجوكر» في «فارس الظلام»، لكنه شرير بما يكفي ليكون نداً لباتمان. ريفز مخرج بارع اشتهر كثيراً من خلال تطوير أفلام مستهلكة بإضافة لمسات تجديدية عليها، وأشهر أعماله في هذا الصدد «سلسلة كوكب القردة» 2014 و2017؛ وقبلهما كلوفرفيلد 2008.
لو كنت تقصد فيلم أكشن، فهذا الـ«باتمان» حتماً ليس لك، وإن كنت تقصد فيلماً يتعمق في شخصية المقتص في زي خفاش، فهو بالتأكيد فيلمك، لكن يجب أن تكون صبوراً.
للإطلاع على الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.
• ليس جديداً
القاتل مؤلف الأحجيات ليس جديداً في السينما، فقد شاهدناه في تحفة ديفيد فنشر «سبعة» عام 1995، وجسّده ببراعة المطرود من «هوليوود» كيفن سبيسي. في العام نفسه بالضبط ظهر إرهابي الأحجيات الكلاسيكي سايمون بيتر غروبر في الجزء الثالث من سلسلة «داي هارد»؛ وجسّد الشخصية البريطاني جيريمي آيرونز بأداء استحق بسببه أن يضاف اسمه على قائمة أشهر أشرار السينما.
بعدها في عام 2004 جاءت سلسلة أفلام Saw «المنشار» بقاتل أحجيات مهووس بألعاب التعذيب اسمه jigsaw أي الأحجية، وجسّده العجوز توبين بيل في أداء أيقوني جعل شركات تصنيع المقتنيات تطلب ترخيصاً لصنع دمى على شكل الشخصية تباع في كل أرجاء الولايات المتحدة والعالم لمواكبة هوس معجبي السلسلة بالشخصية.
• المخرج ريفز وكاتب السيناريو بيتر كريغ يستحقان الاحترام على طموحهما، لكن مدة الفيلم مثل اللعنة عليه. وباتنسون - باتمان الجديد - وخليفة بين أفليك في الدور، ظهر شاحباً طوال الفيلم.
• لو كنت تقصد فيلم أكشن، فهذا الـ«باتمان» حتماً ليس لك، وإن كنت تقصد فيلماً يتعمق في شخصية المقتص في زي خفاش، فهو بالتأكيد فيلمك، لكن يجب أن تكون صبوراً.
• 1966
العام الذي أُطلقت فيه سلسلة «باتمان» سينمائياً للمرة الأولى.