أقرب إلى فيديو ترويجي منه إلى فيلم
«أمبيولانس».. أكشن بلا معنى يصيب المُشاهد بالدوار
عرفت «هوليوود» في التسعينات نوعين من سينما الفوضى، النوع الأول الفوضى المنظمة، ورائدها المخرج الصيني جون وو. والفوضى العبثية، ورائدها مخرج هذا الفيلم Ambulance مايكل باي. الفوضى المنظمة يعني كل لقطات الأكشن تحمل دماراً شاملاً، لكن هناك تخطيطاً مدروساً أقرب إلى استعراض يسبق الدمار.
الفوضى العبثية يعني أنك لا تفهم شيئاً مما يحدث، وفقط تشاهد أشياءً تتحطم أمام عينك. أطلقت «هوليوود» على باي لقب رائد سينما الفوضى والدمار في التسعينات بعد فيلميه الشهيرين: «باد بويز» والأفضل منه «ذا روك»، لكن بعد ذلك ضلّ باي الطريق.
إذا كنت مهتماً بحركة الكاميرا السريعة جداً والاستعراضية أكثر من اهتمامك بالشخصيات فهذا الفيلم لك. وإذا كنت مهتماً بالمونتاج السريع وزوايا التصوير الغريبة واللقطات المعوجة أكثر من السيناريو فهذا الفيلم لك.
وإذا كنت مهتماً بحوارات قصيرة وتوتر شديد وأكشن بلا معنى فهذا الفيلم لك، أما إذا كنت تريد مشاهدة فيلم فني حقيقي فلن تجده في هذه الفوضى العارمة. في النهاية أنت تشاهد فيلماً لمايكل باي، وهو ليس أفضل أفلامه وإنما حتماً أفضل من سلسلة أفلام «ذا ترانزفورمرز».
لقطات عفوية
يبدأ «أمبيولانس» كأنه فيلم توثيقي، كل اللقطات عفوية كأنها غير مخططة. تشعر بالفوضى منذ الدقيقة الأولى، وثلثا الفيلم الممتد لـ135 دقيقة داخل سيارة إسعاف تخوض مطاردة في شوارع مدينة لوس أنجلوس. الغريب أن شوارع المدينة كما نراها في الفيلم خالية من الازدحام، وهذا ما يقوض صدقية الفيلم.
أحياناً يقترب الفيلم من أجواء فيلم الأكشن الرائع Speed عام 1994، لكن هذا الأخير يتمتع بسياق سياسي رصد جنون إرهاب المتفجرات والتفخيخ الذي ضرب أميركا في التسعينات، ويتمتع بقصة ممتعة وشخصيات آسرة، ولو شاهدته اليوم لوجدته يصمد في اختبار الزمن. «سبيد» ليس مجرد حافلة مفخخة تنفجر لو قلت سرعتها عن 60 ميلاً في الساعة، بينما «أمبيولانس» لا يتمتع بشيء يذكر.
يبدأ الفيلم بشخصية ويل (يحيى عبدالمتين الثاني)، من المشهد نفهم أنه رجل صالح، وجندي بأوسمة، لديه ابن وزوجته بحاجة إلى عملية ترفض شركة التأمين تسديد ثمنها البالغ 200 ألف دولار ولا يوجد أحد مهتم بصحتها.
يبالغ السيناريو جداً في عرض الحالة إلى درجة أنك تشعر بأن الموضوع ساخر. يحتاج ويل إلى قرض، فيتوجه إلى أخيه بالتبني، وهو لص اسمه داني (جاك ييلنهيله) الذي يبحث عن شخص يكمل به عدد عصابته لعملية سطو مسلح يخطط لها.
يتضح أن داني لا توجد لديه خطة أصلاً، وعندما يتعرض للمشكلات فإنه يختطف سيارة إسعاف ليهرب من المأزق. هناك مشكلة، وهي أن سيارة الإسعاف تحمل مريضاً وهو شرطي مصاب بجراح خطرة، لأن ويل أطلق عليه النار أثناء السطو، والمسعفة (إيزا غونزاليس) تحاول إنقاذه.
ييلنهيله ضعيف في دور شرير لا يتطلب فعل الكثير، بينما عبدالمتين وغونزاليس يفعلان ما بوسعهما في دورين غير مكتوبين بشكل جيد. وبغض النظر عن المبالغة الشديدة في أحداث الفيلم، إلا أنهما لا يبثان مشاعر عبر وجهيهما.
تسلية
هذا الفيلم إعادة من فيلم دانماركي بالعنوان نفسه إصدار عام 2005، اختاره باي بعد أن كان على حافة الجنون بسبب قيود «كوفيد-19»، التي عطلت المشروع الذي كان يريد صنعه، فاختار عملاً منخفض الميزانية لا يتجاوز 40 مليون دولار، وبعدد طاقم محدود ولقطات أكشن محدودة أيضاً، وهو هذا الفيلم. بكلمات أخرى، باي صنع هذا الفيلم كتسلية حتى تتهيأ الظروف لصنع الفيلم الأكبر الذي كان بصدد العمل عليه.
عادة، عندما يحدث ذلك، أي عندما يتسلى مخرج بفيلم صغير حتى تتسنى له ظروف صنع الفيلم الأكبر، فإن النتائج تكون مبهرة وتحقق الأفلام الصغيرة نجاحاً منقطع النظير، لكن الحظ لم يحالف باي وأخفق «أمبيولانس» في شباك التذاكر الأميركي والعالمي.
من البداية المتعثرة البطيئة المملة إلى مشهد السطو الفوضوي، هذه الـ45 دقيقة فاقدة تماماً لأي نوع من الإيقاع. وكأن الفيلم في حالة موت سريري. بمجرد أن تبدأ المطاردة يلجأ باي لأسلوبه المعروف: لقطات استعراضية سريعة جداً لا يستوعب عقل المشاهد ماذا يحدث، مونتاج سريع يواكب سرعة التصوير، الكاميرا تحلق فوق رؤوس الممثلين وهم يتبادلون سطور الحوار السريعة والمختصرة، أو تطير منخفضة عند مستوى صدورهم وتتحرك معهم أو تلتف عليهم أو تدخل بينهم، ومع الوقت يصاب المُشاهد بالدوار.
هذا الفيلم مضيعة للوقت ولا يستحق المشاهدة، وسيئ جداً، ولا يحوي لغة بصرية ولا إيقاعاً، ويعاني انعدام انسيابية اللقطات، وهو أقرب إلى فيديو ترويجي trailer منه إلى فيلم.
للإطلاع على الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.
مخرج تحوّل إلى ديناصور
مشكلة المخرج مايكل باي أنه تحوّل إلى ديناصور في «هوليوود»، فهو لم يغيّر أسلوبه قط منذ عام 1995، وهذا الأسلوب لم يعدّ يتماشى مع «هوليوود» اليوم. لا شك أن باي صنع أفلاماً ترفيهية جداً (ذا روك عام 1996 مازال يمثل ذروة مسيرته السينمائية)، لكن باي وهو مخرج أغان سابق بحاجة اليوم إلى تجديد نفسه، وإعادة اكتشاف الصلة بالواقع، وحتماً «أمبيولانس» ليس فيلماً مناسباً لذلك.
135
دقيقة، مدة الفيلم الذي تشعر بالفوضى منذ دقيقته الأولى.
إذا كنت مهتماً بحركة الكاميرا السريعة جداً والاستعراضية أكثر من اهتمامك بالشخصيات.. فهذا الفيلم لك.
من البداية المتعثرة المملة إلى مشهد السطو الفوضوي، هذه الـ45 دقيقة فاقدة تماماً لأي نوع من الإيقاع.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news