في ظل غياب موسوعة شاملة تثري المهتمين بالفن السابع
توثيق مسيرة السينما الإماراتية.. مبادرات فردية تنتظر مزيداً من الدعم
رغم أن السينما الإماراتية استطاعت أن تحقق خطوات واسعة في مجال صناعة وعرض الأفلام المحلية منذ انطلاقتها وحتى الآن؛ فإنها لم تستطع أن تحقق القدر نفسه من النجاح في مجال توثيق مسيرتها والتأريخ للمراحل التي مرت بها، والجهود التي بذلت على مدى هذه المسيرة. وإلى الآن لا يمكن الجزم بوجود موسوعة شاملة وموثقة ومتاحة للباحثين والمهتمين تقدم توثيقاً لمسيرة السينما في الإمارات، ولكن هناك مبادرات عدة في هذا الاتجاه، لكنها فردية لم تجد مساندة رسمية لتستمر، وتكتسب مزيداً من الزخم والانتشار والاستمرارية.
«الإمارات اليوم» ترصد عدداً من تلك المبادرات، من بينها مبادرة مهرجان العين السينمائي في دورته الرابعة، التي نظمت في يناير الماضي، عبر إطلاق «موسوعة السينما الإماراتية»، حسب مدير المهرجان عامر سالمين المري، الذي أوضح أن الموسوعة هي كتاب أرشيفي يتضمن تاريخ ومراحل تطور السينما في الإمارات ومسيرتها وإنجازاتها خلال الـ50 عاماً الماضية، بدءاً من تأسيس أول دور عرض وأماكن السينما القديمة الشهيرة، وتطور صالات العرض في الإمارات، وبدايات الفيلم الإماراتي وتطوره سواء القصير أو الطويل، بهدف تقديم محتوى معرفي للقارئ الخليجي والعربي عن تاريخ وإنجازات السينما الإماراتية، وأن تكون الموسوعة بمثابة مرجع للباحثين والمتخصصين والمبدعين والطلبة ولكل صناع السينما بشكل عام.
«آرت هب»
بينما لم تقتصر مبادرة المنتج والمخرج عادل الحلاوي على السينما فقط، إذ هدفت إلى جمع المواهب والإبداعات في مجالات مختلفة عبر منصة رقمية تحمل اسم «آرت هب»، وهي عبارة عن تطبيق رقمي هو الأول من نوعه في الإمارات والوطن العربي، كما ذكر صاحب المبادرة في بيان، مشيراً إلى أن الفكرة راودته حينما واجه صعوبات في البحث عن المواهب والعاملين في المجال الفني أثناء تحضيره لفيلمه «المقاتل الذي لا يهزم»، ولذلك فكر في إطلاق تطبيق يهدف إلى ضم وتسليط الضوء على الإبداعات في مجالات السينما والتلفزيون والإنتاج والوسط الفني، كما يشمل المسارح والإذاعة والمنتجات والمواد والموارد للإنتاج الفني من تمثيل وإخراج وكتابة ورسم وتصوير وغرافيك ومونتاج وتوزيع، بما يعمل على تسهيل عملية التعارف إلى الآخر من جهة، ومن ناحية أخرى لدعم الأفكار وتبادل الآراء حول الإنتاجات الإبداعية في السينما والتلفزيون.
وأوضح الحلاوي أن «آرت هب» سيكون عبارة عن منصة شاملة، تهدف إلى تقديم الدورات التدريبية في مجالات فنية عدة، وخاصية الإشعارات للمشتركين التي تمكنهم من معرفة أبرز الفعاليات الفنية وأحدث الانتاجات السينمائية وعروض الأفلام، ومواقع الفنانين المختصين بالمحتوى الإبداعي، هذا إلى جانب توفير صفحة خاصة بالأدوار والمهام والتي تمكن المشتركين والأعضاء من البحث عن وظيفة معينة في عمله الفني الذي ينفذه، وتقديم إعلان خاص للبحث عن ممثلين أو تقنيين أو منتجين وغيرها من المجالات.
أرشيف
وكانت جامعة زايد قد أطلقت في عام 2013 مكتبة وأرشيف السينما الوطنية، في إطار فعاليات ومبادرات «مهرجان جامعة زايد السينمائي للشرق الأوسط»، وضمت المكتبة التي كانت تقتصر خدماتها على البحث والاطلاع الداخلي بإذن مسبق، أقساماً عدة تجمع أفلاماً تم إنتاجها أو المشاركة في إنتاجها محلياً، وأخرى بتمويل إماراتي، إلى جانب الأفلام المحلية التي شاركت في دورات مهرجاني دبي وأبوظبي السينمائيين الدوليين، ومسابقة «أفلام من الإمارات»، ومهرجان الخليج السينمائي، ومهرجان جامعة زايد الشرق الأوسط للأفلام.
واعتمدت المكتبة ذات الطابع العصري أحدث التطبيقات في حفظ وأرشفة وعرض المواد السينمائية المختلفة وتيسيرها للباحثين في ذلك الوقت، مجسّدة بذلك المركز الوطني الوحيد والأول من نوعه في منطقة الخليج لتوثيق مراحل تطور صناعة الأفلام في الإمارات وحفظها للأجيال المقبلة، وفق ما أوضح القائمون عليها خلال الافتتاح.
حملة
وفي العام التالي؛ أطلق المخرج نواف الجناحي مبادرته «حملة السينما الإماراتية»، التي تضمنت إطلاق موقع إلكتروني للحملة تضمن معلومات وأرقاماً حول جهات الإنتاج في الدولة، وأماكن دراسة السينما، والإحصاءات عن الإنتاج السنوي، إلى جانب توضيح مفهوم السينما الإماراتية، وأنها تتضمن الأفلام المصنوعة من قبل سينمائيين إماراتيين، وكذلك سينمائيين مقيمين من جنسيات مختلفة، وأيضاً الأفلام التي تنتج بتمويل إماراتي، والأفلام الأجنبية التي تصور في العديد من المواقع في الإمارات.
وتضمنت الحملة التواصل مع الجمهور عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والقيام بجولة بالدراجات الهوائية، والتي كان من المقرر أن تقام سنوياً في مختلف إمارات الدولة، وتهدف إلى التواصل المباشر مع الجمهور في الأماكن العامة، والإضاءة على السينما الإماراتية، وتحفيزهم لمتابعة أفلامها، بالإضافة إلى تنفيذ أعمال فنية متنوعة مستلهمة من السينما الإماراتية، يتولى تنفيذها فنانون متخصصون، وتوزع في أماكن عامة أو لها علاقة بالثقافة والتعليم للفت انتباه الجمهور والتواصل معه والترويج لثقافة السينما والأفلام الإماراتية.
قيد الإنشاء
إلى جانب هذه النوعية من المبادرات التي ارتبطت بتوثيق جوانب من مسيرة صناعة السينما في الدولة، هناك مشاريع وكتابات أخرى سعت لتوثيق السينما منذ بدايات عرض الأفلام في الإمارات، فقدم المخرج والكاتب سعود الملا فيلماً وثائقياً بعنوان «السينما الإماراتية قيد الإنشاء»، الذي تحدث عنه في تصريحات تعود لعام 2012، يتناول فيه تاريخ السينما في الإمارات، وهو موضوع رسالة الدكتوراه نفسها التي قام بإعدادها، وضم الفيلم ثلاثة أجزاء: الأول يتناول تاريخ السينما كعرض. وتناولت موضوع أول سينما في الإمارات، والتي كانت تعود للمعسكر البريطاني في عام 1848. أما الجزء الثاني فركز على بداية الإنتاج السينمائي في الدولة، إذ يعد فيلم «عابر سبيل» للمخرج علي العبدول أول فيلم إماراتي، وصور في ذلك الوقت بكاميرا تلفزيونية.
في حين يتناول الجزء الثالث من الفيلم الفترة الأخيرة مع بداية الاهتمام الحكومي بالسينما ودعمها عبر المهرجانات السينمائية التي كانت تنظم في الدولة، وهي مهرجان دبي السينمائي، ومهرجان أبوظبي السينمائي، ومهرجان الخليج، أو من خلال شركة «إيمج نيشن» التي تعد إحدى الشركات العالمية في مجال إنتاج الأفلام الروائية الطويلة، لافتاً إلى أنه استعان في بحثه وتصوير عمله بالأفلام التي كانت تعرض من قبل للتوثيق، وارتكز في بعض الأحيان على ما كتبه المؤرخون، مثل الباحث ناصر العبودي الذي يعدّ الوحيد الذي تحدث عن السينما الإماراتية، والعديد من الأشخاص الذين كانوا يذهبون إلى السينما في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
مراحل تطوُّر.. بالصور
قدم الفنان والمصور الفوتوغرافي الإماراتي عمار العطار، معرضاً فنياً في عام 2018، بجامعة نيويورك أبوظبي، بعنوان «السينما في دولة الإمارات»، تتبع فيه بدايات دور السينما وعروضها في الدولة عبر مجموعة كبيرة من الصور والوثائق والمواد التي سعى من خلالها لرسم صورة بانورامية لمراحل تطور دور السينما المستقلة التي بنيت في بدايات سبعينات القرن الماضي، وما آلت إليه في الوقت الحالي، والدور الذي قامت به في المجتمع، باعتبارها مراكز فنية وثقافية قدمت لزوارها أعمالاً فنية وترفيهية في وقت يعتبر مبكراً نوعاً ما.
كما استعرض جوانب من الثقافة السينمائية في دولة الإمارات ومنطقة الخليج من خلال رصد ظواهر عدة، من بينها الطقوس العائلية الأسبوعية المتمثلة في الذهاب إلى صالات السينما، أو الملصقات الدعائية المستخدمة في ترويج الأفلام أمام شريحة عريضة ومتنوعة من الجمهور.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news