من أفضل أفلام العام
«Air» اتفاق الحذاء يعيد تعريف الصفقات الرياضية
ماذا تُسمي فيلماً يحكي قصة نجاح حملة إعلانية لمنتج رياضي ترتديه أسطورة رياضية أطلقتها شركة منتجات رياضية شهيرة؟ هل تُسمي الفيلم باسم الشركة وهو ليس عنها؟ أم باسم البطل الرياضي والفيلم ليس عنه؟ أم باسم المنتج الذي يبقى مجرد جماد لا قيمة له دون ارتباطه باسم الشخصية التي سترتديه؟
فعلاً، اختيار اسم الفيلم جاء بقرار ذكي من مخرجه بين أفليك، الذي ركز على المنتج في العنوان فقط، وتجاهل اللاعب والشركة إلى حد كبير. لكن حتى لو تجاهلهما فهل هما بحاجة إلى تسويق فيلم؟
الرياضة الاحترافية خليط من إنجاز رياضي وعقد عمل بملايين الدولارات. وعندما يتعلق الأمر بفيلم عن موضوع رياضي، فإن الأغلبية تركز على الإنجاز. فيلم AIR - والمقصود الوسادة الهوائية داخل أحذية الرياضيين - عن قصة حقيقية وقعت عام 1984، عندما وقّعت شركة «نايكي» للمنتجات الرياضية عقداً خيالياً آنذاك مع لاعب رابطة كرة السلة الأميركي مايكل جوردان.
منافسة
عام 1984، حسب الفيلم الذي وزعته وعرضته «استوديوهات أمازون» سينمائياً في أبريل، ثم نقلته إلى خدمتها «برايم فيديو» الشهر الماضي، كانت شركة «نايكي» تمتلك أقل من 20% من الحصة الرياضية في السوق الأميركية، التي تربعت شركتا «كونفيرس» و«أديداس» على عرشها.
ثم تقدمت «نايكي» عن طريق الموظف سوني فاكارو (مات ديمون) بعرض لتبني ما رآه فاكارو أسطورة رياضية واعدة اسمها مايكل جوردان. العرض هو تبني الشركة له بتصميم حذاء رياضي خاص يحمل اسمه واسم التقنية التي صمم لها Air Jordan.
فاكارو رجل صريح وذو عزيمة كبيرة ولا يقبل رفض طلبه ومستعد للذهاب إلى حيث يضطر الذهاب وطرق أي باب يضطر إلى طرقه ليحصل على العقد الذي يريده. من الفيلم نفهم أن فاكارو رجل بأفكار تسبق زمنه، أو كما يسميه الفيلم: إصلاحي رياضي.
مايكل جوردان وقتها كان في المركز الثالث في قائمة أهم لاعبي فريق شيكاغو بولز الشهير، وكان مبتدئاً، ولكن موهوباً جداً في اللعبة. ورهان فاكارو كان كبيراً عليه ليخرج قسم منتجات كرة السلة الخاص بالشركة من الركود.
هناك زميلان لفاكارو لا يتفقان مع أسلوبه، الأول روب ستراسر (جيسن بيتمان)، والثاني هوارد وايت (كريس تاكر)، وبالطبع مثل كل الأفلام المماثلة، فهما يعارضان في البداية ثم يركبان الموجة بمجرد أن يبدأ فاكارو السير في الطريق الصحيح.
يفضل جوردان التوقيع مع «أديداس» كونها راعية رياضية كبيرة، ولكن فاكارو يفعلها ويتجاهل الممثل التجاري لجوردان وهو ديفيد فولك (كريس مسينا)، صاحب الفم القذر من كثرة شتائمه. ذهب فاكارو مباشرة إلى والدة جوردان بنصيحة من وايت. والدة جوردان هي ديلوراس (فيولا ديفيس - مايكل جوردان الحقيقي طلب من أفليك أن تمثل ديفيس دور والدته). وهنا انقلبت الأمور لمصلحة فاكارو، ودخلت «نايكي» في المنافسة على عقد جوردان إلى جانب «أديداس» بمجرد أن وافق المدير التنفيذي للشركة فيل نايت (بين أفليك) على العرض.
براعة
قد نفاجئ القارئ لو قلنا إن هذا أفضل فيلم لهذا العام على الأقل حتى اللحظة، أو من الأفضل حتى لا نبالغ. يعود أفليك بقوة إلى كرسي الإخراج وممثلاً في دور مساعد، لكنه يعلم تماماً أنه لا يفاجئ المشاهد بشيء، ولا حتى قصة جديدة أو أصلية. هذه كلها معلومات عامة متوافرة على الإنترنت وفي بطون الكتب التسويقية، وتذكر كأمثلة في مساقات التخصصات التسويقية في الجامعات.
براعة أفليك الإخراجية تكمن في بساطتها واحترام عقل المشاهد، وعدم محاولة فرض أجواء تشويقية مصطنعة لسنا بحاجة إليها. أفليك يعلم أننا نعلم، فيلجأ إلى قوة الحوار وإنسانيته وطريقة إلقائه بأسلوب صديق عمره ومهنته ديمون، وهذان الصديقان يتشاركان أوسكار أفضل نص سينمائي أصلي لفيلم «جود ويل هنتنج» 1997.
لأننا نعلم أن الحملة الإعلانية والدعائية ستنجح، فإن مستوى التوتر منخفض، ويركز أفليك على عرض الخطوات التي أتبعها فاكارو لنيل مبتغاه بالتفصيل. لماذا؟ لأن هذا فيلم يعكس قصة حقيقية فعلاً وليس مقتبساً، وأضيفت إليه عناصر خيالية لزيادة جرعة الدراما. هنا تكمن قوة أفليك الإخراجية.
عندما تكون القصة حقيقية، فإن أفليك يعرض علينا مواد من أرشيف الأخبار: نرى مقاطع مباريات حقيقية، وعندما يقدم فاكارو العرض إلى جوردان في غرفة الاجتماع مستعرضاً صعوده المرتقب وأفوله المتوقع مستقبلاً، فإن أفليك يعرض عناوين صحف وأغلفة مجلات تتبع أخبار المشاهير كلها تتحدث عن لحظات جوردان الحزينة التي حدثت في ما بعد دون الخوض فيها أو ذكرها بتفاصيلها. هذا المشهد هو الأقوى في الفيلم. أضف إلى ذلك أن كل شخصيات الفيلم لاتزال على قيد الحياة، ومن الواضح أن أفليك استشارها أثناء كتابة النص.
المشاهد الحوارية الأبرز في الفيلم: الأول، فاكارو يواجه فيل في حوار عن أهمية المخاطرة وكسر القوانين. الثاني، ديفيد فولك يشتم فاكارو عبر الهاتف، الثالث، عندما يكشف روب السبب الحقيقي لعمله في «نايكي»، والرابع، كل الحوارات الصغيرة التي دارت بين فاكارو وديلوراس.
ديمون بطل الفيلم بلا منازع، وعبر السنوات الماضية تميز ديمون ببراعة في تنويع أدواره وعلى تجسيد رجل الشارع العادي أو رجل فاقد لياقته في منتصف العمر، ولا ننسى أن ديمون نجم الأكشن الأول منذ عقدين. رغم كل ما قدمه، فإنه لم يفز بأوسكار على أدائه قط. ديمون محاط بعصبة ممثلين مساعدين ممتازين وأفضلهم فيولا ديفيس وكريس مسينا.
يركز أفليك كثيراً على إبراز عناصر الثمانينات من خلال الديكور والأغاني وتقنيات ذلك الزمن، بل وصل إليه الهوس الموسيقي إلى إبراز مقطوعة Axel F الأيقونية من فيلم «شرطي بيفيرلي هيلز» الذي طرح في ذلك العام. ومن غير المعتاد استخدام موسيقى أيقونية لفيلم في فيلم آخر إلا إذا كانت الإشارة إليه مباشرة. ولا غرابة لأن يفعل أفليك ذلك وهو الذي كان مراهقاً في ذلك العقد.
• براعة أفليك الإخراجية تكمن في بساطتها واحترام عقل المشاهد، وعدم محاولة فرض أجواء تشويقية مصطنعة لسنا بحاجة إليها.
• عبر السنوات الماضية تميّز ديمون ببراعة في تنويع أدواره، وهو بطل الفيلم بلا منازع، ونجم الأكشن الأول منذ عقدين.
عمل يستحق
لا يظهر مايكل جوردان في الفيلم ولا يوجد أي إبراز لشخصيته، وغالباً يتم تصويره من الخلف.. ووالداه اللذان جسّداهما ديفيس وزوجها جوليوس تينون، لهما دوران أكبر من دور صاحب الحذاء.
هذا فيلم جميل جداً ويستحق المشاهدة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news