«إكستراكشن 2» يستعرض الأكشن بأسلوب اللقطات الطويلة

للمرة الثانية في هذا العقد.. والثالثة في 15 عاماً.. والرابعة في عقدين، يخرج إلينا فيلم يحمل سمات سينما الأكشن الحديثة التي ولدت في القرن الـ21. فيلم بميزانية متوسطة ومغامرة عنيفة وشخصية اسمها جون رامبو أو جيسن بورن أو جون ويك، الثلاثة لهم سمات مشتركة: قاتل انسحب/ تقاعد من الميدان لكن الظروف تجبره على العودة.

يعاني ماضياً حزيناً مثل فاجعة موت زوجة أو ابن، ويؤدي الشخصية ممثل ذو ملامح باردة أو قاسية يتلقى مئات الضربات في الرأس والوجه والبطن ويصاب بطلق ناري أو طعنة سكين، أو يعاني ارتجاج انفجار قنبلة يدوية.. ورغم ذلك يستمر في القتال.

منذ 40 عاماً كانت الظروف هي الخروج المخزي من فيتنام، فانعكس ذلك في عضلات سلفستر ستالون وأرنولد شوارتزينيغر وتشاك نوريس في الثمانينات. ثم تجددت سينما الأكشن بدخول واسع الحيلة جون مكلين (بروس ويليس) الذي يهزم أعداءه من بقايا الشيوعيين بمسدس وذكاء بدل العضلات.

ثم دخل جيسن بورن في الألفية الجديدة وجاء بالواقعية في عصر ما بعد 9/11 وغزو أفغانستان والعراق وهيمن على العقد بأكمله. ثم دخل جون ويك ليكمل ما بدأه بورن بأسلوب فني لا يُعلى عليه. والآن لدينا «إكستراكشن» الذي أخذ من الشخصيتين وشق طريقاً منفصلاً. «إكستراكشن» يعود اليوم بجزء ثانٍ بعد النجاح الكبير الذي شهده الجزء الأول على منصّة «نتفليكس» في الربع الأول من 2020.

البطل الحزين

ما نشهده هنا هو ظاهرة القاتل البطل الحزين، وكريس هيمسوورث يُعدّ إضافة جديدة لسينما الأكشن، ويعطي بطل القصة تيلر ريك لمسة تجعله حقيقياً، خصوصاً لو علمنا أن الفيلم اقتبسه جو روسو - أحد مهندسي عالم مارفل السينمائي - من قصص مصورة.

يتمتع هيمسوورث بجسم رشيق وعضلات مفتولة، مثل ستالون وشوارتزينيغر في أيام مجدهما، لكنه أيضاً يتمتع بنطاق أوسع منهما في تقمص الشخصيات، وشاهدناه في أدوار متنوّعة قبل هذا الفيلم. ويتميز هيمسوورث بنظرة حزينة على وجهه تعطي هذا الفيلم طابعاً خاصاً.

كان تيلر من أفراد القوات الخاصة في الجيش الأسترالي، اختار الذهاب إلى أفغانستان، بينما كان ابنه يصارع مرضاً ولم يكن موجوداً حين توفي ابنه. حينها، انتهى زواجه وقرر ترك عمله والتحول إلى قاتل مرتزقة.

شعور تيلر بالذنب جرّاء فشله في الالتزام بواجبات الزواج والأبوة يشكل القوة الدافعة لسلسلة أفلام «إكستراكشن»، بالضبط مثل ما كان فقدان الذاكرة يشكل القوة الدافعة لسلسلة «بورن»، وكما يشكل الحداد قوة دافعة لسلسلة «جون ويك».

تشكل مغامرات تيلر قصص خلاص في فيلم أكشن، ويواجه فيها نسخاً من نفسه: آباء يسيئون معاملة أبنائهم أو يهملونهم أو يدفعونهم إلى اتخاذ قرارات قد تودي بحياتهم وأعداؤه آباء أشرار خذلوا عائلاتهم.

في الفيلم الأول شاهدنا تيلر ينقذ ابن زعيم عصابة مخدرات هندية مختطف في العاصمة البنغالية دكا. وافق تيلر على المهمة ليغفر إثم الماضي (في القصة المصورة يذهب تيلر إلى باراغواي بأميركا الجنوبية) ويتعامل تيلر مع الصبي كأنه ابنه.

في هذا الفيلم نرى تيلر في النمسا يمضي نقاهة فيدخل عليه رجل بلا اسم أو ربما اسمه ألكوت (إدريس إلبا). يبلغ ألكوت تيلر بأن زوجة الأخير السابقة تريد منه إنقاذ شقيقتها الموجودة، رغم إرادتها مع زوجها دافيت (تورنيك بزيافا) المسجون في سجن في جورجيا لقتله ضابط مكافحة مخدرات. وهنا نعلم أن تيلر كان متزوجاً من امرأة جورجية تجسّدها في الفيلم الأوكرانية أولغا كوريلينكو.

على تيلر إخراج شقيقة زوجته وابنها وابنتها وإبعادهم عن دافيت وشقيقه زوراب، وهما زعيما تنظيم مخدرات يسيطر على جورجيا، وقاتلان شرسان. بالطبع تتعقد الأمور وكل ما عليك معرفته أنك ستشاهد ثلاث لقطات أكشن طويلة هي الفيلم بأكمله وبها بعض المساحة لتطوير الشخصيات.

مشهد 21 دقيقة

اللقطة الأولى: مشهد أكشن 21 دقيقة كاملة بلا قطع، وهو مشهد هروب تيلر والعائلة المكلف بإنقاذها من السجن ثم ركوبهم قطاراً تطارده مروحيات محملة بمسلحين يرتدون ستراً واقية من الرصاص. يتضمن المشهد إلقاء قنبلة حارقة على تيلر فيتصدى لها بدرع ولكن يشتعل كم يده اليمنى ويقاتل بيد مشتعلة. نعم المشهد الذي استغرق تصويره شهراً كاملاً حقيقي وأشعل المخرج سام هارغريف يد هيمسوورث بنار حقيقية.

يستمر القتال على متن القطار وينضم حلفاء تيلر إليه وهما نيك (الإيرانية - الفرنسية غولشفته فرحاني) وياز (التونسي - الفرنسي آدم بيسا)، ويستمر القتال بالأسلحة النارية والسكاكين واللكمات وأي أداة ملقاة أرضاً.

هارغريف ممثل أدوار مجازفة تعاون مع هيمسوورث في أفلام «مارفل» في العقد الماضي، وانتقل إلى الإخراج حاله من حال تشاد ستاهلسكي الذي كان ممثل أدوار مجازفة في «ذا ميتريكس» مع كيانو ريفز وتعاونا معاً في «جون ويك».

ينتهج هارغريف خطه الخاص، فيترك الجماليات واللقطات المنخفضة لستاهلسكي ويوظف اللقطات القريبة جداً من الأكشن بشكل لم يفعله بول غرينغراس في سلسلة «بورن».

كان غرينغراس مخرج وثائقيات ووظف أسلوب الكاميرا المهتزة في الأكشن، بينما هارغريف يجعل الكاميرا شبه ثابتة خلف البطل أو بجانبه وتتحرك مع حركة البطل وضرباته، والأسلوب أقرب إلى طريقة ألعاب الفيديو. فإن تلقى البطل ضربة تتأثر حركة الكاميرا وكأن الضربة فيها وهكذا.

اللقطة الثانية والثالثة منمذجتان على فيلم Die Hard لجون مكتيرنان، والفيلم الصيني The Killer لجون وو في عامي 1988 و1989 على التوالي. فالثانية يُحاصَر فيها مبنى ويدور القتال فيه وحوله، والثالثة تنقل المعركة الأخيرة إلى كنيسة.

للتذكير، إذا كنت تبحث عن دراما فلن تجدها هنا، لأن «إكستراكشن 2» يركز على تقديم أكشن أكثر وأكبر وأشد من سابقه. وللتذكير، فإن هذا فيلم «نتفليكس» وليس سينما، يعني أن هذا فيلم منصّة إنترنت وليس من إنتاج هوليوود. هذا ليستوعب القارئ كيف تغيرت صناعة الأفلام في أقل من عقد.

وللتذكير أيضاً، فإن الكاتب جو روسو والمخرج هارغريف والبطل هيمسوورث كانوا معاً في أفلام عالم مارفل السينمائي، وانتقلوا جميعاً من ضخامة ذلك الإنتاج وأكثر الأفلام تحقيقاً للإيرادات في التاريخ إلى إنتاج متواضع مقارنة بـ«مارفل» ومن الشاشة الكبيرة إلى الشاشة الصغيرة. هذا ليستوعب القارئ أن سلسلة «إكستراكشن» خلقت خطاً جديداً في سينما الأكشن، وأن الانتقال من مشروع ضخم إلى آخر أصغر لا يعني بالضرورة تراجعاً.

زيادة مشاهدات

قد تكون السينما مكاناً أفضل لعرض فيلم مثل «إكستراكشن 2»، لكن «نتفليكس» ردّت على هذا الرأي بزيادة استثمارها في أفلام الأكشن، وبمجرد أن أعلنت المنصّة عن هذا الفيلم، زادت أعداد مشاهدات أفلام الأكشن الأخرى عليها.

• إذا كنت تبحث عن دراما فلن تجدها هنا، لأن الفيلم يركز على تقديم أكشن أكثر وأكبر من سابقه.

• يتميز كريس هيمسوورث بنظرة حزينة على وجهه تعطي هذا الفيلم طابعاً خاصاً.

• 3 لقطات أكشن طويلة هي الفيلم بأكمله، وبها بعض المساحة لتطوير الشخصيات.

 

الأكثر مشاركة