«ميغ 2: ذا ترينش».. السُخف والتفاهة يقوضان الصراع ضد القرش

أثبتت ظاهرة «باربنهايمر» - إشارة إلى الطرح المزدوج لفيلمي «باربي» و«أوبنهايمر»- أن الجمهور سيعود إلى صالات السينما لو كان المعروض شيئاً جديداً أو أصلياً أو جريئاً. وثبت كذلك بالدليل أن الأفلام غير المصنوعة ضمن معادلة روتينية محفوظة لدى الجمهور عن ظهر قلب من الممكن أن تنجح أكثر من الأفلام المصنوعة وفق المعادلة حتى لو كانت الأخيرة أسماء معروفة.

ليست مزحة إذا قلنا إن هذا الفيلم Meg 2: The Trench عبارة عن 116 دقيقة من التفاهة والسخف. فيلم غير قابل للمشاهدة وليس فيه ذرة منطق ولا يستحق أن يحجز له عرض سينمائي.

وموعد طرحه بعد «باربنهايمر» بأسبوعين إشارة إلى الظاهرة التي ظننا أن «كورونا» قتلتها ولكن الظاهرة عادت مرة أخرى وبشكل أكبر مما كانت عليه في الـ40 عاماً الماضية وعلى الأرجح ستستمر مستقبلاً.

«ميغ 2» هو البقرة الحلوب، من بدايته إلى نهايته لا يحاول حتى إثبات أنه ليس سيئاً. مؤثراته الخاصة احتلت مكان ما كان يسمى تطور الشخصية. يتبع المعادلة بشكل مخزٍ ومنحل من أي فن. وهو ما يسمى فيلم أغسطس، وفرق شاسع بين أفلام أغسطس وبقية الأفلام، أي أن «هوليوود» اعتادت طرح أفلام تافهة في هذه الفترة من العام لعلمها أن معظم الجماهير في كل العالم في إجازة الصيف وأكثر قابلية لإمضاء الوقت في الصالات.

في أغسطس 2018 شاهدنا «ذا ميغ» الأصلي وكان هراء للتسلية العامة يتمتع بثقة عالية في النفس كي يذكرنا بفيلم Jaws لستيفن سبيلبيرغ عام 1975، والذي أجمع المؤرخون أنه صنع ظاهرة «البلوكباستر».

يحاول «ميغ 2» أن يبرر وجوده فنرى مقدمة من حقبة الديناصورات، حيوان بحري زاحف يأكل سمكة ثم يظهر ديناصور من فئة تي ركس التي شاهدناها في «جوراسيك بارك» ثم تظهر سمكة القرش الضخمة ميغالودون المسمى الفيلم عليها اختصاراً وتلتهم الديناصور كأنه قطعة سندويش.

هناك أسماك قرش عدة في هذا الفيلم إحداها معزولة في مختبر تسمى هايكي. تتميز أسماك القرش في الفيلم بجسم يبدو مثل صخرة من حقبة العصر الحجري أو ما قبله أو ربما قبل أن يكون هناك تاريخ. وهناك أخطبوط ضخم وزواحف تشبه تلك التي شاهدناها في «جوراسيك بارك».

ثم يظهر بطل الفيلم جوناس (جيسن ستيثم) كغواص وناشط بيئي أقرب إلى جيمس بوند أخضر: يعني مناصر لمسائل البيئة. كما يظهر في الفيلم نجم الفنون القتالية الصيني وو جينغ كزميل للبطل لكن ليست لديه مشاهد أكشن إطلاقاً. وهناك ممثلون مساعدون وظيفتهم الوحيدة أنهم طعام القرش وآخرون مثل بيغ كينيدي لا عمل لهم سوى الاستظراف في هذا الفيلم السخيف.

لو أردت أن تعرف كيف سيكون نص فيلم كتب بالذكاء الاصطناعي فلا تذهب لأبعد من هذا الفيلم الذي كتبه ثلاثة (جون هويبر، إيريتش هويبر ودين جورجاريس)، ولـ«هوليوود» تاريخ طويل من الأفلام السيئة التي كتبها ثلاثة فأكثر.

الحوارات تافهة ولا يمكن أخذها بجدية، الممثلون أنفسهم غير مقتنعين بما يقولونه على الشاشة وإلقاؤهم يراوح بين التصنع والبرود. معظم العبارات نشاز أو سخيفة أو مبتذلة مثل أن تقول شخصية: «من المستحيل أن يصل القرش إلى مكاننا هذا» فيصل القرش فجأة فتعلق الشخصية تعليقا تافها: «ما كان مستحيلاً أصبح ممكناً!»، بالطبع بالإنجليزية يبدو مختلفاً نظراً للتقارب الشديد بين كلمتي مستحيل وممكن impossible وpossible.

لفترة من الوقت نرى فيلم غوص تشويقياً عندما يقود جوناس مهمة استكشاف علمية إلى خندق في قاع المحيط - 25 ألف قدم تحت سطح البحر- باستخدام غواصات تشبه المركبات الزجاجية البيضاوية في فيلم «جوراسيك بارك». يكتشف جوناس وفريقه وجود محطة تعدين سرية بناها أشخاص ينفذون عملية تعدين مارقة.

ويكتشفون أيضاً أن مخربين من المعهد العلمي الذي يعمل لصالحه متورطون في العملية. على الأقل حتى هذه الجزئية الفيلم مقبول لكن عندما يبدأ جوناس وفريقه بالهروب لمسافة ثلاثة كيلومترات من محطة التعدين ينحدر الفيلم بلا خجل إلى مشاهد كليشيه من أفلام الغوص التي شاهدناها في الماضي. ولا يشفع أبداً مشهد مجموعة من أسماك القرش تسبح حولهم باحثة عن طعام ولا يضيف أي إثارة لتحسين ما أفسدته الكليشيهات.

ميينغ (صوفيا كاي) ابنة جوناس 14 عاماً تسللت إلى الغواصة لإضفاء بعض من العاطفة على العلاقات بين الشخصيات لكن بلا أي فائدة لأن الحوارات ركيكة جداً، وتجعل المشاهد يرغب في ضرب رأسه في حائط من شدة النفور من بلاهتها وسخفها مثل عندما يقول جوناس: «نتعامل مع ما هو أمامنا ثم نتعامل مع الذي بعده» السؤال: هل كاتب هذا النص آدمي أم كمبيوتر؟

وعندما يصل الفيلم إلى المشهد الأخير على ما يسمى جزيرة المرح يتحول بالكامل إلى «جوراسيك بارك» وننسى تماماً أننا نشاهد فيلم سمكة قرش. وبالطبع المشهد فوضوي ويعطي فرصة لممثلي الكومبارس ليسرحوا ويمرحوا كيفما شاؤوا، وهو المشهد النشاز الذي يختفي فيه ستيثم من الشاشة بشكل تام.

مخرج الفيلم الإنجليزي بين ويتلي -أخرج «هاي رايز»- ومعظم أفلامه كوميديا سوداء مستقلة لكن هذا الفيلم غريب جداً عليه، وربما اختار إخراجه ليقبض مبلغاً معيناً يشتري به بيتاً دون الحاجة إلى الاقتراض!

أفلام «ميغ» وسيكون هناك المزيد لو نجح هذا في شباك التذاكر، لا تخدم نوستالجيا Jaws بل هي سيئة ولا تجوز مقارنتها بأعمال كلاسيكية. أفلام «ميغ» قد تكون قريبة من «غودزيلا» دون سياق القنبلة الذرية. لكن «غودزيلا» يحترم جمهوره وذكاء المشاهد بشكل عام ويظهر عميقاً مقارنة بهذا الفيلم التافه.

قارئنا الكريم: ابتعد عن هذا الفيلم حتى لو كان خيارك الوحيد، فإن ذلك أفضل لصحتك النفسية.

• الممثلون أنفسهم غير مقتنعين بما يقولونه على الشاشة، وإلقاؤهم يراوح بين التصنع والبرود.

• ممثلون مساعدون وظيفتهم الوحيدة أنهم طعام القرش، وآخرون لا عمل لهم سوى الاستظراف في هذا الفيلم السخيف.

• الحوارات ركيكة جداً وتجعل المشاهد يرغب في ضرب رأسه في حائط، والسؤال: هل كاتب هذا النص آدمي أم كمبيوتر؟

الأكثر مشاركة