«الراهبة 2».. ضعيف ويلتزم قائمة الكليشيهات «المتفق عليها»

سينما الرعب ليست بحاجة إلى نجم، وهي من أقل الأنواع كلفة، وتعتمد على عناصر عدة، أهمها الغموض في سرد القصة. لكنّ هناك فنوناً في عرض الغموض، فأنت لا تريد مبالغة في العرض تقتل الغموض نفسه، ولا تريد ابتذالاً يحول الغموض إلى سُخف.

الغموض هو أساس الخوف لأي فيلم رعب وإلا لما كان اسمه رعباً. العامل النفسي يعمل وفق قاعدة: «نحن نخاف مما لا نعرف». وما لا نعرف هذه هي ماهية فيلم الرعب بأكمله. دعونا نتفق أننا لا نريد فيلم رعب لنصدقه، فهذا ليس مكاناً للمنطق، فذلك متروك للدراما والقصص الواقعية.

ما نريده من فيلم الرعب هو الرعب نفسه والتشويق والعنف والدم وعوامل ما فوق الطبيعة والجو المزاجي العام Atmosphere. فإذا أخفق الفيلم في كل هذه العناصر فلا يستحق أن يسمى رعباً.

هذا الفيلم The Nun 2، من إخراج مايكل تشيفيز، الذي أخرج «ذا كونجورينغ 3»، وهو الجزء الثاني من فيلم «الراهبة»، الذي كتبنا عنه في هذه المساحة في سبتمبر 2018 ووصفناه بأنه أسوأ أفلام عالم The Conjuring، يفتقد وجود كل العناصر المذكورة. هنا ترى كرة تتدحرج من غرفة مظلمة وصبياً ينظر إلى الغرفة ويقول من هناك؟

وأنت تتساءل: «لو أراد الكاتب تقديم شيء مميز أو عرض فكرة جديدة أو عرض فكرة قديمة بطريقة جديدة، فهل سيلجأ لهذا المشهد المتكلف المعاد من مجموعة كبيرة من أفلام الرعب التي لو ذكرناها لامتلأت صفحتنا هذه».

يبدأ الفيلم في فرنسا عام 1956، بعد أربعة أعوام من أحداث الجزء الأول في رومانيا. يهجم الشيطان فالاك (بوني آرونز) المتشكل في هيئة راهبة مجدداً ويحرق قسيساً حتى الموت.

للمرة الثانية حتى السأم يستدعي الفاتيكان الراهبة آيرين (تيسا فارميغا) للتحقيق في الأمر وإيقاف القوى الشريرة عن قتل القسيسين والراهبات، والكنيسة بحاجة إلى معجزة. بالطبع حسب قائمة كليشيهات الرعب «المتفق عليها»، ترفض آيرين الأمر حتى تطيل المدة الزمنية للفيلم دقيقة واحدة ثم توافق! ومشهد رفضها قبل موافقتها من أضعف لحظات الفيلم.

تيسا بالمناسبة شقيقة فيرا فارميغا بطلة أفلام سلسلة «ذا كونجورينغ» وهي السلسلة الرئيسة التي يتفرع منها هذا الفيلم. ولابد أن نفوذ الشقيقة الكبرى لدى استوديوهات وورنر وظف الأخت الصغرى في هذه السلسلة!

يدخل الشيطان فالاك المتشكل على هيئة راهبة في موريس الملقب فرينشي (جوناس بلوكويت) وهو يريد العثور على أثر مسيحي قديم موجود في مدرسة داخلية فرنسية. تنضم الراهبة ديبرا (ستورم ريد من مسلسل يوفوريا) إلى زميلتها آيرين للعثور على الأثر وإيقاف القوى الشريرة وخلال هذه الرحلة تتعلم ديبرا المتشككة في دينها الكثير عن الإيمان والمعجزات.

تقول ديبرا: «أريد أن أؤمن بالمعجزات». فترد آيرين: «آمل أن تؤمني في الوقت المناسب». من الواضح أن كاتبَي الفيلم: آيان غولدبيرغ، وأكيلا كوبر، في حالة كسل شديد، أو أنهما وظفا الذكاء الاصطناعي لكتابة النص الهزيل والحوارات المبتذلة.

نعود إلى فرينشي الذي دخله فالاك ليستخدمه كوعاء للحصول على ما يريد. فرينشي هذا غريب بعض الشيء، فهو عابر سبيل ينتقل من مدينة إلى أخرى كلما وقعت فيها جريمة قتل قسيس أو راهبة، لكن الغريب أن فرينشي لم يشك في الأمر واعتبره مصادفة.

هناك قصة فرعية عن تنمر فتيات ضد زميلة لهن في المدرسة وفرينشي جزء منها، لكن لا نعلم ما الذي تفعله وسط فيلم رعب وهي حتماً تصلح لفيلم آخر يتناول قصة الطالبات في المدرسة بعيداً عن دراما فالاك.

لا يقدم الفيلم جديداً وكل ما شاهدته في أفلام رعب سابقة ستشاهده هنا: «أصوات تصدر ليلاً، رؤيا ترشد البطلة لما يجب أن تفعله، وحش يشبه الجاموس يركض على أربع ويطارد الشخصيات»، حتى خيل لكاتب هذا الموضوع أنه يشاهد مسلسل «يلوستون» وليس فيلم رعب.

ثم ما قصة فالاك يظهر ويزأر مثل أسد استوديوهات MGM، ما الغرض الذي يؤديه مشهد سخيف كهذا! مشاهد فالاك خصوصاً تبدو كأنها منسوخة من الفيلمين الآخرين الذين ظهرت فيهما الشخصية، ولا تنتمي تلك المشاهد عضوياً لفيلم الشخصية المسمى باسمها.

نرى مشهداً مكرراً لفالاك واقفاً في آخر ممر ينظر إلى الكاميرا، ويتكرر مرتين في هذا الفيلم، ولا يخدم أي غرض سوى أن تشيفيز ينسخه نسخاً من «ذا كونجورينغ 2» لجيمس وان. وهذا الفيلم الأخير مصنوع بشكل جميل ومتقن، وهو الذي قدم فالاك الى الجمهور وكان سبباً في إصدار هذه السلسلة الفرعية.

أما هنا، ففالاك موجود طوال الرحلة، تارة واقفاً في ممر ينظر إلى الكاميرا وتارة يخرج من لوحة جدارية أو يتشكل على صفحات مجلات معروضة في كشك في الشارع أو من كل مكان يستطيع المشاهد توقعه حتى وهو نائم.

فلنتوقف أمام مشهد كشك المجلات وهو في أعلى درجات «الغباء الإبداعي»: يبدو لنا أن الشيطان فالاك له حسّ فني رفيع فهو يقلب الصفحات بدقة حتى تتشكل صورته من صفحات المجلات أمام آيرين الواقفة تنظر بدهشة لما يحدث.

نتساءل: «أين بائع المجلات؟ ولماذا لم يغلق الكشك في تلك الساعة المتأخرة من الليل؟» ربما يريد توزيعها مجاناً على المارة!

نتساءل: «ألم يفترض بائع المجلات أو الغبي الذي صمم المشهد أو من جاء بفكرته أن المطر قد يهطل في أي وقت ويبلل المجلات؟».

فارميغا أفضل ما في هذا الفيلم وصناعه يعبرون عن امتنانهم لها بجعل فالاك يضربها ويرميها على زجاج نوافذ، ويشعل النار في جسدها وضرب رأسها في الأرض، لكن بخفة لأنها بطلة الفيلم! وكلما ضرب رأس شخصية الأرض نسمع صوتاً مدوياً إلا فارميغا ضربة رأسها خفيفة. لكن لم نستطع عد المرات التي سقطت فيها أرضاً ونهضت.

لا توجد فكرة واحدة مبتكرة في هذا الفيلم، ولا يُضيف شيئاً ولا يُخيف حتى قطة.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

• من الواضح أن كاتبَي الفيلم: آيان غولدبيرغ، وأكيلا كوبر، في حالة كسل شديد، أو أنهما وظفا الذكاء الاصطناعي لكتابة النص الهزيل والحوارات المبتذلة.

• لا يقدم الفيلم جديداً وكل ما شاهدته في أفلام رعب سابقة ستشاهده هنا: «أصوات تصدر ليلاً، رؤيا ترشد البطلة لما يجب أن تفعله، وحش يشبه الجاموس يركض على أربع ويطارد الشخصيات».

الأكثر مشاركة