صُناع الأفلام الشباب.. فاكهة «العين السينمائي»

منذ انطلاقته يؤكد مهرجان العين السينمائي الدولي على أهمية الشباب في مشهد «الفن السابع»، وحرصه على أن يكون منصة للمواهب الواعدة لإلقاء الضوء على ما تقدمه من أعمال، رافعاً شعار «سينما المستقبل» في دوراته الأولى.

وفي دورته السادسة الحالية يجني المهرجان ثمار ما زرعه من اهتمام بالمستقبل، إذ استقطب مجموعة متميزة من أفلام الشباب الذين ينتشرون في أروقة مقر المهرجان وفي صالات العرض، ليضفوا بأفلامهم وحضورهم حالة من الحيوية والتفاعل تجعلهم «فاكهة العين السينمائي».

ويضم المهرجان هذا العام ضمن مسابقة الصقر الإماراتي القصير تسعة أفلام، منها: «دعاء أمل» للمخرج حمد الحمادي، و«النمر» للمخرج سلطان بن دافون، و«حوار الغد.. مقابلة مع السيد بلاستيك» للمخرج ياسر النيادي، بينما تتنافس في «الصقر الخليجي للأفلام القصيرة» 11 فيلماً، منها: «يا حظي فيك» للمخرجة نورا أبوشوشة، و«جنة الطيور» للمخرج عبدالله بن حسن، و«رماد» للمخرج سليمان الخليلي، و«المجهول» للمخرج حافظ بن عدنان.

وفي «الصقر لأفلام المقيمين» تشارك 13 فيلماً، منها: «سينما الدنيا» للمخرج عمرو علي، و«هوس» للمخرج محمد عادل، و«أحدب نوتردام» للمخرج مهند قطيش.

«عربانة»

ومن المشاركين في دورة المهرجان الحالية المخرج والكاتب الإماراتي حسين الأنصاري الذي يحضر بفيلم «عربانة»، ويتناول فيه قصة إنسانية لعامل بسيط وعلاقته بابنته، وهي من أصحاب الهمم، ويبرز العمل تفاصيل حياة ذلك العامل والعلاقة التي تربطه بابنته.

وأعرب الأنصاري عن سعادته بردود الفعل الإيجابية من النقاد والمشاهدين التي حققها الفيلم عند عرضه في «العين السينمائي»، مضيفاً لـ«الإمارات اليوم» أنه يشارك في المهرجان ضمن مجموعة «نمبر وان»، التي أسسها لتضم مجموعة من صناع الأفلام والمحتوى من الشباب، وتطل هذا العام بخمسة أفلام في مهرجان العين السينمائي الدولي، منها ثلاثة في «الصقر الإماراتي»، واثنان في «أفلام المقيمين». وقال الأنصاري: «كوّنت المجموعة عام 2016 لتجمع محبي السينما وصناع الأفلام، واليوم يزيد عدد أعضائها على 30 شخصاً، وأنتجت أخيراً تسعة أفلام للمشاركة في الفعاليات والمهرجانات السينمائية في الداخل والخارج».

وعن الصعوبات التي تواجه المجموعة في إنتاج الأفلام ذكر أن الكلفة المادية لا تمثل عقبة كبيرة بالنسبة لهم، لأن الفريق يتعاون معاً في تنفيذ الأفلام، إذ يضم كتاب سيناريو ومخرجين وفنيين وممثلين، ما يجعل تصوير الفيلم بمثابة رحلة تجمع بين التسلية والعمل، لكن تظل العقبة الحقيقية التي تواجههم هي تصاريح التصوير في المواقع المختلفة، إذ ينبغي الحصول على تصاريح من جهات عدة، ما يتطلب وقتاً للحصول عليها، إلى جانب الكلفة المادية.

«الشيف»

واتفق مع الأنصاري المخرج ومدير التصوير نواف المطروشي، الذي يشارك بفيلم «الشيف» في مهرجان العين، وهو أول تجربة له في مجال الإخراج، معرباً عن أمله في أن تتم إجراءات الحصول على تصاريح التصوير للمخرجين الشباب الذين يخوضون تجاربهم الأولى لتصوير أفلام قصيرة بجهود فردية من خلال صناع الأفلام الطويلة والمعدة للعرض التجاري.

وأوضح المطروشي أن وجوده ضمن مجموعة «نمبر وان» كان حافزاً له لخوض تجربة الإخراج، إلى جانب مشاركته في العديد من الأفلام كمدير تصوير وملوّن، كما وجد دعماً وتعاوناً كبيراً من أعضاء الفريق، إذ تم إنجاز فيلم «الشيف» في ما يقرب من 48 ساعة، وهو أمر في غاية الصعوبة، لافتاً إلى عزمه المشاركة في الدورة المقبلة من المهرجان بعمل جديد.

بطل في الخامسة

من جهته، يشارك الكاتب والمخرج سلطان بن دافون في «العين السينمائي» هذا العام بفيلم «النمر» الذي يتناول قضية أسرية مهمة، وهي توبيخ الأطفال من خلال قصة صبي يتعرض للتوبيخ المستمر من قبل أسرته إلى أن تتولد لديه أمراض وعقد نفسية، ويعيش في حالة عدم الاستقرار النفسي وعدم الثقة بالذات.

وقال بن دافون إن الطفل الذي يؤدي بطولة الفيلم هو راشد ابن شقيقه، وعمره خمس سنوات، مضيفاً: «كثيراً ما أستضيف تصوير أفلام أصدقائي من الشباب في منزل عائلتي، وفي بعضها كان أفراد من الأسرة يشاركون في التمثيل، وكان راشد يراقب التصوير، وطلب مني إشراكه في فيلم، وكان هذا تحدياً كبيراً بالنسبة لي أن أقدم فيلماً لطفل في الخامسة من عمره، أما المرحلة الأصعب فهي الكتابة، إذ إن راشد مازال يتعلم الحروف الهجائية والأرقام، وفي حال كتبت حوارات فسيكون من الصعب عليه القراءة والحفظ لتأدية الشخصية بشكل مقنع ومتقن، وإذا قمت بكتابة الشخصية بأداء صامت فإنه سيواجه صعوبة في تأدية التعبير الصامت مثل تعابير الوجه أو الجسد أو الحالة». وتابع: «استقررت في النهاية على كتابة فيلم صامت يحتوي على 90% من التعبير الجسدي والأداء الصامت، وبعد الانتهاء من كتابة النص السينمائي قمت بعمل أداء اختبار لراشد ونجح من أول مرة، فبادرت إلى الاتصال بالأصدقاء، وجهزت جميع الاحتياجات إلى موعد التصوير، وتم تنفيذ الفيلم».

وأشار بن دافون إلى أنه يشارك في «العين السينمائي» منذ بداياته، وفاز فيلمه «قماشة» بجائزة في عام 2021، وبلغت الأعمال التي شارك فيها خلال الدورات المختلفة للمهرجان نحو 20 عملاً، سواء كممثل أو مخرج أو ضمن فريق العمل الفني لتنفيذ الأفلام.

الوظيفة الأهم للمهرجانات

من خلال حضوره السنوي في مهرجان العين السينمائي، وجد المخرج سلطان بن دافون أن هناك تطوراً كبيراً في مستوى المشاركين الذين اعتادوا التواجد وهو واحد منهم، بفضل ما يوفره لهم المهرجان من ورش عمل وفرص لتبادل الخبرات والمعلومات والحديث إلى نقاد وصناع أفلام مخضرمين، وهي الوظيفة الأهم لمهرجانات السينما بشكل عام، على حد تعبيره.

سلطان بن دافون:

• كثيراً ما أستضيف تصوير أفلام أصدقائي الشباب في منزل عائلتي، وفي بعضها كان أفراد من الأسرة يشاركون في التمثيل.