على خطى يوسف شاهين وعاطف الطيب.. مخرجة مصرية في «مهرجان كان»

مهرجان كان انطلقت فعالياته في 14 مايو الجاري. أ.ف.ب

تنتظر المخرجة هالة القوصي عرض فيلمها الروائي الطويل «شرق 12» في مهرجان كان السينمائي هذا الأسبوع بفارغ الصبر، بعد أن انضمت إلى نخبة من المخرجين المصريين الذين سجلوا أسماءهم في هذا المحفل الفني العالمي.

ويعرض الفيلم ضمن قسم «نصف شهر المخرجين» الذي يشمل 21 فيلماً ويقام بالتوازي مع الدورة الـ77 للمهرجان المرموق التي انطلقت في 14 مايو الجاري وتستمر حتى 25 من الشهر.

وأبدت هالة سعادتها بكونها أحدث المخرجين المصريين المنضمين لهذا القسم الملحق بالمهرجان بعد انقطاع 33 عاماً، مضيفة لـ«رويترز» «مبدئياً كنت أتمنى المشاركة في مهرجان كان لأن الذهاب إليه جائزة لأي مخرج، لكن (نصف شهر المخرجين) تحديداً يتميز بفكرة التركيز على رؤية المخرج، والاختيار فيه كان بمثابة تقدير خاص، لأنه يضعني في سياق مختلف تماماً، سياق يقدر المخرج، والمخرج المؤلف تحديداً».

وقالت «لذلك كانت فرحتي مضاعفة لأنني انضممت إلى مجموعة مهمة جداً من المخرجين، ولأن المصريين الذين سبقوني لهذه المسابقة هم يوسف شاهين ويسري نصر الله وعاطف الطيب وتوفيق صالح فهذا يزدني شرفاً».

وتقام أربعة عروض للفيلم أيام 21 و22 و23 الجاري لينطلق بعدها في جولة في فرنسا قبل أن يبدأ مشاركاته في المهرجانات السينمائية الدولية، وهو ما يفتح آفاقا أرحب أمام صانعته.

وتابعت هالة «هي فرصة كبيرة جداً، والآفاق التي انفتحت أمامي عريضة. ما كنت أتصوره عن المهرجان شيء وما عشته شيء آخر، سواء بالنسبة لحجم المؤسسة واهتمامها وتنظيمها ومتابعتها. الفيلم ستقام له أربعة عروض بالمهرجان ثم بعده سيعرض في باريس في يونيو، وتتوالى العروض 30 مرة، وهذا اتفاق ملزم مع المهرجان، كما سيعرض في سويسرا. هذا شيء لم أكن أحلم به».

وأكملت المخرجة المصرية «جاءت أيضاً عروض كثيرة للحصول على حقوق توزيع الفيلم رغم عدم عرضه بعد، لكن اختياره ضمن المهرجان في حد ذاته يعتبر خاتم جودة».
 
ويتناول «شرق 12»، وهو الفيلم الروائي الطويل الثاني لمخرجته، قصة مجموعة من الشبان يضيق بهم المكان الذي يعيشون فيه ويتطلعون للخروج منه لكنهم يصطدمون بالجيل الأكبر الذي يرى أن الأوضاع القائمة أفضل كثيراً من أي شيء بعيد مجهول. وهو إنتاج هولندي مصري قطري مشترك تقوم ببطولته منحة البطراوي وأحمد كمال وعمر رزيق وفايزة شامة بالاشتراك مع أسامة أبوالعطا وباسم وديع.

ويشير الاسم إلى منطقة متخيلة لا وجود لها في الواقع تدور فيها الأحداث دون إطار زمني معروف؛ وهو ما شكل تحولاً عن أفلام سابقة للمخرجة كانت فيها القاهرة حاضرة بروحها ومعالمها.

وأوضحت هالة «عندما انتهيت من فيلم (زهرة الصبار) قلت لفريق العمل معي، الذي شارك معظمه في (شرق 12)، إننا إذا صنعنا فيلماً جديداً فسيكون فيلماً صعباً بالنسبة لنا جميعاً، سأصنع فيلماً يكون بالنسبة لكل منكم هو الأصعب في مشواره».

وبالفعل قامت بتصوير الفيلم على خام السينما بالأبيض والأسود ليكون أول فيلم مصري يصور بهذه التقنية منذ أكثر من 10 سنوات بعد التحول للتصوير الرقمي.

واستطردت هالة «أردت أن أصنع فيلماً لا ينتمي للحظة بعينها، أردته فيلما يعيش لأطول وقت، يمكن مشاهدته دون أن يشعر المتفرج أنه قديم أو تجاوزه الزمن، وخام السينما خدم الفكرة. هو نمط يشبه الحواديت، مثل ألف ليلة وليلة، نحن لا نعرف لها تاريخاً محدداً، لكننا نقول إنها حدثت في الماضي، لتظل الشخصيات والحكمة المستخلصة باقية بغض النظر عن تفاصيل المكان والزمن».

لكن هذا الاختيار قادها هي وفريقها إلى صعوبات إنتاجية أخرى أصرت على تجاوزها لإيمانها بقيمة ما تصنع. وقالت «التكلفة لم تكن في حد ذاتها العائق الأكبر لأننا أجرينا بروفات كثيرة وحفظ الممثلون أدوارهم جيدا وكانوا على وعي بطبيعة الاعتماد على خام السينما. الصعوبة الحقيقية تمثلت في أن معمل التحميض كان مغلقاً منذ نحو 10 سنوات، وكذلك الحصول على المركبات الكيميائية اللازمة، وإعادة تشغيل أجهزة لم تستعمل منذ سنوات».

وبعد اجتياز الكثير من الصعوبات لإخراج الفيلم إلى النور وفرحة اختياره ضمن برنامج «نصف شهر المخرجين» كان آخر ما واجهه الفريق هو تأخر الحصول على تأشيرة السفر إلى فرنسا بسبب ضيق الوقت بين إعلان الأفلام المختارة والفترة المعتادة لإصدار التأشيرات من مصر.

لكن هالة التي تحمل الجنسيتين المصرية والهولندية استطاعت السفر إلى مهرجان كان برفقة مدير تصوير الفيلم عبدالسلام موسى، ولحق بها بعد أيام باقي فريق العمل.

وأضافت عن تكبدها كل هذه الصعاب من أجل صنع فيلم سينمائي «لا أصنع أفلاماً من أجل أن يكون لدي أفلام، أصنع أفلاماً لتعيش، لتبقى في الذاكرة، لتكون مؤثرة، كل فيلم استغرق ما بين سبع وثماني سنوات من عمري، أبحث عن مردود أدبي وفني لأن المردود المالي لا يمكن أن يعوض هذه السنين».
 

تويتر