قراءة خط اليـد.. علم يكشــف الشــخصــية

د.النحاس الشخصية تتضح من خلال الحروف التي نخطها.تصوير:محمد شاهين

قد لا نلاحظ أن كتابة سطرين أو أكثر، قادرة على رسم ملامح من شخصيتنا، وتحديد سماتها الأساسية، وفقاً لما نعيشه في الحياة اليومية، بحيث انه يمكن للمحلل النفسي التعرف إلى الكثير من المزايا الأساسية للمرء، من خلال خط اليد.

ويرى الكثيرون أن قراءة الخط لا تعد تبصيراً، كونه علم يستند إلى تحليلات علمية، تحتاج إلى طبيب نفسي للتمكن من فك رموز الحروف وكيفية تعبير كل منها عن كاتبها.

والواقع أن قراءة خط اليد قادرة على تحديد الشخصية ولكن ليس الحكم على المستقبل او قراءة الماضي، كونها قراءة لسمات تتحدد من خلال الرموز الموجودة في الدماغ، التي تظهر من خلال حركة اليد والكتابة. ويرى مدير المركز الدولي للاستشارات والتخاطب والتدريب الطبيب الاختصاصي في الصحة النفسية الدكتور محمد النحاس، «ان قراءة خط اليد تمثل قراءة رموز موجودة في الدماغ، بحيث ان ما يمليه الدماغ على الإنسان يعكسه اللسان والأنامل، لذا فإن شكل الحرف الذي يكتب، وكذلك بداية الكتابة، اي في وسط الصفحة، او اعلاها او اسفلها، يحددان شخصية المرء وملامح من صفاته». ويضيف دكتور النحاس «ان كف اليد تؤكد صدق الانسان او كذبه، ولهذا تدخل في قراءة خط اليد مجموعة عوامل ومنها حركة اليد اثناء الكتابة او حتى الطريقة التي يمسك بها القلم وسرعة الكتابة والمسافة بين الحروف، وكذلك الكتابة التي تتم باليد اليسرى، التي تختلف عن الكتابة باليد اليمنى». ويفسر الدكتور النحاس ذلك بالقول «ان ارتباط اليد بالدماغ والتعبير عن الشخصية، عملية وثيقة، فمن يكتب باليسرى يكون الجانب العاطفي لديه قوياً جداً، وكذلك الجانب التخيلي، لذا يعد من الأشخاص الأذكياء بفضل قدرته على اكتساب المعارف، لكنه غير قادر على التعبير عن مشاعره كالذي يكتب بيده اليمنى لأن اليد اليمنى مرتبطة بالقسم الأيسر من الدماغ، الذي يحتوي على القدرة اللغوية».

جهات صفحة الكتابة
يبدأ الدكتور النحاس بتحليل شخصية المرء من خلال التدقيق في جهات الصفحة، وكيف يبدأ الشخص بالكتابة، ويقول «اراقب بداية المرء في الصفحة، اذ تتنوع بدايات الكتابة في الصفحة، فالبدء من اول زاوية الجهة اليمنى من الصفحة حتى الانتهاء آخر الصفحة في اليسار، او الذي يبدأ من الوسط، كلها ذات دلالات تحدد شخصية المرء». ويشرح الفروق بين هذه الشخصيات قائلاً: ان من يكتب في وسط الصفحة، يعلن عن ذاته وبحاجة الى ان يلتفت اليه الآخرون، وهو واضح يكره الغموض، ويميل الى الاحساس بالحرية، لا يحب ان يتملكه احد. اما الكتابة في يمين الصفحة، فهذا يدل على انه شخص يميل الى الماضي، ومراحل اسرته الأولية، فهمه سريع وحساس، ولكن في الوقت ذاته لا يحب ان يكتشف حقيقته الآخرون. في حين ان من يكتب حتى آخر الصفحة من جهة اليسار فهو شديد التعلق بالمستقبل، يحب الحياة، ويحتاج الى تطوير عمله ونفسه فهو يهتم بصورته وما ستكون عليه في المستقبل».

ويضيف عن دلالات جهات الصفحة قائلا: «ان من يبدأ بالكتابة من اعلى الصفحة يكون شخصاً متحمساً وحماسه يصل لدرجة الاندفاعية أحياناً، لديه جوانب روحانية تجعل نظرته للأمور نظرة غير علمية، فهي اقرب للتجريد وليس للتجسيد. اما من يبدأ من اسفل الصفحة فهو شخص لديه احباط وغير متفائل ولديه شعور بالاكتئاب».

أشكال ودلالات
ويؤكد الدكتور النحاس ان الرموز والاشكال لها دلالاتها في تحليل الشخصية، اذ «ننطلق من الاشكال الاساسية كالدائرة والمربع والمثلث، ويحدد كل شكل من هذه الاشكال الثلاثة السمات الاساسية للانسان». وقد حلل لنا النحاس الشخصيات وفقاً لهذه الأشكال، وقال يمكن وصف من يرسم الدائرة بأنه ذو شخصية كريمة، معطاءة بلا حدود، وكذلك هو متعاون، ولا ينفعل بطريقة حادة، ويتميز بتسامحه، ومن الممكن ان يأتمنه المرء على اسراره لأنه كتوم وهادئ».

اما المربع فدلالته تختلف عن الدائرة، ويوضحها النحاس بالقول «إن الشخص الذي يرسم المربع، يفرض حدوداً في تعامله مع الآخرين، ولا يمكن لأحد ان يخترق مجاله النفسي، وهو جاد في علاقاته وحساس ويتمتع بالوضوح، كما انه يتمتع بطاقة عاطفية وفكرية، وهدوء ظاهري، لكن انفعالاته الداخلية عنيفة وقوية، بالإضافة الى انه انسان مقتصد وحَذِر، يحرص على عدم إدانة نفسه او ان يفهم على نحو خاطئ. بالاضافة الى استجابته للضغوط الخارجية، اذ يسهل استفزازه».

فيما من يرسم المثلث يتمتع بنشاط قوي وفقاً لما قال النحاس «وكذلك يحكم بسرعة على الأمور، وفي الوقت نفسه ليس سهلاً علينا ان نتعامل معه لأنه عصبي ويتمتع بطاقة عالية، ويتعرض بسبب اندفاعه الى الوقوع في الخطأ، مما يؤدي به الى الاحباط، ويمكن وصفه بأنه دقيق، ويعبر عن رأيه من دون النظر للعواقب، كما انه مزاجي».

اما تحليل الحروف انطلاقاً من الاشكال، فقد شرحه الدكتور النحاس بالقول «بداية تحليل الشخصية من الخط، يكون مع تفسيرات الأشكال نفسها، فالأحرف الأساسية التي ننطلق منها هي ع،غ،ح،خ،ج، اذ عادة ما تأخذ بداية كتابة هذه الاحرف احد الاشكال التي ذكرت، وبالتالي نستند اليها لفهم ملامح الشخصية وفقاً لما قدمته من شرح حول هذه الاشكال». وينتقل الدكتور النحاس الى قراءة النقاط في الكتابة، ويقول «تدل النقاط على اهتمام الانسان بتفاصيل الأمور، وبأنه روتيني، فيما الذي يضع النقاط بمكانها الطبيعي، يكون معتدلاً، بينما الذي يستغني عن النقاط، يكون كثير الاهتمام بجوهر الأمور وليس بالشكل. اما من يهتم بوضع الفواصل بين الكلمات والسطور، فهو انسان منظم وتحكم سلوكَه القيم. فيما الذي يكبر حرف معين من الكلمات، وغالبا ما يكون حرفاً مرتبطاً بأمر يعشقه ويحبه، فيكون دليل تقييم هذا الشيء وتقديره».

قراءات في اللغات
أما قراءة الأحرف مع اختلاف اللغات، فقد اشار دكتور النحاس، إلى ان هناك الكثير من الأحرف في اللغة الانجليزية التي تأخذ في كتابتها اشكال المربع. اما اليمين فيكون مرتبطاً بالمستقبل، واليسار بالماضي، اذ تنعكس على حسب بداية الكتابة في الصفحة». ويضيف «إن الخط المتزن الذي يترك نفس المسافة من اليمين ومن اليسار، يعني ان المرء يعيش واقعه، اما البدء من اول السطر من دون ان نترك مسافة فيعني التعلق بالماضي، في حين ان اكمال السطر للآخر يعني القلق من المستقبل».

رسوم مختلفة
لم يقتصر امر قراءة الاشكال الهندسية على الاشكال التي ذكرت، اذ اكد الدكتور النحاس «انه يمكن لرسوم اخرى ان تجمع هذه الاشكال فتحمل تفسيرات خاصة، فالنجمة على سبيل المثال، او الشجرة، او العين او البيت، كلها رسومات لها دلالات خاصة بها كونها تجمع في رسمها اكثر من شكل».

وتعتبر النجمة افضل الاشكال التي ترسم، ويفيد «ان النجمة تجمع بداخلها المثلث والمربع والدائرة، ويملك من يرسم النجمة صفات الاتزان والقدرة على الحكم على الاشياء بأسلوب عقلاني، وفي الوقت نفسه يخطط لحياته ولديه مرونة وحماس ولكن ليس حماس الشكل المثلث المندفع، بل الحماس المنظم القادر على تحقيق الاهداف، كما انه هادئ وموضوعي. بالإضافة الى انه صبور ومثابر، وتفكيره واضح». وقد انتقل الدكتور النحاس لتحليل شخصية من يرسم الورد والزهور والاشجار، فقال «ان الورد والزهور يدلان على ان المرء عاطفي وودود، كما انه يلتفت الى الجو الاسري العاطفي، فيما الشجرة تمثل الام والحنان. اما الشخص الذي يرسم الحيوانات والطيور، هو شخص مندفع ويحب الدفاع عن الآخرين، بالإضافة الى انه يتمتع بالقدرة على تهدئة نفسه وتأمين راحة البال». اما من يرسم العين، فهو «انسان انطوائي يخاف ان يلاحظه احد، كذلك هو مثابر ويتحمل كبتاً لدرجة معينة ثم يبدأ بإخراج الكبت دفعة واحدة». في حين انه يمكن للمرء ان يجمع بين اكثر من شكل هندسي، فهذا يدل وفقاً لما اشار اليه النحاس على أنه «لا يمكن ان نفسر شخصية الذي يرسم اكثر من شكل وفقاً لدلالات كل رسم او شكل، بل نحاول الربط بين مفهوم الأشكال لينبثق لدينا مفهوم جديد، فعلى سبيل المثال من يرسم قلباً معلقاً بشجرة، فهذا يعني انه شخص عاشق ويهوى الاستقرار، اما رسم السلاح فليس بالضرورة يدل على العدوانية، فأحيانا يمكن ان يكون تعبيراً عن العلم او المال او أي شيء يؤمّن الحماية، لذا فانتقاء الوقائع من الصور وربطها ببعضها البعض مهم جداً للوصول الى التفسير الصحيح».

تاريخ قراءة الخط
ظهر علم قراءة خط اليد في القرن التاسع عشر في فرنسا مع طبيب ايطالي يدعى كاميللو بالدي، وهو استاذ في الطب، يدرس في احدى الجامعات الفرنسية. ولكن عملت اليونان على نشر اول كتاب خاص بقراءة خط اليد، اصبح مرجعاً مهماً، الأمر الذي ساعد على بناء القاعدة الأساسية لهذا العلم.

تويتر