<p align=right><font size=1>عبدالرحمن العويس وعبدالرحيم سالم خلال افتتاح المعرض.تصوير: مصطفى قاسمي</font> </p>

«نساء الظل».. تشكيليّان يتقاسمان اللوحة

وصف وزير الثقافة والشباب عبدالرحمن العويس المعرض التشكيلي المشترك للفنانين الإماراتيين عبدالرحيم سالم والدكتورة نجاة مكي بأنه «شكّل اضافة نوعية لتجربتيهما»، وأضاف لـ«الإمارات اليوم» على هامش المعرض أن الفكرة مثلت «قفزة نوعية في الفن الإماراتي حيث إنهما فعلاً نجحا كونهما اعتمدا وحدة العنصر والموضوع، اضافة الى التجربة الغنية لكليهما والتي برزت بقوة في اللوحات المشتركة وأغنتها».

وأوضح العويس «أن توحيد الفكرة والمفهوم لانجاز لوحات مشتركة لاثنين من رواد الفن الإماراتي عملا اعواماً على موضوع النساء، يشكل مرحلة مهمة في أعمالهما، وهو خطوة مميزة لاسيما اننا لا يمكننا ان نغفل نزعة الغرور التي غالباً ما تسيطر على الفنانين الكبار حين يحققون نجاحات مهمة»، وتابع «إن كل زمن يتمتع بوجود رواد للفن والثقافة وان جيل سالم ومكي هو جيل الرواد الذين لا يمكن إلا وان يستفيد منهم الجيل الجديد، لاسيما ان اعمالهم تحمل طروحات وابعاداً تتلاءم مع الجيل الجديد». ولم يكن «نساء الظل» العنوان الذي اختاره التشكيليان عبدالرحيم سالم والدكتورة نجاة مكي، للمعرض الذي جمعهما بلوحات مشتركة، وكذلك لوحات خاصة لكل منهما، إلا اختصاراً لمسيرة كل منهما في رسم المرأة وعوالمها بأسلوبه الخاص، فكانت ناعمة تمثل المرأة الإماراتية التي تدعم الرجل وتقف في ظله بقوة مع مكي، في حين انها بدت غامضة الملامح وخاضعة للتأويل مع سالم، وكان بإمكان كل من يشاهد اللوحات ان يرى فيها امرأته الخاصة. تآلفت الألوان القوية التي تميز أعمال سالم مع الألوان الهادئة التي تميزت بها مكي خلال مسيرتها الفنية، فأنتجت أعمالاً تتوحد فيها الفكرة فيما يبقى الأسلوب الخاص بكل منهما متميزاً وظاهراً، لا بل حتى انه كان واضحاً ان هناك بعض اللوحات يطغى عليها اسلوب سالم في حين يطغى أسلوب مكي على بعضها الآخر.

تعاون مشترك

واستغرق إنجاز اللوحات التي تعاون فيها مكي وسالم نحو خمسة اشهر، وأكدت مكي ان الامر لم يكن بمحض المصادفة، بل انها احبت التعامل مع سالم كونه صاحب تجربة ناضجة وزميل دراسة ومشوار فني. ولفتت نجاة مكي التي تعاملت مع المرأة في لوحاتها من الناحية الرمزية الى انها «كانت تحضر اللون والخلفية الاساسية للوحة، فيما يعمل سالم على رسم اللوحة واحياناً العكس». عن التنسيق من ناحية التوحد في الافكار، قالت مكي، «عندما كان سالم يحضر اللوحة كنت اتفاعل معه من خلال اللون، بالاضافة الى اختلاف المرأة عندي من المرأة التي يرسمها، فالمفهوم مشترك ولكن كل يضع اسلوبه الخاص». استغرق التحضير للاعمال المشتركة ما يوازي الخمسة اشهر، وقد اكدت لنا نجاة التي استخدمت الاحمر والازرق كرمزين للعطاء ولتضحية ووفاء المرأة، حيث كان واضحاً من رسم البحر المميزات التي تريد أن تمنحها مكي للمرأة سواء من حيث القوة والصلابة أو حتى من حيث الحب والغيرة.

تداعيات الزمن

أما تداعيات الزمن، فكانت ظاهرة مع مكي في الخطوط الطولية التي تعبر عن مرور السنين، بالاضافة الى ان مكي استخدمت الخط الذي يساعد على ابراز الفكرة. تؤكد مكي «ان العنصر لابد من وجوده في اللوحات لأنه يمنح اللوحة القوة، وهذا العنصر كما اوضحت مكي لابد وان يكون بشرياً او طبيعياً، مشيرة الى ان الفن وسيلة للتغيير والتعبير، ولابد ان يحمل رسالة انسانية انطلاقاً من الزمن الذي نعيش فيه والبيئة المحيطة، كما ان الرسالة التي ارادت ان تلفت اليها هي دور المرأة في المجتمع، من دون ان تغيب المرأة الإماراتية عن لوحاتها، اذ ظهرت بقوة في معاني الصمود والقوة والمعاناة والعطاء والشموخ. اما في ما يتعلق بالاقتداء بهذه الفكرة، اكدت مكي، «ليس من الضرورة ان يقوم البعض بتقليد الفكرة، فهي فكرة فنية تجمع بين اسلوبين والمهم ان تلاقي تقبل واعجاب الناس ليس اكثر».

فضول وصعوبات

من جهته قال عبدالرحيم سالم، إن «عرض نجاة لفكرة اللوحات المشتركة اثار فضولي لخوض التجربة الجديدة كوني قمت بأعمال مشتركة سابقة في ايطاليا ولكن ليس في لوحات تحمل رسالة وهدفاً، وفي البداية واجهت صعوبة في كيفية الدخول الى عالم نجاة الخاص، وكيف يمكنها ان تدخل هي إلى عالمي دون ان يكون هناك تعدٍ أو اقحام لاحد الطرفين على الآخر». وتابع سالم، «قسمنا العمل في ما بيننا كي لا يسيطر احدنا على الآخر، حيث كنت أحياناً أؤسس اللوحة، ثم تدخل هي على اللوحة، بينما في لوحات أخرى كانت تؤسس هي اللوحة، وهذا منح كلاً منا راحة في العمل».

وقد روى سالم حكايته مع رسم المرأة بالقول، «إن النساء اللواتي أرسمهن هن اللواتي يحتجن للتعبير، فلا أركز على ملامح المرأة بل أطمس معالمها وليس للتقليل من قوتها، بل بسبب الحب الاضافي للمشاهد، كي امنحه فرصة كي يكمل الرؤية الناقصة ويرسم امرأته الخاصة به، لأني ارى ان المتلقي يجب ان يكون مشاركاً في اللوحة وان يشعر ان هناك ما يخصه داخل اللوحة، فهذا يمنح العمل الجمالية والابداع». أما الثقافة التي ينطلق منها سالم، فأشار اليها بالقول، «عشت في محيط النساء مع والدتي وجدتي فكنت أشعر اني اقرب الى فهم عالمهن، كما ان عواطفي ارتبطت بالمرأة منذ الصغر، حتى اصبحت قادراً على رسم المرأة غير المثالية ولكن التي تلامس فني وتطلعاتي والتي تطورت معي عبر الزمن مع تطور دورها في المجتمع».

ديناميكية الألوان

نجاة مكي وسالم تعاون لمدة 5 أشهر.

رأى عبدالرحيم سالم أن الألوان القوية التي تميز أعماله تتمتع بالهدوء كذلك، كما أن القوة تبرز في أعمال نجاة مكي التي تتميز بالهدوء، لأنه يرى ان الفن المستقبلي الذي يعتمد على الخطوط يظهر الديناميكية في الوان اللوحة ويعطيها حركة.

كما لفت الى «أن مقولة الفن للفن رؤية خاطئة لأن الرسم لا يكون للرسم فقط بل للتعبير عن المشاعر داخل الفنان، ليعبر عمّا في داخله أو عن ثقافته وتجربته».

الأكثر مشاركة