5 فنانين يرصدون تغيّرات الأرض
يبرز معرض «تغير الأرض.. الفن والبيئة» الذي ينظمه «معرض جوته» في منطقة الخليج، بالتعاون مع هيئة ابوظبي للثقافة والتراث حتى نهاية الشهر الجاري في المجمع الثقافي، جانبا مهماً من جوانب العلاقة بين الفن والبيئة، من خلال إظهار العلاقة بين الانسان والمدنية من جهة، والبيئة من جهة أخرى، والتغيّرات التي تشهدها الطبيعة، في ظل تطور الحياة وتسارع وتيرة المدنية يوما بعد يوم.
جمع المعرض، الذي افتتحه، أول من أمس، مدير عام الهيئة الاتحادية للبيئة، سالم مسري الظاهري، ومدير مؤسسة الثقافة والفنون في هيئة ابوظبي للثقافة والتراث، عبدالله العامري، وعدد من رجال السلك الدبلوماسي والمهتمين بالثقافة والفنون، أعمال خمسة فنانين من جنسيات مختلفة، عمل كل منهم على إبراز العلاقة بين الفن والبيئة من زاوية تهمه.
وعرضت الفنانة الألمانية بيترا بيتريك سلسلة من الصور الفوتوغرافية حملت عنوانا واحدا هو «الصحراء في ألمانيا: حفر مناجم سابقة في غرايفانهاين»، وفيها تعرض مناظر مختلفة في أوقات مختلفة من العام لجبال في ألمانيا تحوطها الطبيعة بسحرها، ولكن التدقيق في الصورة يجعل المشاهد يرى التدمير والتشويه الذي أحدثته المناجم في هذا المنظر الطبيعي، في تزاوج غريب بين جمال الطبيعة والتشويه الذي أصابها، تهدف من خلاله بيتريك إلى لفت الانتباه إلى قضية تعاملنا مع البيئة، وقدرة الانسان على التعايش مع المناظر المشوّهة التي تتداخل مع مناظر الطبيعة والواقع من حولنا.
«لفافة البر والبحر»
واختار الفنان الإماراتي عبدالله السعدي المشاركة في المعرض بعمل لافت عنوانه «لفافة البر والبحر»، الذي هو لفافة من الورق بارتفاع خمسة سنتيمترات، وطول ستة أمتار، استخدم فيه الاساليب اليابانية في الرسم، ويصور العمل الساحل الشمالي لدولة الإمارات فيما يشبه اللقطات المتتالية، ليظهر في البداية الساحل والطبيعة بجبالها ومياهها، ثم تبدأ تدخلات المدنية الحديثة عليها في المشاهد التالية، ليظهر كيفية تحول البيئة الطبيعية واعتداءات المدنية عليها، وعلى ملامحه، ولتأكيد التحولات، اقتصر السعدي في مشاهد اللفافة الأولى على استخدام الرصاص، بينما اتجه إلى استخدام الألوان في الجزء الثاني منها، وعلى الرغم من اختلاف طبيعة العمل مع أعمال زميلته في المعرض بيتريك من حيث التقنيات الفنية وبيئة العمل، إلا ان رابطا ما يجمعهما، وهو السعي لإبراز تحولات الطبيعة نتيجة للمدنية والصناعة.
بشر.. وأعمدة
وتحت عنوان «دعائم»، وجاءت مشاركة الفنان الإماراتي محمد كاظم في المعرض، وعمد من خلال أربع صور فوتوغرافية، عمل من خلالها على نقل النمو العمراني السريع لإمارة دبي، من خلال لقطات تتصدرها الأعمدة والدعائم الحديدية التي تستخدم في البناء، تطل من عليائها على الحياة اليومية للبشر المقيمين في الإمارة، كما استخدم كاظم لعبة الضوء والظلال لإظهار هذه المعاني وتكريسها. وضم المعرض ستة أعمال زيتية لمحمد كاظم جمعها عنوان وجها لوجه، كان الظل والضوء هما اللاعب الرئيس فيها.
وشاركت الفنانة البريطانية المقيمة في دبي فاليري غروف بثلاثة مجسمات لناطحات السحاب حملت عنوان «ابراج النفايات» استخدمت في صنعها نفايات مختلفة مثل معلبات القصدير، وأوراق الصحف، ومعلبات المياه الغازية الفارغة، قد يكون هدف الفنانة منها هو الدعوة للاهتمام بتدوير النفايات التي تنتجها بكثرة المدن الحديثة، وإعادة استخدامها بطرق ووسائل مبتكرة للاستفادة منها، أو قد تمثل «أبراج النفايات» نوعا من السخرية من المدنية السرعة التي تقضي بقسوة على الطبيعة من حولها، وتتجاور من دون ان تترك مساحة خضراء تمنح الروح والنفس فرصة لالتقاط الأنفاس والاستمتاع والتأمل. وشاركت غروف أيضا بلوحتين بعنوان «مناظر صناعية» استخدمت فيهما مواد مختلفة على ألواح معادة التصنيع.
«حوار الطبيعة»
وفي قلب القاعة المخصصة للمعرض، جاءت مشاركة الفنانة منى عبدالقادر العلي، وعنوانها «حوار الطبيعة»، ما يعكس بالفعل طبيعة وجوهر العمل الذي تكون من أصص زرع نبتت فيها مجموعة من النباتات والأزهار، تتوسط مجموعة أخرى من الأصص التي تضم نبتات لم تتفتح بعد، لتكشف العلي من خلال عملها عن العلاقة بين دورة حياة النباتات وزراعة الأرض ما فيها من إبداع وفن، كما تكشف الخطوط المتوازية بين هذه العمليات، بما يؤكد ان العلاقة بين الطبيعة والفن قائمة وأبدية، وكما ان لكل فنان اسلوبه، ولكل مزارع طريقته في الزراعة والإبداع. يشار إلى أنه سبق افتتاح المعرض حلقة نقاش عامة تحدث فيها الفنانون المشاركون في المعرض عن مشاركاتهم ووجهات نظرهم في العلاقة بين الفن والطبيعة، وما يطرأ على البيئة من تغيرات.