أونا رولنسون: رسوماتي تحفّز مـخيّلة الأطفال
لن تغيب عن بالك مشاهد الطفولة في منزل «اونا رولنسون»، هذه الرسامة التي يظهر تمتعها بجانب طفولي في شخصيتها، وذلك ليس من حيث رسمها لصور خاصة بقصص الاطفال، بل ايضاً كونها تضع هذه الرسومات كلوحات تزين بها منزلها وكأنها تعلن شغفها بالعمل الذي تقوم به. لا تقدم رولنسون الرسوم البعيدة عن البيئة المحلية، فالحيوانات تنتمي الى البيئة المحلية، كما ان ابطال القصص هم مواطنون ينتمون الى المجتمع الإماراتي، تصورهم في القصص عبر رسم التفاصيل التي تغني مخيلة الطفل وتحفزه على التفكير، والتحليل، وتوقع الأحداث بوتيرة قوة القصة نفسها وتأثيرها في الطفل.
جمل وكلب قنص
بدأت اونا رولنسون الرسم لقصص الاطفال عن طريق المصادفة، وذلك بعد ان رسمت جملاً وكلب القنص وصقراً على احدى بطاقات التعريف الشخصي، وحين رآها حامد شاهين الغانم وهو مالك ومدير مركز كلاب القنص العربي في أبوظبي، اخبرها ان الرسم يفتقد الى بعض العناصر المحلية وارشدها الى الصور الاساسية الموجودة في البلد، وعرفها الى الكاتبة جوليا جونسون ثم بدأت ترسم لها الرسومات الخاصة بالقصص، وكان ذلك تحديداً منذ ان انتقلت الى دبي، اي منذ ما يقارب الخمس سنوات حين انخرطت في هذه المهنة، واكدت رولنسون، «كنت ارسم الحيوانات كالكلاب والقطط والأحصنة منذ مدة وذلك في المدارس على الجدران والزجاج، لكني لم اربط بين هذه الخبرة في رسم الحيوانات وقصص الاطفال إلا بعد حصولي على الفرصة التي خولتني ذلك».
أماكن
تبدأ رولنسون بالرسم عندما تتلقى القصة من المؤلفة، ولكنها لا تحب ان تكون هذه الرسوم بعيدة عن الواقع، لذا تلتقط الصور للحيوانات التي تريد رسمها، إذ تقول «لا أحب أن ابتكر صورة للجمل الذي سيمثل الشخصية في القصة، بل أحب أن يكون حيواناً موجوداً في مكان ما، ما ابتكره والعب عليه هو الأسلوب في جعل الجمل مضحكاً وساخراً، فألعب على تفاصيل وجهه، فأحياناً يكون شكله غاضباً او مضحكاً وهذا التغيير في الشكل هو الذي يثير الأطفال. بالاضافة الى اني تعمدت رسم راشد المواطن في قصتي كي يكون قريباً من الاطفال». أما في ما يتعلق بالأمكنة التي تحيط بالرواية، فهي كلها تعود إلى الإمارات، وقد أكدت رولنسون، «اخترت برج العرب وكذلك وايلد وادي، وجميرا بيتش، وشارع الشيخ زايد وغيرها من الأماكن التي تعتبر معروفة بالنسبة للأولاد وهي التي تثيرهم كونها من صميم حياتهم، فعناصر القصة كلها يجب ان تنبع من الواقع المحلي، وليس فقط الرسومات»، وتابعت رولنسون بحديثها عن اهمية اختيار العناصر الخاصة بالرسومات من البيئة المحيطة ، «اعتقد انه من الضروري ان تنتمي العناصر للطبيعة التي يعيش فيها الاطفال، فهذا يثيرهم، واذكر اني حين قصدت إحدى المدارس لألقي محاضرة صغيرة للاطفال حول القصة اثناء توقيع القصة، فحين سألتهم من يعرف وايلد وادي، شاهدت الكثير من الايدي مرفوعة بإثارة ودهشة، فهم يفرحون حين يرون برج العرب في القصة رغم اني لا اجزم ان جميع الاطفال زاروه لكن على الاقل يعرفونه كمعلم من معالم دبي».
تحفيز المخيّلة
وتؤكد رولنسون ان الرسوم التي ترافق القصص ليست لتوضيح الفكرة للاطفال فحسب، بل ايضاً انها تضيف عناصر جديدة إلى الكتابة، إذ قالت «إن الرسوم قد تبين بعض الاشياء غير المذكورة في القصة اساساً، وهذا الاسلوب يتبع في قصص الاطفال لاعطاء الفرصة للاطفال لاستخدام مخيلتهم، بالاضافة الى ان صعوبة النص في بعض الاحيان قد تؤدي ببعض الاطفال الى عدم فهم بعض التفاصيل، لذا ان الصورة تقرب الاطفال من النقاط الاساسية لاحداث القصة، بالاضافة الى انها تمنح الاهل الفرصة لمناقشة الاطفال في الصور التي تحتوي بعض التفاصيل والعناصر غير المذكورة في القصة».
تأليف ورسم
القصة الجديدة التي تعمل عليها رولنسون، والتي ستدور حول الكيك الخاص بالسمك، ستكون من تأليفها ورسمها ايضاً، واوضحت عملها الجديد بالقول، «لا اعتقد ان التجربة الاولى ستكون سهلة، بل ان التجارب الثانية ستكون اسهل، كوني مازلت اقوم بالبحث لكتابة القصة ولكنها ستشمل مختلف انواع السمك الموجود في دبي، والاماكن التي اخترتها، برج العرب واتلانتس وبرج دبي، والنخلة». وحول الاضافة التي يمكن ان يتمتع بها العمل كونها الكاتبة والرسامة للقصة، قالت رولنسون، «هناك الكثير من الرسومات التي بدأت بها دون ان ابدأ بكتابة القصة بتفاصيلها، لاسيما اني اخترت ابنتي وزوجي كأبطال للقصة بالاضافة الى مجموعة اخرى من الاشخاص، وقد احببت ان يكونوا من ابطال روايتي كجزء من الشكر لهم على دعمهم لي». بالاضافة الى هذه القصة ستعمل رولنسون على قصة جديدة، تنطلق من قصة طفل يبلغ 11 من العمر، يلعب في السباق، وستتعرض فيها الى تاريخ دبي في الرياضة.
صعوبات ترجمة
أما الصعوبات كما أوضحتها رولنسون، فلا تكمن في الرسم نفسه بل تكمن في نقاط عدة، منها صعوبة ايجاد جهة راعية للقصة، لأن القصص تحتاج الى رعاية كي تنجز وهذا الامر ليس سهلاً جداً، وقالت، «كنا نواجه الكثير من العقبات في كل مرة، عدا عن ضرورة موافقة الجهة الراعية على تفاصيل القصة». بالاضافة الى بعض المشكلات في الترجمة، فقد اكدت رولنسون، «لاحظت من خلال الآراء التي اطلعت عليها ان هناك خللاً في ترجمة القصص، كما اوضح لي البعض بالاضافة الى الصعوبات في النصوص العربية، ولاسيما القصة التي تحتوي نوعاً من الاستظهار للأطفال، الأمر الذي جعل من القصص تختلف في مناسبتها للاعمار بين اللغتين العربية والانجليزية بسبب الاختلاف في اللغة، بحيث تناسب القصص في اللغة الانجليزية الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين الخامسة والسابعة، بينما في العربية تتوجه القصص نفسها للاطفال بين الخامسة والتاسعة».
اما لجهة المبيعات فقد اكدت رولنسون ان «القصص المترجمة الى العربية لا تباع كالقصص الانجليزية، فمقابل 35 قصة انجليزية تعرض خمس قصص بالعربية والسبب يعود الى محبة الاهل في ان يتمرس الاطفال على القراءة، ولا ارى سبباً آخر طالما ان الرسوم فعلاً تنتمي الى البيئة، اما الحل بنظري فيكمن في وضع القصص في المدارس وفي المكاتب وكذلك التوعية حول اهمية القراءة باللغة العربية».
تقسيم الرسومات
اما في ما يتعلق بتقسيم الرسم على الصفحات، فتقول رولنسون، «تتألف قصص الاطفال من 32 صفحة، يستغرق العمل على رسوماتها بين الثلاثة والاربعة اشهر، فيما يكون الجزء الاصعب من العمل هو البحث لوضع الرسومات، وتقسم الرسومات على 24 صفحة، فيما الصفحات المتبقية تكون للمقدمة والغلاف، ومحتويات الكتاب، كما اني اضع بعض المسابقات للاطفال. والكاتبة عادة تحدد الاخراج والصور، لذا اعتقد انه من الافضل ان اكون الرسامة والكاتبة، كي لا تكون الرسوم مكررة او مملة، لأن هدفي عدم توقع الطفل لما سيراه في الصفحات». وحول اعتماد البعض للرسوم الجاهزة، قالت رولنسون، «إن الصور التي تكون جاهزة مملة كما انه يمكن العمل عليها عبر تقنية الفوتوشوب مما يجعلها بعيدة عن الاشياء التي افضلها، لاني احب الرسوم القادرة على اضحاك الطفل، او حتى الابتكار فيها والتغيير بها».
توقيع القصة
ينتظر ان يقام حفل توقيع القصة الجديدة التي ألفتها رولنسون ورسمتها تحت عنوان «فيش كيك اند جيلي» في 25 نوفمبر، وذلك في مدرسة ريبتون، وسيكون اصدار القصة باللغة الانجليزية، حيث سيقوم احدهم بقراءة القصة خلال الحفل، فيما سيكون هناك مجال للرسم والقيام ببعض الاشغال اليدوية، اثناء فعالية التوقيع. اما تأخر الاصدار باللغة العربية فقد ردته رولنسون لتأخر الترجمة، مما يعني انها ستتوافر في الاسواق بعد أشهر معدودة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news