فحص ومتري في ندوة عن العرب والمتغيرات الثقـافية

فحص ومتر ييتوسطهما بوشليبي.  تصوير : اشرف العمرة

طالب المفكر الإسلامي، هاني فحص أوروبا بأن «تعود الى دورها في إنتاج الافكار، وأن تسهم في اعادة الوعي الاميركي الى نصابه ليتمكن النظام العالمي الحر من تجديد نفسه حفظاً للجميع، وقال في «محاضرة العرب والمتغيرات الثقافية»، وأدارها مدير عام المنتدى الاسلامي ماجد بوشليبي، واقيمت ضمن فعاليات معرض الشارقة للكتاب بمشاركة وزير الإعلام اللبناني، طارق متري، «على هذا المعرض الذي يشكل فسحة ضوء في هذا الظلام الدامس، أن يلعب دوره في دعم الثقافة العربية والكتاب، مئات دور النشر حاشدة بما لذّ وطاب من الكتب ويبدو أن أعداد الكتب تزداد وأعداد القراء على حالها او تتناقص»، وأضاف «يبدو أن الكتاب الجيد الذي يستحق القراءة لا يقرأ، بينما تنتشر وتزدهر الكتب السطحية والتافهة»، مؤكداً أن «معرض الشارقة للكتاب وأمثاله فرصة للجدل وتبادل الخبرات في انتاج المعرفة».

وقال فحص «أحاول أن أقلل من تشاؤمي الذي يقترب من حافة اليأس من إمكان أن يكون مشهدنا العربي يشير من قريب او بعيد الى مستقبل افضل، ولا افلح، وإذا خلوت الى امثالي من أهل المساءلة المهمومين أجد اكثرهم خبرة وأعمقهم تجربة وأغناهم علماً أشد تشاؤماً»، وأضاف «ما العيب في اليأس إن استطعنا تحويله إلى حالة تأسيسية للتفاؤل، والسعي إليه بكل مقتضياته من شراكة وتداول معرفي ومن دون شروط، او حدود، الا ما تقتضيه الخصوصات».

وطالب باستحضار علامات أزمنة مضت من خلال جهد نقدي مكثف للماضي تمهيداً لنقد المستقبل مروراً بالراهن، داعياً الى الشراكة التي تستدعي أن تؤهلنا لاستدعاء الماضي، وأضاف «القوة وحدها ليست معياراً والاستئثار خسارة مضاعفة وإن ثنائية العدو والعميل جائرة وأن الصداقة بما تشترط من شراكة هي الحل». وخلص فحص الى القول «إذا كان يصح أن يوصف اللاثقافي بالثقافي بما هو مضاد للثقافة، فإني أعتبر أن هذا الوباء المتفاقم من العصبية الطائفية والمذهبية النابذة والقاتلة في فضائنا العربي والإسلامي هي المستجد الأعظم».

واختار وزير الإعلام اللبناني طارق متري تقديم مجموعة من المقاربات في العلاقة بين اهل الثقافة والسياسة الملتبسة، وتناول العلاقات بين الدول الناشئة والدول المستقلة حديثاً والدول الصناعية، وقال «كان مفهوم القوة متصلاً بالقدرات العسكرية والاقتصادية، فالقوة الصلبة متصلة بالجانب العسكري والاقتصادي، والقوة الرخوة بالجاذبية التي تشد بلداً الى آخر بفعل نمط العيش وطبيعة النظام السياسي، كنا مشغولين بالقوة الصلبة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وكان ما يشغل المثقفين هو البناء من اجل الاستقلال والتقدم».

وشدد متري على ابرز المشكلات التي كانت تقرأ خلافاً لواقعها ومسارها في عالمنا العربي والإسلامي ابرزها قراءة الصراعات والنزاعات وتحليلها حسب السياسة « لم نكن نعير الاهتمام بالاقليات ومنها الامازيغ والاكراد وغيرهم في عالمنا العربي، وكنا نقلل من خطورة النزاعات بين امتنا والأمم الاخرى، لم تثر مسألة الاستقلال أي جديد، ثم برزت مسألة الهوية التي بدأت تطغى على من نحن وعلاقتنا بالآخر، ثم مسألة رفض الآخر لنا، وصارت السياسة في عصر الهوية اكثر تأثراً بهواجس الهوية وصارت ناظمة لهذه الاسئلة».

وأضاف متري «لم يعد الحديث عن الامازيغية او عن جنوب السودان مجرد حديث، بدأت المسألة الثقافية تصير مفتاحاً للنزاعات، فعند نشوب بعض الحروب في غير بلادنا مثلاً بلاد البلقان وصفها المراقبون بأنها اعادة انتاج لخلافات قديمة حديثة، فالحروب مدخل لتذكر عداوات الماضي بين الامم»، وأشار الى أن العولمة كانت محوراً مهماً وبارزاً، ومع اتساع ظاهرة العولمة انتشرت شبكات المصالح فوق الوطنية، البعد الثقافي للعولمة محكوم بأسباب عدة فقد صار الناس أكثر تشابهاً في ما بينهم ويبحثون عن التميز والتفرد.

ولفت وزير الثقافة اللبناني الى أن العرب مازالوا في السياسة والثقافة مشغولين في مقتضيات المصالح، «هذه المقتضيات والهواجس ستبقى مؤثرة وستصبح في السنوات المقبلة اقل تأثيراً، فسيادة الدول الوطنية اليوم منتهكة، او يجب التنازل عنها، ولم تعد الدول متمسكة بها، وإذا أردنا نحن العرب والمسلمين أن نتحرر علينا، ولو نسبياً، التحرر من أسر وهم التقدم، ووهم الهوية.

تويتر