«دروب المطايـا».. مسلســل عن حياة إماراتية من الثلاثينات
بعد ١٠ سنوات على كتابته، وتعثر الانتهاء منه أكثر من مرة، ولظروفٍ كثيرة، بدأ تصوير مشاهد المسلسل الإماراتي التراثي الجديد «دروب المطايا»، بين أبوظبي والعين، بمشاركة نخبة من نجوم الدراما المحلية والخليجية، وبتكلفة إنتاج تفوق الميزانية المحددة، وبإشراف المنتج المنفذ لتلفزيون أبوظبي، سلطان النيادي، الذي قال لـ«الامارات اليوم» إن المسلسل يروي أحداثاً متباينة «عن رحلات الانتقال بين مدينتي أبوظبي والعين، في الثلاثينات من القرن الماضي، لم تتطرق لها الدراما الإماراتية من قبل».
وأضاف «يتضمن العمل قصصاً إنسانية ووجدانية تحمل في طياتها عادات وتقاليد أهل الإمارات التي جبلوا عليها منذ الصغر، وتركز في الوقت نفسه على مفردات الشرف والشهامة والنخوة».
ويحرص النيادي كمنتج للعمل على توفير بيئة إماراتية أصلية خالية من أدنى مظاهر الحداثة، لتكون أجواء التجربة صادقة ومشابهة للواقع، ويقول إن هذا الحرص «نابع من الرغبة في تجسيد صورة حقيقية لأحداث المسلسل، التي تدور في ثلاث مناطق أساسية هي: منطقة البحر التي تحكي رحلات الغوص، ومنطقة النخيل التي تعد مرسى رحلات القيظ في شهر الصيف، ومنطقة البر رمز الحياة البدوية القديمة»، الأمر الذي تطلب عملية بحث طويلة في أرجاء الدولة استمرت نحو الشهرين، حتى وقع الاختيار على بعض المناطق في مدينة العين، وفي مقدمتها «سيح السدر»، وجزيرة «راس غراب» في أبوظبي، ليتم بناء المناطق فيها، بما يتلاءم وتلك الفترة.
ويعلق النيادي قائلاً «واجهنا صعوبات وعراقيل عديدة، لاسيما حين قمنا ببناء منطقة البحر في جزيرة «رأس غراب» في أبوظبي، التي تستغرق الرحلة إليها ذهاباً وإياباً قرابة ٤٠ دقيقة عن طريق الطراد، ومن ثم تكون الحاجة إلى سيارات الدفع الرباعي لنقل فريق العمل إلى الجزيرة، في ظل ظروف جوية قاسية تصل إلى ٣٨ درجة مئوية».
ويكمل «فضلاً عن الصعوبة في نقل احتياجات ومعدات التصوير، التي تتطلب الحرص والعناية الشديدين»، مؤكداً أن «الحرص على توفير عنصر الصدقية في العمل يقف وراء تحمل كل هذا العناء، وعدم الاكتراث بالإنتاجية التي فاقت الميزانية المحددة، لاسيما بعد أن أصبح المشاهد بحكم اطلاعه الكبير ناقداً قاسياً».
تحقيق الصدقية
وهذا ما أكده مدير الإنتاج، الممثل سعيد السعدي، قائلاً «حرصاً منا على تجسيد الصدقية في العمل، لنيل رضا المشاهد، حرصنا على توفير شتى السبل الكفيلة بتحقيقها، ولأن مظاهر الحداثة تكاد لا تخلو منها إمارة ولا منطقة في الدولة، ارتأينا بناء مناطق العمل الثلاث»، ويكمل «فضلاً عن قيامنا بعمليات بحث كثيرة في أسواق الدولة لشراء احتياجات العمل القديمة كالحب، والتفق، والمحزم، والجفير، وغيرها، الأمر الذي تطلب مجهوداً كبيراً ووقتاً طويلاً، وقد وفقنا في توفير الكثير منها بشكلها الأصلي القديم»، ولضمان صدقية العمل أكثر «حرصنا على الابتعاد عن الخدع التلفزيونية، فمشاهد التصوير في البحر كانت تتم في وسطه وتستغرق نحو تسع ساعات، حتى عملية حرق القوارب كانت حقيقية، وقد تم حرق قوارب أصلية عتيقة، لضمان جودة العمل».
ويضيف «حتى مجموعة الإبل التي احتجنا إلى تصويرها في هذه المنطقة، قمنا بإحضارها عن طريق العبّـارات، واستعنا بمدربين مختصين في مجال ترويض الإبل، لتدريب الفنانين على ركوبها، كل هذه الأمور وأكثر انعكست بلاشك على إنتاجية العمل التي فاقت الميزانية المحددة».
وذكر مخرج العمل، عارف الطويل، أن عملية التصوير ستستمر ٩٠ يوماً، لانجاز ٣٠ حلقة، باستثناء عمليات المونتاج التي تحتاج إلى قرابة الشهر ونصف الشهر، وأضاف أن «دروب المطايا» عمل إماراتي تراثي من الطراز الأول، ينفذ بميزانية ضخمة، ويضم نخبة من نجوم الدراما الإماراتية، إلى جانب مجموعة من نجوم الخليج، وعلق قائلاً «أعتقد أن العمل سيترك أثراً كبيراً في تاريخ الدراما الإماراتية، لما يحمله من توثيق لتاريخ إمارة أبوظبي، ومدينة العين قبل نحو ٧٠ سنة وأكثر».
وكانت «الإمارات اليوم» حضرت أحد أيام التصوير في منطقة البحر، في جزيرة «رأس غراب» في أبوظبي، والتقت خلاله مجموعة من نجوم الإمارات والخليج، الذين أعربوا عن فرحتهم الكبيرة بالمشاركة في هذا العمل التراثي الجديد، حيث قال الممثل والمنتج أحمد الجسمي «سعيد بمشاركة صديقي وزميلي سلطان النيادي في عمله الجديد، الذي يسعى جاهداً أن يقدمه للجمهور على درجة عالية من الصدقية»، معلقاً «كوني منتجاً، وكانت آخر أعمالي في هذا المجال المسلسل التراثي «ريح الشمال» الذي عرض على قناة «سما دبي» الفضائية في رمضان، أدرك جيداً الظروف الصعبة لإنتاج عمل تراثي يرتبط بفترة زمنية محددة، ويضم ثلاث بيئات مختلفة، ليحكي أحداثاً متباينة عن رحلات الانتقال بين مدينتي أبوظبي والعين تحديداً، وفي الثلاثينات من القرن الماضي، حيث يتطلب ميزانية ضخمة، غالباً ما تعجز عن تلبية كل التكاليف»، ويكمل الجسمي «الأمر الذي تغلب عليه النيادي في سبيل تحقيق الصدقية المنشودة في العمل، الذي أتوقع أن يكون إضافة فريدة للدراما الإماراتية».
ويلعب الجسمي في هذا العمل دور النوخذة «سناد» الرجل الطيب، الذي يقصده المحتاج لمساعداته والمظلوم لنصرته، ليظهر بذلك صفات النخوة والشهامة التي يتمتع بها أهل الإمارات التي ألفوها منذ القدم.
مشاهد في البحر
وتلعب دور زوجته «أم عفراء» التي تحمل صفاته الحميدة ذاتها، الممثلة العُمانية شمعه محمد، التي تكاد لا تفارق ابنتها «عفراء» التي تؤدي دورها الفنانة الكويتية الواعدة شهد الياسين، وعن مشاركتها في هذا العمل تقول «على الرغم من أن تاريخ الخليج وتراثه يكاد يكون واحداً، إلا أنني أحرص على المشاركة في الأعمال التراثية الخليجية، لأتعرف أكثر إلى خصوصيتها»، وأضافت «تعد الأعمال التراثية والتاريخية على حد سواء من أصعب الأعمال وأجملها، حيث تجسد قيم وعادات، وأحداث وبطولات».
ويعد «دروب المطايا» خامس مسلسل إماراتي تشارك فيه شمعه، بعد «ريح الشمال»، و«جمرة غضى»، و«جنون المال»، و«الدريشة» أحب الأعمال إلى قلبها.
ويؤدي دور «الطناف» الممثل الإماراتي منصور الفيلي، الذي قال «أؤدي في العمل دور الطناف الذي يعمل عند النوخذة الشرير «سواف الدقل»، ويكون مديناً له، إلا أنه يعجز عن سداد دينه، الأمر الذي يعرضه لمضايقاتٍ شديدة منه، تقف حين يقول «سناد» النوخذة الطيب بسداد الدين عنه، الأمر الذي يجعلني أحرص على رد الجميل له».
وعن الصعوبات التي واجهت الفيلي أثناء التصوير، لاسيما أن أغلب مشاهده في البحر، يقول «لمدة ١٠ أيام نقوم بتصوير مشاهد «المحمل» في وسط البحر من الساعة التاسعة صباحاً حتى السادسة مساء، في ظل أوضاع جوية قاسية، تصل فيها درجات الحرارة إلى ٣٨ درجة مئوية»، إلا أنه يؤكد «تهون الصعاب في سبيل تحقيق الصدقية، التي تعد الضمان الأول لنجاح العمل، الذي سعى القائمون عليه إلى توفير بيئاته المختلفة في أحلك الظروف».
وهنا يعلق الفنان عبدالمحسن النمر «شدني إصرار منتج العمل على توفير ثلاث بيئات تتلاءم وتلك الفترة من الزمن، بأدق تفاصيلها، لدرجة تجعلها صورة مطابقة للواقع أنذاك»، ويذكر أن «دروب المطايا» عمل تراثي مميز بخصوصيته، التي تتجلى في التركيز على رحلات الانتقال بين مدينتي أبوظبي والعين في الثلاثينات من القرن الماضي، وما يكتنفها من أحداث، لذا وافقت على الفور على المشاركة فيه ما أن عرض علي العمل، وأنا في سورية أثناء تصويري لأحد أعمالي الدرامية، ويعتقد النمر أنه «خامس عمل تراثي إماراتي أشارك فيه، إلى جانب مجموعة من الأعمال التراثية الخليجية».
وحفاظاً على عنصري التشويق والمتعة في العمل، رأى النمر عدم كشف تفاصيل الشخصية التي يلعبها، مكتفياً بالقول «أجسد دور (غانم) الزائر للمنطقة، والذي يحمل حكاية خاصة به، تثري العمل».
قالب جديد
كذلك الحال بالنسبة للفنان محمد العامري، الذي يلعب دور الشاب «سيف»، في المسلسل، الذي علق عليه قائلاً «على الرغم من كثرة الأعمال التراثية في الآونة الأخيرة، إلا أن «دروب المطايا» سيقدم للجمهور عملاً تراثياً في قالبٍ جديد لم يألفه من قبل، وذلك من خلال قصته المميزة التي تركز على أحداث معينة لم تجسدها الدراما الإماراتية من قبل، لذا سعدت بالمشاركة فيه، بعد أن وقع الاختيار عليّ لتجسيد شخصية (سيف)».
ويلعب دور أخ (سيف) الفنان سعيد الشرياني في دور (حمد)، الذي قال عن مشاركته في العمل «لا أود الخوض في تفاصيل الشخصية، التي أرغب أن يكتشفها المشاهدين بأنفسهم لاحقاً، وأرجو أن أكون عند حسن ظنهم»، وأكد الشرياني «متفائل بهذا العمل، الذي أؤمن بأنه سيحقق صدى طيباً في الأوساط الفنية المحلية والخليجية، لتميزه الشديد».
وقال الممثل خلف الأحبابي «شاركت في العديد من الأعمال التراثية، إلا أن دوري في «دروب المطايا»، مختلف، أقدم من خلاله شخصية (رماس)، التي سأترك للجمهور تقييمها والحديث عنها لاحقاً». وأضاف «يكفيني فخراً أن الأستاذ الكبير سلطان النيادي، صاحب العمل، هو من رشحني لهذا الدور، الذي أسعى فيه إلى بذل قصارى جهدي حتى أكون عند حسن ظنه».
عودة هدى الخطيب وبوخليف
يشكل مسلسل «دروب المطايا» عودة قوية للفنانة الإماراتية هدى الخطيب للدراما المحلية، والفنان الإماراتي القدير إبراهيم بوخليف، الذي غاب عن الدراما لمدة سبع سنوات. ويضم المسلسل نجوم الدراما المحلية وفي مقدمتهم أحمد الجسمي، وكاتب العمل سلطان النيادي، وأحمد الأنصاري، وعلي التميمي، ومرعي الحليان، ورزيقة الطارش، وعائشة عبدالرحمن، ومحمد العامري، وبلال عبدالله، وعبدالرحمن الزرعوني، ومنصور الفيلي، ومحمد جمال، وخالد البناي، ومحمد البادي، وسعيد سالمين، وموسى البقيشي، وعلاء النعيمي، وسعيد الشرياني، وخلف الأحبابي، وأحمد عبدالررزاق.
ومن الخليج شاركت من الكويت الفنانة القديرة أسمهان توفيق، والفنانة الواعدة شهد الياسين، ومن سلطنة عُمان تشارك الفنانة شمعه محمد، ومن مملكة البحرين يشارك الفنان عبدالمحسن النمر، إلى جانب فريق إخراجي متكامل.
«النيادي» 3 في واحد
لم يقتصر دور الفنان سلطان النيادي في مسلسل «دروب المطايا»، على كتابة النص، بل تعداه ليشمل الإنتاج كمنتج منفذ لصالح تلفزيون أبوظبي، من خلال شركته «ظبيان للإنتاج الفني»، وصولاً للتمثيل في دور (عبيد)، والد كل من (سيف) الفنان محمد العامري ، و(حمد) الفنان سعيد الشرياني، و(سعيد) الفنان سعيد السعدي الذي يلعب دور الابن الأصغر، وزوج الفنانة هدى الخطيب. وعلى الرغم من أن «دروب المطايا» يعتبر ثاني تجربة تلفزيونية للنيادي بعد مسلسل «طماشة» الذي عرض على تلفزيون أبوظبي في ،2007 إلى جانب مجموعة من المسرحيات، إلا أنه يرى أن توصيفه بالكاتب مازال مبكراً، ويحمله مسؤولية كبيرة، قائلاً «أنا مازلت أجرب، على الرغم من كتابتي نصين تلفزيونيين».