<p align=right><font size=1>قطع وأثار ومشغولات من الماضي البعيد والقريب.  المصدر</font></p>

متحفان في غزة.. حتى لا تضيع فلسطين مرة عاشرة

يحتفظ متحفان في قطاع غزة، بقطع أثرية تعود لعصور قديمة، أهمها الحديدي، والبرونزي، والروماني، والبيزنطي، والعصر الإسلامي، فالمتحف الأول يعود لمواطن فلسطيني هو وليد العقاد قضى 30 عاماً من حياته يجمع الآثار في منزله، ليتحول منزله بعد ذلك إلى متحف أثري. أما الثاني فيمتلكه رجل الأعمال الفلسطيني جودت الخضري الذي كان حريصاً على حفظ التراث من الضياع، وهو الهاجس الذي يسكن الفلسطينيين في جهات الأرض جميعها: صون الهوية؛ والعض عليها بالأسنان.

ربما لأن شعوراً كابوسياً يظل يحلق فوقهم، في أرضهم ومنافيهم، بأن البلاد مستهدفة من أكثر من جهة، وأن فلسطين التي ضاعت مرتين.. قد تضيع ثالثة ورابعة وعاشرة!

ويروي المتحفان حكاية التاريخ القديم، وتعاقب الحضارات القديمة والحديثة على أرض فلسطين، حيث إنهما يتكونان من بقايا منازل آبدة، وأعمدة رخام تعود للعصور القديمة، فضلاً عن قطع قديمة نسبياً، وليست آثارية تماماً بالمعنى الفني للكلمة، المدفع الذي استخدم في حرب عام .1965

جهد فردي

وفي تعليق له على فكرة المتحفين اللذين نهضا بجهد شخصي، قال وزير السياحة والآثار في الحكومة الفلسطينية المقالة محمد الآغا لـ «الإمارات اليوم» «إن متحفي العقاد والخضري هما جهد فردي، ولم يتم تجميعمها بطريقة مؤسساتية عن طريق الحكومة، وذلك يعود لأسباب عدة، ومنها ندرة وجود إمكانات فلسطينية للتنقيب وفحص الآثار، كما أن تجميع الآثار لم يكن ضمن الأولويات المهمة للسلطة والشعب، لوجود الشعب والحياة بمجملها تحت الاحتلال».

وأوضح أن «موجودات متحف العقاد تنتمي للتراث أكثر من الآثار، بعكس المتحف الآخر»، وأن المتحفين «يمثلان جهداً عظيماً على طريق حفظ موروث الأجداد والحفاظ على الآثار من الاندثار». ونوّه الآغا بأن الفلسطينيين بحاجة إلى إمكانات لفحص الآثار حتى يتم تأريخها وتوثيقها بطريقة تجنب الوقوع في أي خطأ.

وذكر أن إسرائيل منذ 1967 وحتى ،1994بداية قدوم السلطة الوطنية إلى غزة، «لم تسمح للفلسطينيين بإقامة أي متحف أثري، مما تسبب بفقر شديد للآثار».

وقال الوزير في الحكومة المقالة «إسرائيل لديها عداء مستفحل مع الآثار الفلسطينية كونها تثبت حق الفلسطينيين بأرضهم، حيث قاد وزير الدفاع الإسرائيلي في حرب عام 1967 موشيه ديان حملة لسرقة الآثار الفلسطينية، بل إنه قام بسرقة الآثار من سيناء في الأراضي المصرية، كما أحاط المواقع الأثرية بالدبابات والمدافع، وأرسل فريق آثار من الجامعة العبرية لسرقة الآثار من الأراضي الفلسطينية».

قيمة استراتيجية

وأشار إلى أن فلسطين ككل، خصوصاً الجزء الساحلي والممتد من الأراضي المحتلة عام ،1948 وحتى رفح جنوبا، تعتبر منطقة أثرية وذات قيمة استراتيجية.

«الإمارات اليوم» تجولت في المتحف العائد لرجل الأعمال الفلسطيني جودت الخضري، في مخيم الشاطئ غرب غزة، حيث إن بوابته صورة مشابهة للزمن القديم، وقد وُضعت القطع الأثرية في داخل صناديق خشبية مضاءة بإضاءة خافتة، كما عُلقت قطع على الجدران، ومنها ما وضع بصورة منظمة على الأرض لضخامة حجمه كأعمدة الرخام.

ويقول الخضري «القطع الأثرية المتواجدة في المتحف، تم العثور عليها من خلال الحفريات والتنقيبات، وعمليات البحث التي جرت في القطاع، سواء كانت في البر أو البحر، حيث كانت هناك رغبة داخلية لإنشاء متحف يجمع الآثار القديمة للحقب التاريخية». ويضيف «الحقب التاريخية التي تعود إليها الآثار الموجودة في المتحف، هي عصور ما قبل الميلاد وهي البرونزي، والحديدي، والحقبتان الآشورية الحديثة والبابلية الحديثة، والحقبة الفارسية، والهيلـيـنية، والعصر الروماني، وعصور ميلادية مثل العصرين البيزنطي والإسلامي».

عصور متعددة

وأشار الخضري إلى وجود «بعض المراسي الحجرية والمعدنية، وخشب السفن المستخدمة وتعود للعصر الروماني، وهي من سفن صغيرة كانت تبحر في سواحل مصر وسورية ذهابا وإيابا، وتزن كل مرساة بين 10 إلى 50 كيلوغراماً، وأغلبها من صخر البازلت، كما أن بعضها من حجر جيري».

كما تشمل موجودات المتحف «تيجان أعمدة من الرخام، يعود بعضها إلى العصر الروماني، وبعض آخر للعصر البيزنطي، كما يضم المتحف جرة فخارية تعود للعصر البرونزي القديم 3500 ق.م، حيث كانت تستخدم لحفظ المياه والطعام، إضافة إلى كأس لشرب الماء، كما توجد قوارير لحفظ العطور، وأعين قريبة لشكل العدسات توضع للمومياء».

ويضم المتحف كانونا من الرصاص يعود لسفن من العصر الروماني، حيث إن الحجر الأمامي على شكل حدوة فرس مخصص ليقي الموقد، أما الجزء الثاني فهو طبق أجوف يتراكم فيه الرماد، ولتسخين الماء والطهو عليه.

30 عاماً من البحث

أما المتحف الثاني فيعود للمواطن وليد العقاد، ويتواجد في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، والذي قال «اهتممت كثيرا، منذ كنت شابا، بالآثار القديمة لفلسطين، للحفاظ على تراث الأجيال السابقة، خصوصاً الأجداد، فقضيت نحو 30 عاماً في البحث عن القطع الأثرية، كما أنفقت الأموال على شراء عدد منها من مالكيها، حيث كانت أمنيتي أن أقيم متحفا للآثار».

وأضاف «جمعت كل الآثار التي حصلت عليها في منزلي في مدينة خانيونس، وبعد ذلك قمت بترتيبها وحولتها إلى متحف العقاد الثقافي للتراث والآثار».

وأوضح العقاد أن المتحف يضم صفا طويلا من الأعمدة الرخامية والأحجار تعود إلى العصور القديمة، وأهمها الحقبة الهيلانية، والعصران الروماني والبيزنطي، مشيرا إلى أنه يحتفظ، أيضاً، بمدفع استخدم في حرب عام .1956

وأشار إلى وجود ركن خاص في المتحف يعرض أدوات حياة البداوة التي عاشها الأجداد، مثل الخيام القديمة التي كانت المأوى لهم، وجرن طحن القمح والحبوب، وعدد من المقتنيات الثرية، كما يحتفظ الركن بمفردات التراث الفلسطيني قبل نكبة عام ،1948 ومنها الاثواب الفلاحية والقطع الفخارية.

وقال صاحب متحف العقاد «المتحف حاصل على ترخيص رسمي من وزارة الآثار والسياحة السابقة، كما قام وزير الثقافة السابق يحيى يخلف بجولة في المتحف، بالإضافة إلى اهتمام من المؤرخ الفلسطيني سليم المبيض، كما زار المتحف وفد مصري برئاسة الدكتور عاطف عبدالحي رئيس قسم الآثار في جامعة القاهرة، ودهش لوجود آثار وتراث في مكان واحد».


هويات أثرية لكل زمان 
 
قال جودت الخضري، جامع آثار المتحف الأول، إنه تبين من خلال عمليات الجمع والبحث أن كل حقبة تاريخية تشتهر بآثار تختلف عن بقية العصور الأخرى، حيث إن الحقبة والهيلـيـنية،330 ق.م، اهتمت بقوارير صغيرة تسمى «بلابيل» يحفظ في داخلها كحل العين، وكانت تجاورها قوارير صغيرة لحفظ الطعام والزيوت والعطور، إضافة إلى أسرجة للإضاءة كانت تستخدم للمنازل.

ومن الآثار الموجودة في المتحف غطاء لتابوت على شكل وجه كبير يعود للعصر الحديدي 1300 ق.م، عثر عليه في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.


الأكثر مشاركة