«صرخة الصمت».. انتصار لثقافة الطفل
افتتح في بغداد أول من أمس، معرض تشكيلي لرسوم الاطفال في إطار مسابقة تحمل اسم الرسام العراقي طالب مكي الذي انتصر لثقافة الطفل. ويضم المعرض الذي ينظم في قاعة دائرة ثقافة الاطفال التابعة لوزارة الثقافة العراقية في اطار تكريم مكي، 50 عملا، ورسوما للفنان الذي كان النحات الراحل جواد سليم يسميه «صرخة الصمت» لأنه ابكم و«أسد بابل» لقدراته الابداعية الكبيرة.
وتمثل الاعمال المشاركة في مسابقة المعرض اغلفة لاسبوعيتي «مجلتي» و«المزمار» اللتين تصدران منذ 1969 و1970 على التوالي، وكذلك رسوما لكتب قصصية وشعرية موجهة للاطفال، فضلا عن السيناريوهات القصصية.
وقال مدير عام دائرة ثقافة الاطفال ان «الفنان مكي بقي منسيا لسنوات بفعل الاهمال الذي طال المبدعين، وتأخرنا كثيرا في الاحتفاء بمنجزاته». وأضاف «اعتقد ان مثل هذه المعارض والمسابقات تشكل محاولة لتأسيس ذاكرة ثقافة الطفل في العراق».
وطالب مكي ولد في الناصرية كبرى مدن محافظة ذي قار جنوب العراق في ،1936 ودخل معهد الفنون الجميلة في 1952 بقرار خاص من مجلس الوزراء لأنه لم يكن قد اكمل ١٥ من عمره.
وقد تخرج في معهد الفنون الجميلة في بغداد في 1957وشارك للمرة الاولى في معرض محلي بعد عام من تخرجه في القسم الهندسي مطلع الستينات، بعد وفاة جواد سليم الذي اعجب بقدرة الفنان الواعد وسمح بمشاركته في العديد من المعارض العراقية. ومكي من مؤسسي جماعة «المجددين» التي انبثقت في 1965 بصحبة عامر العبيدي ونداء كاظم وسالم الدباغ. وتبرز اعماله التي زينت المئات من كتب الاطفال اهتمامه بالحكايات الشعبية والتاريخية العربية، فضلا عن الرمزيات الاشورية والبابلية.
وقال الناقد التشكيلي صلاح عباس ان تجربة مكي « عملاقة وثرية ونجح فيها ضمن مسيرة الفن التشكيلي بشكل عام وفيما يتعلق بمشواره مع رسوم الاطفال خصوصا». وأضاف ان «مكي صهر نصف قرن من عمره في بوتقة الفن والتوقف عند تجربته وواقعها لا حدود له، بعد ان اصبح واقعا خاصا لكل فناني رسوم الاطفال في العراق».
ويرى الاعلامي جمال كريم ان «مكي ولد موهوبا وتنامت موهبته وتشكلت على وقع حس بصري استطاع من خلاله الانتصار على حرمانه من حاسة النطق، حتى اصبح احد رواد مشروع ادب الاطفال».وأضاف «علينا أن نتامل باحترام كبير تجربة انسان فنان ابداعي قال عنه جواد سليم إنه سيخلفه قبل ان يسكت قلب هذا الاخير في 1961»
تقاعد مكي عن العمل منذ اكثر من 10سنوات، ليتفرغ لمشغله قبل ان يتعرض لجلطة دماغية قبل عامين. وهو مهتم بالنحت وله منجزات يحرص على تأملها يوميا ويشارك في أكثر من معرض محلي. ودعت مها ابنة مكي «الجهات الحكومية الى ابداء رعاية خاصة للفنانين الذين امضوا سنوات طويلة مع رحلة الابداع، فليس من المعقول ان يعتمد هؤلاء على رواتب تقاعدية غير منسـجمة مع متطلبات الحياة».
وأضافت مها التي تواصل دراستها العليا في اكاديمية الفنون الجميلة فرع الرسم، ان والدها الذي اصيب بجلطة دماغية قبل عامين، ما يزال منكبا على حياته العملية ورحلته اليومية في مشغله».
وشهدت ثقافة الاطفال في العراق عهدها الذهبي في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، لكن الاهمال الذي لحق بأهم مؤسسة ثقافية ادى الى انهيارها. ومن ابرز كتاب تلك الفترة شفيق مهدي الحداد وعبدالإله رؤوف وفاروق سلوم وفاروق يوسف والراحل جعفر صادق وعبد الرزاق المطلبي وزهير رسام وجواد الحطاب. ومن المع الرسامين مكي وشقيقه أديب مكي وحنان شفيق والراحل مؤيد نعمة وعبدالرحيم ياسر ونبيل يعقوب وغيرهم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news