<p align=right>أوباما استخدم في تنافسه مع ماكين «أسلوب شيكاغو»</p>

واجبــات أوبــامـا السينـمائية

كل تغيير تعزيز لمساحة الحلم الإنساني، وكل جمود وإصرار على كابوس إيقاف الزمن والالتفات بفخر ملفق للوراء، تحت وهم تقديس الماضي والمتوارث، وما تبقى متروك لتفاصيل سياسية وقضايا شائكة سيكون باراك أوباما غارقاً فيها، وشعور أكيد يراوده بأنه ليس سوبرمان ليطير بها، فهو بالكاد سيتذكر سبيدرمان وأمامه من الموروث «البوشي» ما يجعله حيال شبكة عنكبوتية من المشكلات.

لن يكون لدى الرئيس الجديد متسع من الوقت لمشاهدة الأفلام، ولا نعرف إن كان سيكمل مشاهدة فيلم مايكل ريتشي «المرشح» ،1972 «إنه فيلمي المفضل» كما يقول، مضيفاً أن فريق حملته الانتخابية منعه من مشاهدة نهايته.

في ما تقدم أمور بديهية وأخرى تحتكم على دراية ودهاء، فمن البديهي والطبيعي أن يكون فيلم «المرشح» محط إعجاب أوباما، فبيل ماكي (روبرت ردفورد) هو أوباما نفسه، الذي يلحق الهزيمة بمرشح محافظ عجوز، مستعيناً بشخصيته المتوقدة وشبابه المندفع نحو قضايا كبرى تكون في البداية دافعه الرئيس لقبول ترشيح الحزب الديمقراطي له. بينما تأتي الدراية والدقة من فريق عمل أوباما، إذ إن حجب النهاية عنه منع لأي تشويش قد يطاله، مادامت نهاية فيلم «المرشح» ستكون في سؤال مفاده، بعد الفوز، «ماذا سنفعل الآن؟» أو كون النهاية إضاءة لصراعات الضمير مع الطموح.

وفي تتبع للأفلام كمعبر إلى أوباما، فإن مقالاً لافتاً نشرته صحيفة «الغارديان» الأربعاء الماضي سيأخذنا إلى مساحة أخرى ينصح فيها كاتبها اكسان بروكس الرئيس أوباما بمشاهدة عدد من الأفلام بعد فوزه بالانتخابات، يأتي في مقدمتها فيلم «عناقيد الغضب» 1940 للمخرج جون فورد، المقتبس عن رواية جون شتيانبك الشهيرة بالعنوان نفسه، ولعل إدراج هذا الفيلم على رأس القائمة يأتي متسقاً مع أولويات الرئيس المتمثلة في مقاربة الأزمة المالية التي تعصف ببلده، مادام «عناقيد الغضب» يسخّر جمالية قصته وصورته لرصد الأزمة المالية في ثلاثينات القرن الماضي، ما يجعله «فيلماً يسارياً أخرجه مخرج يميني» كما يصفه الناقد الأميركي روبرت ايبر.

الفيلم الثاني الذي على أوباما مشاهدته، حسب كاتب المقال، هو «ناشفيل» فيلم روبرت ألتمان الشهير ويعلل ذلك بوصفه «احتفالية بأميركا بوصفها بوتقة لانصهار الأعراق والجنسيات»، بينما يأتي الخيار الثالث بفيلم «معركة الجزائر» للمخرج الايطالي غيلو بونتيكرفو 1966 ومع هذا الخيار تحضر مسألة احتلال العراق، أو كما يورد بروكس «للتذكير بما قد تحدثه حرب العصابات بالجيوش المحتلة لبلد»، ولعل استعادة حوار شهير من هذا الفيلم له أن يوضح ما قدمه هذا الفيلم من إضاءة لنضال جبهة التحرير الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، فحين يسأل أحد قياديي «جبهة التحرير» في مؤتمر صحافي بعد اعتقاله «أليس من الجبن أن ترسلوا نساءكم محمّلات بالقنابل لقتل الأبرياء؟»، يجيب «أليس من الجبن أن تقصفوا شعبنا بالنابالم؟»، ويضيف «أعطونا طائراتكم وسنعطيكم نساءنا وما يحملن في حقائبهن».

يمكن محاكاة المقال سابق الذكر، وإضافة العديد من الأفلام على قائمة ما على أوباما مشاهدته، مثل «الطريق إلى غوانتانامو» لمايكل وينترباتوم وما يصوره من فظاعة وعبثية هذا المعتقل، أو فيلم (حقيقة مؤرقة) الخاص بحملة آل غور عن الاحتباس الحراري، الذي رفض جورج بوش مشاهدته، وغيره مما له أن يحول الفيلم إلى حامل لمطلب، أو عبرة، أو تنويه.

على كل من الجيد التذكير بأن أوباما استخدم في تنافسه مع جون ماكين ما أطلق عليه «أسلوب شيكاغو» في اقتباس من فيلم (المنبوذون) لبراين دي بالما؛ معتبراً أن صراعه مع الجمهوريين مفتوح على كل الاحتمالات قائلا «إن استعانوا بالسكاكين فإننا سنستخدم المسدسات».

الأكثر مشاركة