«زايد والحلم».. يستلهم سيرة الإنـســـان والأسطــورة

العمل يعرض في المسرح الوطني في أبوظبي.

يجري حالياً وضع اللمسات الأخيرة على العمل المسرحي الضخم «زايد والحلم»، الذي تقدمه هيئة ابوظبي للثقافة والتراث، بالتعاون مع مسرح «كركلا»، بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني الـ37 لدولة الإمارات، وتمثل رؤية فنيّة مضيئة مستوحاة من مسيرة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ومن تراث الخليج وسحر الشرق، من إشراف وإعداد عبدالحليم كركلا.

فقد تحوّل المسرح الوطني في ابوظبي إلى ما يشبه خلية نحل لإتمام الاستعدادات، وتنفيذ الديكورات الضخمة التي ستصاحب العمل المسرحي خلال فترة العرض، في الفترة من بعد غد الثلاثاء وحتى الخميس، ضمن احتفالات العيد الوطني، إذ أوضح مخرج العمل ايفان كركلا لـ«الإمارات اليوم» انه تم بناء ما يشبه مسرح إضافي داخل المسرح الوطني الذي تضاعفت مساحته لتستوعب المتطلبات الفنية والتقنية للعمل، الذي يشارك فيه نحو 300 شخص، ولم تقتصر التوسعات على خشبة المسرح فقط، ولكن تم كذلك إقامة خيم كبيرة خلف الكواليس لاستيعاب هذا العدد الكبير. مضيفا «اعتدنا في مسرح «كركلا» ان نتعاون مع أبرز مصممي السينوغرافيا في العالم، لضمان جودة العمل الذي نقدمه، وفي «زايد والحلم» نتعاون في تنفيذ الديكورات مع أهم مصممي الديكور في ايطاليا التي تمتلك تاريخا عريقا في هذا المجال منذ ان انطلقت منها نهضة مسرح الأوبرا عام 1640 ولكن في النهاية يتم تنفيذ الديكور وفقا للهوية التي نقررها للعمل».

بداوة بروح عصرية

وعن الجديد في ديكورات العمل الذي يدور في بيئة بدوية ذات مفردات محدودة، قال كركلا: «بالفعل غالبا ما تعتمد الديكورات البدوية على مفردات محدودة، ولكن التجديد ينبع من الاختلاف في استخدام هذه المفردات والهوية الإماراتية وترجمتها مسرحيا، وبالنسبة لعمل «زايد والحلم» هناك نوعان من الديكور الأول مسرحي، والثاني افتراضي، يمثل نقلة من الديكور المحلي بمعناه البسيط، وبين الديكور العصري المطور»، وكشف المخرج ان العرض سيشهد ديكورات تعرض على شاشة ضخمة في خلفية المسرح «تتكون من لوحات سينمائية متنوّعة تم تصويرها لمدة ثلاثة أشهر في الصحراء»، توضح الحياة البدوية الأصيلة بإسلوب إبداعي يخدم العمل «بعيدا عن الاسلوب الوثائقي»، على ان تتضافر هذه الديكورات مع الحوار والرقصات والموسيقى والأزياء وغيرها من العناصر الفنية في العمل لتقدم في النهاية «سيمفونيا من اللوحات الخلاقة كما في لوحة الفسيفساء»، فمع بداية العمل في العرض يتم وضع كل عنصر على حدة، وفي فترة الاستعدادات الأخيرة يتم الجمع بين هذه العناصر في سيمفونية متكاملة، مضيفا ان «العمل يفرض طبيعته وعلى المخرج والمشرف الاستماع إلى متطلبات العمل الذي يوجهه للأفضل».

زايد الأسطورة والحلم
وعن كيفية المزج بين الاسلوب المميز لمسرح «كركلا» والطابع التراثي البدوي لمسرحية «زايد والحلم» أشار كركلا إلى ان «كركلا» لم تعد فرقة لتقديم مسرح راقص كما كانت عندما أسسها عبدالحليم كركلا عام 1962، بل أصبحت مؤسسة فنية قادرة على خلق أنواع مختلفة من الأعمال الفنية بكل عناصرها من موسيقى وديكور ومضمون، بعد ان صارت تمتلك الأسس الفنية التي تمكنها من ذلك، مؤكدا ان ذلك مثل الراقص الذي يمكنه أداء كل الحركات والرقصات مادام امتلك تقنية المزج بين الروح والجسد، بينما يأتي دور المخرج أو مصمم الرقص لوضع آلية ومضمون فني للعمل، ومن هذا المنطلق لم تكن هناك أي صعوبة في التعاطي مع الحياة البدوية، كما كشف المخرج، أوتقديم عمل يستلهمها، «خصوصا ان جدي كان بدويا، ونحن نفتخر بعلاقتنا بالبدو والصحراء مصدر الكرم والشجاعة، ونشعر بأن ديار البدو ديارنا». موضحا ان العمل في المسرحية بدأ منذ سبعة أشهر «اضطر فريق العمل خلالها ان يستعير ساعات من الليل ليواصل العمل فيها من الساعة السابعة صباحا وحتى ساعات متأخرة»، فعمل بهذا الحجم وهذه الأهمية يحتاج، حسب كركلا، إلى تحضير عام ونصف العام على الأقل، ولكن «الثقة والمسؤولية التي أولتها لنا هيئة ابوظبي للثقافة والتراث في تقديم هذا العمل الضخم، والمساندة الفعالة التي وفرتها لنا خلال مراحل العمل المختلفة، كانا حافزا مهما لتقديم عمل يتناسب مع حجم شخصية واسم المغفور له الشيخ زايد رحمه الله».

وذكر مخرج عرض «زايد والحلم» ان صعوبة العمل تكمن في انه يتعاطى مع «شخصية وسيرة بطل عظيم، ونقدمه أمام أبنائه وناس واكبوا حياته ومسيرته ويمثلون جزءا منها، ولذا ليس هناك مجال للخطأ»، وقد قمنا بالعديد من الأبحاث والدراسة لحياة وتاريخ الشيخ زايد اكتشفنا خلالها «جوانب مذهلة عن زايد الإنسان وعلاقته بالبيئة والصحراء، واهتمامه بأفراد المجتمع خصوصا المرأة والطفل»، مشيرا الى «المضامين الهائلة من الأحداث والموضوعات التي يمكن تناولها في العمل، وان شخصية بهذا الثراء من الصعب تناولها في عمل واحد»، فهي تحتاج إلى أعمال متعددة لإبراز الجوانب المتعددة لدى الشيخ زايد رحمه الله، و«من هنا قررنا ان نتناول في العمل زايد الإنسان محورا رئيسا ونتفرع للأحداث المهمة في حياته ومسيرته ومن خلال هذه الخط نبرز زايد الأسطورة والحلم بعيدا عن الاسلوب الوثائقي».

اختلاف مع الأستاذ
وعن علاقته كمخرج خلال العمل مع والده مؤسس مسرح «كركلا» عبدالحليم كركلا باعتباره المشرف والمُعد لـ«زايد والحلم»، قال ايفان: «من الطبيعي ان يشهد العمل اختلافا في الآراء، ووجهات النظر، بيني وبين والدي، وهو أمر ضروري وبناء للوصول إلى أفضل نتيجة وصورة للعمل، ولكن في النهاية نظل جميعا تحت جناح والدي، الذي قام بإجاد مسرح عربي راقص وجعل للرقص هوية ثقافية، بعد ان كان الرقص بعيدا تماما عن الثقافة، كما اوجد له اهمية اجتماعية»، موضحا ان «الفرقة التي بدأت بستة أشخاص صارت مؤسسة فنية متكاملة، بالإضافة إلى مدرسة تضم 90 تلميذا تهدف لإيجاد جيل جديد من الراقصين، كما نجح مسرح «كركلا» بفرض الوجود العربي على مسارح العالم اجمع».

وعن وضع المسرح الراقص في العالم العربي حاليا أشار كركلا إلى اننا نعيش حاليا في حالة سياسية عالمية تعكس صورة غاضبة تجاه العرب والاسلام، ولكن علينا ألا نتأثر بهذا المحيط السلبي، وان نواصل ما نقوم به من عمل وجهد لتطوير أنفسنا.

مفاجآت للحضور

المخرج ايفان كركلا. تصوير: جوزيف كابيلان

بلغ عدد المشاركين في «زايد والحلم» 300 شخص، وجمع بين الشعراء سعيد عقل، وجورج جرداق، وكريم معتوق، ورعد الشلال، ومن الممثلين الفنان الأردني ياسر المصري، الذي يقوم بدور الشيخ زايد رحمه الله، وغابريل بيمين في دور الراوي، صوت الزمن، مع ظهور لمصممة الرقصات اليسار كركلا، كما يضم فريق العمل مساعد الأبحاث التراثية الإماراتية سعيد بن كراز المهيري. ويختتم العرض بلوحة غنائية يشارك فيها عاصي الحلاني، ووعد، وحمد العامري.

كذلك سيتضمن العرض أكثر من مفاجأة للحضور، كما اشار مخرجه إيفان كركلا.

تويتر