«الإمارات بعـيون عربية».. احتفاء تشكيلي بالعيد الوطني
قال صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إن «الثقافة زاد الشعوب وهويتها، فمن دونها لا يسمو الإنسان بفكره وعاطفته ومعرفته إلى الدرجات العليا من الإبداع والتعبير والتفنن في خدمة وطنه ومجتمعه وحضارته». جاء ذلك خلال افتتاحه، أول من أمس، معرض «الإمارات بعيون عربية»، في مركز دبي المالي العالمي، والذي يستمرّ حتى 14من الشهر الجــاري.
تتوحد في المعرض أعمال 40 فناناً من مختلف الدول العربية بألوان العلم الإماراتي الأربعة، وتتلاقى الأفكار لتبدع تصورات فنية منطلقة من الحقائق نفسها التي دفعت معظمهم إلى الاحتفاء في تشكيلهم بالرقم 7 الذي يشير إلى إمارات الدولة، والرقم 37 الذي يُرَقم ذكرى الاحتفالية بالعيد الوطني هذا العام، في إشارة ثرية تتعلق بوحدة فنية تسوّغها الخلفية الثقافية للأمة، عبر عنها بتلقائية شديدة التشكيليون العرب في معرض «الإمارات بعيون عربية».
وبعد قرون من انفراد الشعر بالاحتفاء بالمناسبات القومية والوطنية المصيرية، تلهم ذكرى عيد الاتحاد التشكيليين العرب الذين أتوا بدعوة من وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، للتعبير عن مشاعرهم بفرشاتهم وألوانهم التي شكلت في مجموعها علم الدولة بألوانه الأربعة، متحدين صعوبة فنية قال عنها التشكيلي الإماراتي عبدالقادر الريس لـ«الإمارات اليوم»: «التوفيق ما بين اللونين الأحمر والأخضر معضلة فنية يفضل التشكيليون تجنبها، على اختلاف مذاهبهم الفنية، إلا أن الملاحظ في الأعمال الـ40 أنها تضمنت حلولاً مختلفة لتفادي الضدية الإيحائية والجمالية للونين».
وقال وزير الثقافــة والشباب وتنميــة المجتمع، عبدالرحمــن العويـس، لـ «الإمارات اليوم» إن «تشريف صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، للمعرض والتقاءه الفنانين تكريم مميّز للفنانين التشكيليين، وأحد مؤشرات أساسية الثقافة في بناء الاتحاد». وأضاف «يحفل المعرض بأساليب ورؤى فنية تشكيلية متباينة، على الرغم من وحدة الموضوع الذي انفعل به كل فنان من زاويته الفنية الخاصة، لذلك جاءت التجربة شديدة التميّز، وإضافة نوعية مهمة لمعارض الفن التشكيلي»، مشيراً إلى أن المعرض مبادرة خلاقة لتعزيز الحوار والإبداع في الإمارات، وبناء الصلات والروابط الثقافية مع البلدان العربية الأخرى.
مبدعون.. ورؤى
سعت الفنانة التونسية ريم كاروي إلى رصد بهجة الاحتفال بالعيد الوطني، عبر لوحة نثرت على صفحتها العديد من مظاهر البهجة الكرنفالية التي تعود في أهم أسبابها إلى خيار الوحدة المُرَمز بعلم الدولة، والقيادة الرشيدة التي تمثلت فنياً بتاج ذهبي يرافق العلم.
وحاول الفنان السوري صفوان داحول مفاجأة رواد المعرض فنياً، وتصور مقدماً ما يمكن أن يزخر به من أعمال، مفضلاً المخالفة عن طريق رصد رسالة الدعوة التي وجهتها إليه وزارة الثقافة للمشاركة في المعرض، على خلفية بورتريه لأحد الوجوه المتأملة، مضيفاً في ما يتعلق بفكرة حث المخيلة الفنية للإبداع في مجال بعينه محدد سلفاً «على الرغم من أن الأمر في هذه الحالة يقترب من مفهوم التكليف الذي يرفضه بعض الفنانين، فإن الانفعال الصادق بموضوع التجربة يدفع دائماً إلى إبداعات مختلفة، لذلك على الفنان أن يتمسّك دائماً بأسلوبه ونمطه الخاصين، في مثل تلك المناسبات المستقطبة لإبداعات الفنانين، من أجل الحفاظ على عنصري التمايز والاختلاف في المنتج التشكيلي».
واحتفى الفنان القطري يوسف أحمد بالرقم (7)، إلى جانب التركيز أيضاً على الرقم (37)، معنوناً لوحته في تصريحه لـ «الإمارات اليوم» بـ«الشقيقات السبع» مستعيناً في نحو 80% من سطحها باللون الرملي المحيل إلى صحراء الإمارات الشاسعة، فيما تطرّق إلى البيئة البحرية التي تشغل حيّزاً من حدود الدولة على حدود اللوحة في الجهة اليمنى.
واختار الفنان المصري محمد عبلة رمزية الرقم (7) للتعبير عن المناسبة عبر سبعة مجاميع بشرية متلونة بألوان علم الإمارات، تسير إلى الملتقى في مقدمة اللوحة في نقطة التقاء، تتحد عبرها تلك الصفوف التي تزداد كمياً، كما تألقت نوعياً عبر تحول الخط اللوني الرفيع إلى آخر سميك.
وجعلت الفنانة السورية أسما فيومي الإمارات السبع يداً واحدة، وإن كانت سباعية الأصابع خافية خلفها وجهاً مشرقاً لامرأة ناضجة، مستعينة بألوان علم الدولة أيضاً .
ألوان العلم
واستعانت الفنانة الإماراتية نجاة مكي بمفردات العلم الإماراتي، وإن احتفت كعادتها بالبيئة البحرية، وكذلك اللون الأخضر بكل ما يحمله من إشارات إلى غد أفضل دائماً، مبرزة بشكل واضح تموضع صخرة صلبة في جانب مرئيّ من اللوحة، في إشارة إلى معاناة الإماراتي من أجل الوصول إلى حضارة اليوم التي تتطلب معاناة مختلفة من أجل المحافظة على استمرار الإنجاز.
بينما لجأ الفنان عبدالقادر الريس إلى ألوان علم الدولة كاملة، في إنجاز عمل تجريدي، وظف فيه أشكاله الهندسية المربّعة الشكل وفق أحجام سبعة متفاوتة تفاوت مساحات إمارات الدولة .
«أنت نخلة في الزمن ما انكسرت يوماً لحطاب أو عاصفة».. عبارة نثرية رصدها الفنان العراقي ستار دروسش على اللوحة التي جسّد فيها إمارات الدولة بمعادل بشرية تحمل شموعاً مضيئة للآخرين، فيما يبدو أساس الاتحاد راسخاً ثابتاً ثبات النخلة التي ركز العمل على أصولها الضاربة في الأرض بقوة. وتحول موقع الإمارات على خريطة العالم ليحوي جياداً عربية أصيلة مستعدة للانطلاقة في شتى الميادين لدى لوحة للفنان أسعد عرابي متلونة أيضاً بألوان علم الإمارات .
ومن جهته قال محافظ مركز دبي المالي العالمي، والعضو المنتدب في هيئة دبي للثقافة والفنون، الدكتور عمر محمد أحمد بن سليمان إن «المعرض يعدّ نموذجاً للمواهب الإبداعية التي يزخر بها العالم العربي. ونحن في مركز دبي المالي العالمي حريصون على استضافة المعارض التي تشجّع التميّز الفني وتروج له في منطقتنا، ودعمها ». مشيراً إلى أنه من «خلال توفير منصة للتعاون الفني، تسهم مثل هذه المعارض بشكل فاعل في تعزيز مكانة الفن والفنانين في العالم العربي».
حلم فارس
واعترف عبدالقادر الريس في تصريحه إلى «الإمارات اليوم» بالصعوبة الفنية التي وجدها من أجل سبر معاني الدلالات الثرية لـ «مطاليب»، مشيراً إلى أنها مكنته من إدخال مهارات جديدة لم يتطرق إليها في أعماله السابقة.
أنجز الريّس سبع لوحات مستخدماً الألوان المائية، وقدم أوزجاي سبعة أعمال رصدت الجانب الروحي والديني في «مطاليب»، مستعيناً بخط الثلث. فيما اهتم غنام بتقديم نماذج إيقاعية مميّزة عكست شغفه بالقياسات والأشكال والنماذج المتنوعة للخط العربي، وفيما ذهب أوزجاي إلى أن القصيدة الشعرية تجسّد عشق مبدعها لوطنه، أشار الريّس إلى أن دبي هي معشوقة الشاعر الفارس في تلك القصيدة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news