«فرعون الخروج».. رواية مصرية تثير جدلاً
تبدو رواية «مرنبتاح فرعون الخروج» كأنها خارجة من صفحات بعض الكتب المقدسة في تناولها جانبا من تاريخ جماعة بني اسرائيل في مصر القديمة، حتى إن مؤلفها المصري سيد نجم يقول في سطرها الاخير «لقد غرق الفرعون مرنبتاح»، وهو ما يرفضه أثريون مصريون. تبدأ الرواية باستعراض احتفالات شعبية ابتهاجا بولادة مرنبتاح الابن 13 لرمسيس الثاني في مدينة طيبة الاقصر حاليا، الواقعة على بعد نحو 690 كيلومترا جنوب القاهرة ثم انتصاراته العسكرية بعد توليه قيادة الجيش في عهد أبيه وكيف صار ملكا في سن الـ .60
ويذهب المؤلف الى أن البدو أو الرعاة الذين كانوا يعيشون في شمال شرق مصر وهم قبائل بني اسرائيل وهم «خونة ولا يحبون المصريين»، تعاونوا مع «الاعداء الغزاة» من شعوب البحر وغيرهم ممن كانوا يهددون الحدود الشمالية للبلاد. لكنه في الفصل الاخير يقول على لسان أحد الحرس «ليس على الارض إله غير فرعون مصر». ثم يسرد المؤلف محاورات نبي الله موسى وأخيه هارون مع مرنبتاح الذي يتبع اليهود في خروجهم من مصر الى أن يغرق في البحر. وتوضح الرواية أن كلمة إسرائيل في اللغة الهيروغليفية تعني «قبائل لا بلاد لهم.. وليست الاسم المعروف حاليا».
تقع الرواية في 95 صفحة متوسطة القطع، ونشرت ضمن «سلسلة تاريخ مصر» التي تصدر في صورة روايات للناشئة عن مؤسسة دار الهلال في القاهرة.
وسبق أن تناول المخرج الاميركي سيسيل دي ميل في فيلمه «الوصايا العشر» عام 1956 ما اعتبره تسخيرا لليهود في بناء الاهرام والمعابد المصرية، الى أن تمكنوا من الخروج في عهد رمسيس الثاني الذي غرق في البحر، كما قال فيلم «الوصايا العشر» وفيلم الرسوم المتحركة «أمير من مصر» الذي أخرجه الاميركي ستيفن سبيلبرج عام .1999
وقال رئيس تحرير سلسلة تاريخ مصر، محمد الشافعي، ان «هناك 10 نظريات تجيب عمن يكون الفرعون الذي شهد عصره خروج اليهود من مصر، مضيفا أن ثماني نظريات منها لا تتفق مع المنطق أو التاريخ»، وأضاف في مقدمة عنوانها «أكذوبة الخروج» أن «كثيرا من العلماء يؤكدون أن رمسيس الثاني هو فرعون الميلاد والخروج أيضا، ومعظم الادلة تميل الى كون رمسيس الثاني هو فرعون الخروج، حيث عاش رمسيس أكثر من 90 عاما وتولى عرش البلاد 67 عاما (بين عامي 1304 و1237 قبل الميلاد تقريبا) خلال حكم الاسرة 19 (نحو 1320-1200 قبل الميلاد). ورمسيس واحد من كبار البنائين في مصر القديمة، وهو أبرز ملوك عصر الامبراطورية المصرية (نحو 1567-1085 قبل الميلاد) التي تأسست كحكم وطني بعد طرد الغزاة الهكسوس على يد سقنن رع تاعا الثاني وابنيه كامس وأحمس قائد حرب التحرير ومؤسس الاسرة 18، أما مرنبتاح الابن 13 لرمسيس الثاني وخليفته على العرش فحكم مصر 13 عاما (نحو «1236-1223 قبل الميلاد). ويخلو التاريخ والآثار المصريان من أي ذكر لليهود باستثناء لوحة مرنبتاح المشهورة بلوحة الانتصار وهي موجودة بالمتحف المصري في القاهرة، وعثر عليها في مدينة طيبة الاقصر حاليا التي كانت عاصمة للبلاد آنذاك، وتسجل معاركه مع أعدائه، ومنهم شعب اسرائيل الذي كان مجرد قبائل لا يضمهم كيان دولة.
وتعد لوحة مرنبتاح الاثر المصري الوحيد الذي ذكر به شعب اسرائيل لاول وآخر مرة. ويرجح باحثون أن لوحة مرنبتاح كتبت في العام الخامس أو الثامن لحكمه، وهذا ينفي غرقه لو كان فرعون الخروج. لكن أستاذ الآثار بجامعة الاسكندرية عبدالمنعم عبدالحليم سيد ينبه الى أن «لوحة مرنبتاح تسجل أنه حارب اليهود في فلسطين»، بما يعني أن الخروج حدث في عهد ملك آخر لم يحدد اسمه العهد القديم أو القرآن.
ويرى أن هناك فهما خاطئا في بعض البديهيات، ومنها كلمتا «الفرعون» و«الفرعونية»، وأن كلمة فرعون كانت تعني القصر ثم أصبحت لقبا ثانويا يشير الى الملك الذي كان له لقبان أساسيان هما «ابن الشمس» و«ملك مصر العليا والسفلى»، ويشدد على أنه «ليس هناك ملك مصري حمل هذا اللقب»، ويصف نور الدين الاستسهال في كتابة مثل هذه الروايات والكتب بأنها «تسميم لافكار القراء».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news