«سبعة جنيهات».. خلاص على يد محصّـل ضرائب
يسألنا فيلم Seven Pounds (سبعة جنيهات) الذي يعرض حالياً في دور العرض المحلية أن نبقى دائماً في حيرة من أمرنا ونحن نشاهد بن توماس (ويل سميث) يتنقل من فعل إلى آخر، على الرغم من أنها، أي هذه الحيرة، سرعان ما يتضح إلى أين هي ماضية، وفي إصرار صار هوس أغلب ما ينتج من أفلام هوليوودية بإدهاشنا لا بل صعقنا إن أمكن، بحيث صارت حتى الدهشة مدعاة للتثاؤب واستهلاك أكبر قدر ممكن من «الفوشار» لتمضية أوقات الفيلم العصيبة.
ويل سميث يستدعي منا هنا شيئاً من الرجاء بأن يمنح أوسكار أفضل ممثل ويريحنا، لأنه في أفلامه الأخيرة أكد لنا، وهاهو يعود إلى التأكيد مجدداً، بأنه البطل الذي لا يشق له غبار، ويمتلك من القدرات التمثيلية ما يجعله بطلاً مطلقاً في هذا الفيلم وما سبقه سواء في «هانكوك» أو «أنا أسطورة» وبالتأكيد في «مطاردة السعادة»، وليخيب الرجاء لأنه غير مرشح للأوسكار هذا العام، وعليه فلنا قريباً أن نجده في فيلم جديد يؤدي شخصية خارقة جديدة، تخلص البشرية من شرورها وتحاول أن تنشر الخير والعدالة.
فكرة فيلم «سبعة جنيهات» الذي أخرجه غابريل ماتشينو تتمركز حول المفهوم الأميركي الطُهراني المأخوذ تماماً بالخير والشر، والإيهام العجيب بأن النوايا الحسنة قد تخلص البشرية من مآسيها، وأن بإمكان أحدهم أن يمسي بين ليلة وضحاها مخلص البشر وآخر أمل لهم بحياة رغيدة.
فبن مأزوم، ولديهم قائمة من الأسماء التي يعمل على الاتصال بها، ومع انخطافات في الزمن تعيده إلى زوجته التي سيكتشف أي عاقل من اللحظة الأولى أنها قضت في حادث ما، وعليه يتواصل سرد الفيلم وفق منحنا أسئلة من دون إجابات، فهو يتواصل مع عدد من الأشخاص، من دون أن نعرف ماذا خلف مساعيه، يتصل برجل أعمى، ويكاشفه بكل ما يعرفه عن حياته، كذلك الأمر مع امرأة تعاني من مرض في القلب، وكل ذلك يجري باعتباره محصل ضرائب، يساعد هؤلاء المتأخرين عن تسديد مستحقاتهم إن أدرك أنهم يستحقون ذلك.
تلك البداية فقط وما خفي أعظم، إذ إننا سرعان ما نكتشـف أننا أمام مخلص متنكر بهيئة محصل ضرائب، وعليه تصبح هيئة تحصيل الضرائب معبراً إلى المطهر والخلاص والديمومـة، فهو وبعد تواصـله مع المرأة يقع في حبها، وبما يشير الى أنه لا محالة سيـهبها قلبه، لأنها تكون بانتظار متبرع لها بقلب، إذ إنه ينتحر ويقدم قلبه هدية حب يتخـطى الخيال، كما يقدم عينيه لذلك الأعمى، وبيته لامرأة مكسيكية بائسة تعيش هي وأولادها تحت رحمة صديقها المتوحش، وما إلى ذلك من نهاية تدفعنا للبكاء بمـرارة وحرقة على حجم التضحيات التي قدمها هذا الشهم والمغوار.
وإن كان من سؤال عن دوافعه، فلا تسأل إذ إنها ببساطة غير موجودة في الفيلم، ولا أعرف إن كانت وفاة زوجته بحادث السيارة التي كان يقودها ووفاة ستة أشخاص آخرين بسببه يشكل دافعاً لملائكيته، أو أن قصة تبرعه لأخيه برئتيه في البداية دفعه لإكمال طريقه وتوزيع أعضائه على البشر عن طيب خاطر ومحبة وإنسانية لقنّنا ويل سميث درساً فيها.