<p align=right><font size=2>إحدى لوحات المعرض الذي يمثل الحركة الجديدة في التشكيل السوري. من المصدر</font></p>

«انتفاضة الشباب» يعرض جديد الفن السوري

يفتتح غداً معرض «انتفاضة الشباب» في صالة عرض «أيام» في دبي، والذي يستمر حتى 19 أبريل المقبل، ويضم أعمالاً منتقاة لأربعة فنانين يمثلون الموجة الجديدة من الفن السوري من خلال أعمال ثائر هلال ومطيع مراد وقيس سلمان وياسر صافي.

وتوجد، حسب بيان صادر عن المعرض، في لوحات ثائر هلال التجريدية تقسيمات مربعية متوالية ومتراصة مبنية بطريقة تكاملية وفق رؤية خاصة للفنان استطاع بلورتها من خلال اسلوبه تحيل الى عالم متخيل وثري يتكئ في جانب منه الى موروثه الثقافي الغني الذي يقترح له صورة عصرية مغايرة جداً مستوحاة من مجموعة العناصر والرموز الموجودة في وطنه سورية - ومن ضمنها الطبيعة الثقافية والسياسية - فأعمال هلال تسهم في ايقاظ إرث اقليمي طويل من الرسم الذي يضم تعبيراً جريئاً عن التيارات الاجتماعية السياسية الدفينة، حسب بيان صادر عن المعرض.

ونالت اعمال هلال العديد من الجوائز العربية والدولية، وعرف من خلال أسلوبه المتميز الذي يجمع بين قوة التصوير والفهم الجديد للحداثة. وللتجريد اليد العليا في أعمال هلال، فمن قلب كل مربع يخرج دفق من اللون، يولد عشرات المراكز. كما تخلق التحديدات المتعمدة إحساساً بالحركة الدائرية، تفسح المجال أمام إعصارات تعبيرية بضربات الفرشاة. هذه الأشكال المتحركة تعيد إلى الإذهان دوامات الضوء المنسكبة من أثواب الدراويش المدوّمة إذ يدورون في شكل من الروحانية الصوفية التي انطلقت من سورية ووجد هلال فيها إلهاماً لفنه.

هذه الإسقاطات اللونية تستطيع أن تلمح تفجرات عنيفة أيضاً، صورة لازمت الفنان منذ شاهد حملة القصف الإسرائيلي في سورية إذ كان طفلاً في عام .1973

بينما يعمل مطيع مراد بالحرية الواسعة نفسها التي يتيحها التجريد فيقدم سلسلة جديدة بعنوان «لعب الألوان». ورغم أنه يبني على أعمال سابقة تتضمن كماً من التجريد يتضمن ذلك الموجود في المدرسة الروسية البنائية والتعبيرية المجردة، إلا أن سلسلة مراد الجديدة تتسم بتقسيم خطي وأفقي للسطح، مشابه لتقسيم ثائر هلال. بينما تخدم التقسيمات المربعة كنقطة انطلاق للوحات الفنان الجديدة، إلا أن ما يلحظ ضمن هوامش هذه الحجرات هو تجارب لافتة للون، والشكل والحيز الايجابي والسلبي. ففي أحد الأعمال، تخترق الخلفية السوداء بعشرات التراكيب الصغيرة التي رسمت ضمن مربعات اللوحة العديدة. تنبض بأشكال تكعيبية زاهية، كل مربع يختلف اختلافاً جذرياً عن الآخر.

في المقابل نجد الرسوم الرمزية لقيس سلمان تمثل الجانب الآخر لطيف الفن السوري. فبعد تاريخ طويل من النقد الاجتماعي والهجاء يمكن النظر إلى رسوم سلمان الكاريكاتورية التي تتعرض للنخبة، جنباً إلى جنب مع أعمال الرسام والحفار السوري يوسف عبدلكي - الذي تركت رسومه الساخرة الجريئة أثرها في أجيال عدة من الفنانين العرب.

وتقتنى أعمال سليمان في سورية والأردن والبحرين والكويت وتونس. ويتضمن عمل الفنان الأخير الذي يحمل عنوان «مسلسلات الموضة» (2008) على صور مشوهة تستهدف المجتمع المعاصر، وأثبت هذا الموضوع شيوعاً جماهيرياً واسعاً بين المشاهدين. فأجسام النساء المشوهة المنفذة بخطوط دقيقة ودفقات وحشية من اللون تبدو داعرة وتهكمية في آن. فالفاتنات الوحيدات تقفن بين مستويات متدفقة من اللون، تعرضن أنفسهن باحتقار واضح للمشاهد، بينما هناك موضوع متكرر يمثل ثلاث نساء يقفن جنباً إلى جنب يعيد إلى الأذهان أسطورة إلهات الجمال الثلاث في الميثولوجيا اليونانية. هذا التصوير الساخر لبطلات سلمان النهمات يحمل تفسيراً اجتماعياً مهماً. ويوحي مضمون المجموعة الأخيرة بأن الفنان يهتم بالتخلي عن المنطق والسعي وراء مفهموم كاذب للجمال.

وبينما توجد شخصيات مبهمة في لوحات ياسر صافي، والتي تجسد معالجة غير تقليدية ومتميزة لتصوير الشكل البشري. فلوحات صافي المتحركة التي تعتمد أساساً على تكوينات لونية، تشد عين المشاهد بلوحات لوجوه معصرنة نفذت بأشكال براقة وضربات فرشاة سائلة، تعكس تمكناً من الوسيلة.

ولرسومه الأخيرة خاصية نفسية واضحة، فهو يلحظ الطبيعة الأساسية للتفاعل الاجتماعي وأزمة الإنسان في عالم اليوم. ففي عمل سيعرض بلا اسم يظهر شخصان كبيران يسيران في مدينة ما. تدل إشارات الطرق والشاخصات والسيارات الصغيرة على أنها حاضرة نشطة. لكن رغم أن الشخصين محاطان بهذه البيئة المدينية إلا أن حجمهما كبير جداً، يعلو فوق العناصر التي صنعها الإنسان في المدينة. كما أنهما يبدوان أساسيين في بيئتهما يجسدان وجودها.

الأكثر مشاركة