«فضائح المؤرخين العرب».. يفتقد للهجة علمية هادئة
يثير كتاب «فضائح المؤرخين العرب»، الذي صدر للباحث جورجي كنعان أخيرا، تساؤلا وتعجبا.. فالمؤلف على غرار ما فعل في نتاجه الغزير السابق يثير أسئلة كثيرة، ويكشف عن أمور عدة في دراساته «التوراتية» التي تستند في أغلبها إلى التوراة نفسها.
هذان التساؤل والتعجب ينجمان عن طريقة جورجي كنعان في دراساته، فغزارة ما يأتي به في هذه المجالات وفضله في الكشف عن نقاط مهمة في دراساته لا تبرر ما قد يشعر به القارئ بأن هناك شيئا من «النقص» في منهجيته . وقد يكون كنعان محقا في كثير من مآخذه على المؤرخين العرب، أو بعضهم على الاقل، لكن القارئ يفتقد في كتابه الأخير اللهجة العلمية الهادئة، والبعد عن الانفعالية التي تتجسد كلمات نارية واتهامات جارحة.
وعلى الرغم مما قد يكون من صوابية مآخذ كثيرة لدى جورجي كنعان (او الباحث الذي يكتب تحت هذا الاسم)، وشعوره القومي الصادق والجريح، وما يبدو من كونه محقا في كثير من نتائجه.. فتلك اللهجة تصلح كخطاب سياسي قومي إصلاحي ناري، ولا تصلح في مجال البحث العلمي الذي لكي يصل إلى غايته يجب أن يكون هادئا، حتى وإن بحث في موضوعات ملتهبة.
ورد الكتاب في 128 صفحة متوسطة القطع، وصدر عن دار الطليعة للطباعة والنشر في بيروت، ولمؤلفه نحو 25 كتابا في الدراسات التوراتية والصهيونية وما يتعلق بهما.
في هذا الكتاب، يستعمل كنعان لغة شديدة في الحديث عن المؤرخين العرب، ويتكلم عن مآخذه عليهم من دون أن يقتصر حديثه على ذلك، بل يتجاوزه إلى «قرائهم». ومن ذلك مثلا، ما حمل غلاف الكتاب تحت عنوانه مباشرة، إذ جاء فيه «يبدو أن المؤرخين العرب يعرفون أن أذهان قرائهم تمثل أجهزة استقبال.. لا ترفض ولا تناقش ما يقدم إليها، ولهذا كتبوا مثل هذه الفضائح». وانتقل من ثم إلى المسؤولين، فقال «لو كان للمسؤولين العرب بصيص من الاستنارة لأحالوا بعض المؤرخين على المحاكمة».
المأخذ الاساسي لكنعان على مؤرخين عرب هو أنهم، أو كثير منهم كما يقول، لم يطلعوا أو لم يطلعوا بما يكفي على المصدر الوحيد في تاريخ العبرانيين، أي التوراة، بل اعتمدوا على «الدراسات التوراتية نقلا واقتباسا». وتحت عنوان «الفضائح المهولة» يكتب ساخرا وبجدية «وحين يصر المؤلف على نعت المؤرخين العرب بالفطاحل والأشاوس والبواقع، فهو حتما يرثي لهم إشفاقا عليهم من هول الكبوات الفضائح في مصنفاتهم.. ويحزن لمؤرخين لا يخجلون من أن يكونوا مشدودي الأعصاب للغباء والأكاذيب والتفاهات في الدراسات التوراتية ولمصنفات المؤرخين التوراتيين المحشوة بالترهات والأباطيل، ورأى أنهم ينقلون ما نقله الآخرون من دون تمعن أو تبصر.
وفي اختصار لبعض ما تناوله الكتاب، كتب المؤلف عن «أباطيل لفقها» هؤلاء المؤرخون ورد عليها، مبينا خطأها في نظره، مثل «ان داود احتل مدينة القدس وحارب الفلسطينيين وانتصر عليهم ومد فتوحه إلى مؤاب وعمون وادوم، وأقام دولة ثابتة الأركان». ومما وصفه بالأباطيل القول: إن داود استطاع على رأس المرتزقة من الفلسطينيين احتلال مدينة القدس، ورد داعما رأيه بشواهد إن التوراة نفسها تشير إلى أن «بني إسرائيل هم الذين كانوا مرتزقة لدى الفلسطينيين وغيرهم من أقوام الأرض». ومن الأمثلة حديثه عن هرب داود من ملكه شاول وتحوله إلى «صعلوك»، أي إلى من تخلى عنه قومه أو خرج عليهم. وقال: لو قرأوا التوراة لعرفوا أن داود «قام وهرب وجاء إلى أخيش الفلسطيني.. وخلال المدة التي قضاها داود صعلوكا في بلاد الفلسطينيين هربا من وجه الملك شاول، شكل داود فرقة مرتزقة من الصعاليك الذين خلعوا أو خلعوا أنفسهم من قبيلتهم (بني اسرائيل) والتحقوا بداود في صقلغ».
هذان التساؤل والتعجب ينجمان عن طريقة جورجي كنعان في دراساته، فغزارة ما يأتي به في هذه المجالات وفضله في الكشف عن نقاط مهمة في دراساته لا تبرر ما قد يشعر به القارئ بأن هناك شيئا من «النقص» في منهجيته . وقد يكون كنعان محقا في كثير من مآخذه على المؤرخين العرب، أو بعضهم على الاقل، لكن القارئ يفتقد في كتابه الأخير اللهجة العلمية الهادئة، والبعد عن الانفعالية التي تتجسد كلمات نارية واتهامات جارحة.
وعلى الرغم مما قد يكون من صوابية مآخذ كثيرة لدى جورجي كنعان (او الباحث الذي يكتب تحت هذا الاسم)، وشعوره القومي الصادق والجريح، وما يبدو من كونه محقا في كثير من نتائجه.. فتلك اللهجة تصلح كخطاب سياسي قومي إصلاحي ناري، ولا تصلح في مجال البحث العلمي الذي لكي يصل إلى غايته يجب أن يكون هادئا، حتى وإن بحث في موضوعات ملتهبة.
ورد الكتاب في 128 صفحة متوسطة القطع، وصدر عن دار الطليعة للطباعة والنشر في بيروت، ولمؤلفه نحو 25 كتابا في الدراسات التوراتية والصهيونية وما يتعلق بهما.
في هذا الكتاب، يستعمل كنعان لغة شديدة في الحديث عن المؤرخين العرب، ويتكلم عن مآخذه عليهم من دون أن يقتصر حديثه على ذلك، بل يتجاوزه إلى «قرائهم». ومن ذلك مثلا، ما حمل غلاف الكتاب تحت عنوانه مباشرة، إذ جاء فيه «يبدو أن المؤرخين العرب يعرفون أن أذهان قرائهم تمثل أجهزة استقبال.. لا ترفض ولا تناقش ما يقدم إليها، ولهذا كتبوا مثل هذه الفضائح». وانتقل من ثم إلى المسؤولين، فقال «لو كان للمسؤولين العرب بصيص من الاستنارة لأحالوا بعض المؤرخين على المحاكمة».
المأخذ الاساسي لكنعان على مؤرخين عرب هو أنهم، أو كثير منهم كما يقول، لم يطلعوا أو لم يطلعوا بما يكفي على المصدر الوحيد في تاريخ العبرانيين، أي التوراة، بل اعتمدوا على «الدراسات التوراتية نقلا واقتباسا». وتحت عنوان «الفضائح المهولة» يكتب ساخرا وبجدية «وحين يصر المؤلف على نعت المؤرخين العرب بالفطاحل والأشاوس والبواقع، فهو حتما يرثي لهم إشفاقا عليهم من هول الكبوات الفضائح في مصنفاتهم.. ويحزن لمؤرخين لا يخجلون من أن يكونوا مشدودي الأعصاب للغباء والأكاذيب والتفاهات في الدراسات التوراتية ولمصنفات المؤرخين التوراتيين المحشوة بالترهات والأباطيل، ورأى أنهم ينقلون ما نقله الآخرون من دون تمعن أو تبصر.
وفي اختصار لبعض ما تناوله الكتاب، كتب المؤلف عن «أباطيل لفقها» هؤلاء المؤرخون ورد عليها، مبينا خطأها في نظره، مثل «ان داود احتل مدينة القدس وحارب الفلسطينيين وانتصر عليهم ومد فتوحه إلى مؤاب وعمون وادوم، وأقام دولة ثابتة الأركان». ومما وصفه بالأباطيل القول: إن داود استطاع على رأس المرتزقة من الفلسطينيين احتلال مدينة القدس، ورد داعما رأيه بشواهد إن التوراة نفسها تشير إلى أن «بني إسرائيل هم الذين كانوا مرتزقة لدى الفلسطينيين وغيرهم من أقوام الأرض». ومن الأمثلة حديثه عن هرب داود من ملكه شاول وتحوله إلى «صعلوك»، أي إلى من تخلى عنه قومه أو خرج عليهم. وقال: لو قرأوا التوراة لعرفوا أن داود «قام وهرب وجاء إلى أخيش الفلسطيني.. وخلال المدة التي قضاها داود صعلوكا في بلاد الفلسطينيين هربا من وجه الملك شاول، شكل داود فرقة مرتزقة من الصعاليك الذين خلعوا أو خلعوا أنفسهم من قبيلتهم (بني اسرائيل) والتحقوا بداود في صقلغ».