بروين حبيب: مهرجان الشعر هديــة من دبي إلى العالم

بروين حبيب: المهرجان مؤهل لإخراج الشعر من دائرة جمهور النخبة الضيقة. من المصدر

قالت الإعلامية الشاعرة بروين حبيب مقدمة برنامج «نلتقي» على قناة «دبي الفضائية» إنها تعيش أجواء حيرة حقيقية بين الاستسلام لإغواء الاستمتاع بالأجواء الشعرية التي سيتيحها مهرجان دبي الدولي للشعر المقرر انطلاقه غداً، وبين استثمار الحدث العالمي إعلامياً عبر تسجيل لقاءات مع عدد من الشعراء الذين سيحلون ضيوفاً على المهرجان لصالح برنامجها الأسبوعي.

واستطردت حبيب التي ستشارك أيضاً في جانب من فعاليات المهرجان من خلال أمسية تكريم الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، بتقديمها قراءات شعرية «أحصي يومياً عدد الليالي الباقية لانطلاقة الحدث الثقافي الأهم في المنطقة، الذي أعتبره هدية نفيسة من دبي إلى كل العرب، وهدية كل العرب في الوقت ذاته إلى العالم بثقافاته المتنوعة».

وأضافت «على الرغم من هذه الحيرة الذاتية، إلا أنه من دون شك ستكون اللقاءات المخطط لها حسب استراتيجية القناة، وهي تسجيل سبعة لقاءات كاملة، محور متعة من نوع آخر أكثر عملية ربما، لاسيما أنه بطبيعة الحال لا صوت سيعلو خلالها فوق صوت الشعر الذي سيتردد صداه في كل أنحاء دبي التي ستقدم نفسها اعتباراً من الغد عاصمة مهمة في مجال الثقافة عموماً والشعر خصوصاً».

وقالت عن الأسس التي اختارت وفقاً لها هوية ضيوف «نلتقي» السبعة، في خضم مهرجان يضم أكثر من 100 شاعر «سعيت إلى استضافة شعراء يمثلون مجتمعين بلداناً عربية مختلفة، كأحد أساليب التنويع في ما يتعلق بجمهور البرنامج من خلال التنسيق مع اللجنة المنظمة للمهرجان التي تعي ظروف ضيوفها، ومدى تمكنهم من إجراء مقابلات إعلامية مطولة»، موضحة أن قائمة الشعراء المرشحين ليحلّوا ضيوفاً على البرنامج ضمت كلاً من السعوديين بدر بن عبدالمحسن، وعبدالله الصيخان، والفلسطيني مريد البرغوثي، واليمني عبدالسلام الكبيسي، واللبنانية جمانة حداد، والبحريني علي الشرقاوي، والمصري جمال الشاعر.

مفاجآت

وأضافت حبيب في ما يتعلق بأكثر مفاجآت مهرجان دبي الدولي للشعر جاذبية لها «على مدار الأيام الماضية، طالعتنا اللجنة المنظمة للمهرجان بمبادرات كثيرة تتلقفها الأوساط المهتمة بتذوق الشعر بالكثير من الفرح والاحتفاء، مثل الأمسية التكريمية للراحل محمود درويش، والأمسية الخاصة بالاحتفاء بالذكرى الـ100 على ميلاد أبي القاسم الشابي، وأيضاً الاحتفاء بأشعار جلال الدين الرومي».

وأعربت عن إحساسها بكثير من مشاعر الفخر الذي يتيحه لها المهرجان، حينما وجدت صورتها في بعض الحملات الدعائية للحدث، جنباً إلى جنب الشاعر النيجيري الشهير وول سوينكا، أول كاتب وشاعر إفريقي يفوز بجائزة نوبل للآداب، مضيفة «الأمر يعود بالأساس إلى عالمية دبي التي تطمح دائماً إلى الريادة والتميز، حتى عندما يتعلق الحدث بدورة أولى لمهرجان شعري دولي يشارك فيه كوكبة من شعراء العالم، مثل يونغ بينغ كونغ ويانغ ليان من الصين، وتشيريكوري تشيريكوري من زيمبابوي، وماثيو سويني من بريطانيا، وهاريس فلافيانوس من اليونان، وسابا إكرام من باكستان، وأغوس سارغونو من إندونيسيا، وجوليا كيسينا من روسيا، فضلاً عن أعلام الشعر العربي المشاركين في المهرجان».

عبقرية مدينة

ورأت حبيب في تنظيم فعالية «سوق عكاظ» ضمن فعاليات المهرجان «إشارة ذكية لحقيقة الدور الذي تمثله دبي التي تمد بساط الحوار العميق مع الآخر ومع عالمها، في الوقت الذي تتمسك فيه بجذورها التراثية، ولا ترى أنها تتناقض مع العصر أو تعاديه» مشيرة إلى أن إحياء سوق عكاظ يمثل إحياءً لتراث قديم، جمع تاريخاً تليداً بين التجارة والازدهار الاقتصادي والثقافة، باعتبارها تعبيراً عن التفوق الذهني، وهو ما مثّله بامتياز سوق عكاظ القديم.

وأضافت «أعتقد أن المهرجان يعد الحدث الأول من نوعه في المنطقة، سواء من ناحية المضمون الذي يتسم بالتنوع الكبير، ليشمل مختلف قوالب الشعر المحلي والكلاسيكي والحديث، أو من حيث حجم المشاركة واتساع نطاقها عالمياً، ويضاف إلى سمات تفرده طبيعة أهدافه، حيث تقوم فكرة المهرجان على تسخير لغة الشعر، بكل ما تتسم به من رقي وبلاغة في التعبير، كوسيلة فعالة لتعزيز الحوار الثقافي بين الشعوب».

واعتبرت أن امتداد فعاليات المهرجان إلى أماكن مختلفة خارج القاعات المغلقة للأمسيات «جزءاً آخر من عبقرية تلك المدينة التي تسهم من خلال المهرجان في عودة الناس إلى الشعر وعودة الشعر إلى الناس، ضمن جدلية العلاقة الأزلية الحميمية بين النتاج الثقافي، وخصوصاً الشعري منه ومتذوقيه، لتوسع دائرة محبيه التي يعتقد بعضهم أنها مقتصرة على جمهور نخبوي»، مسترسلة «سيكون مبهراً أن نجد دبي تنطق شعراً في كل مكان فيها؛ المراكز التجارية في دبي، وستمتد الفعاليات كذلك لتشمل المراكز الثقافية، ونوادي الجاليات، والمدارس، والجامعات، والمقاهي الشعبية، والأماكن التراثية، حيث سيتم تنظيم أمسيات شعرية تصحبها أمسيات موسيقية».

مشهد مميز

وتوقعت بروين حبيب سبعة أيام مهرجانية تعطرها نسمات الشعر الوافدة إلى دبي من مختلف جهات البوصلة الأربع، فضلاً عن المشاركات المتميزة التي سيحملها الشعر النابت محلياً وعربياً، مضيفة «سيكون مشهداً ثقافياً مميزاً، حينما يتابع العالم الكلمة الشعرية الداعية إلى قيم السلام والجمال والخير والحق التي تتردد في دبي ليصل صداها إلى العالم أجمع، عبر تغطيات إعلامية يتوقع لها أن تكون مواكبة للحدث العالمي ».

واضافت «أعتقد أن دبي تستحق بعد كل هذا الجهد والعطاء المتواصل للثقافة العربية والعالمية، أن تكون قبلة للثقافة وعاصمة للشعر الذي قطعت على نفسها أن تستضيف 1000 من حاملي لوائه على مدار خمسة أعوام ضمن مبادرتها العالمية «1000 شاعر.. لغة واحدة».

وأضافت «تُظهر القراءة السريعة لهوية الشعراء الذين سيحلون ضيوفاً على المهرجان أن هناك تنوعاً ثرياً يصل إلى حد الشمولية والاستغراق للمدارس والاتجاهات الشعرية المختلفة، عبر أعلام من الشعراء يمثلون مختلف التيارات الشعرية القائمة في مختلف أنحاء العالم، بدءاً بالشعر التقليدي العمودي مروراً بقصيدتي النثر والتفعيلة والشعر الشعبي، وغير ذلك من الاتجاهات الشعرية التي يصعب جمع ممثلين لها تحت مظلة مهرجانية واحدة».

ويذكر أن قائمة أسماء الشعراء المشاركين في المهرجان تضم بريتون بريتونباخ من جنوب إفريقيا، وجيمس فينتون من بريطانيا، يواخيم سارتوريوس من ألمانيا، وفرناردو ردون من كولومبيا، الدكتور مانع بن سعيد العتيبة وسيف المري وسيف السعدي من الإمارات، وعبدالرحمن العشماوي وغازي القصيبي من السعودية، وسعد علوش وحامد زيد من الكويت، وأدونيس من سورية، وأحمد عبدالمعطي حجازي وعبدالرحمن الأبنودي من مصر، إضافة إلى عدد من كبار الشعراء العرب والأجانب .

جماليات

وصفت الإعلامية الشاعرة بروين حبيب الأسلوب الأدبي السائد والأكثر تجاوباً مع ميول المتلقين حالياً بالأسلوب الشعري، وقالت «لم تعد القضية كما تم تصويرها في أدبيات النقد العربي لفترات طويلة التساؤل حول الجنس الأدبي الأكثر انسجاماً مع طبيعة العصر، ليتم الغمز في تلاشي حضور الشعر كلغة مهمة للإبداع، بل الأكثر جدوى هو التساؤل عن قدرة المبدع في الوصول إلى جماليات خاصة في لغته، تجعله أكثر ارتباطاً بوجدان المتلقي». واستطردت «أزعم أن اللغة الشعرية هي الأنسب لتحقيق تلك المعادلة، وهو أمر التفت إليه القصاصون وكتّاب المسرح الذين استعانوا بأدوات الشعر من أجل الوصول إلى لغة عذبة في كتاباتهم النثرية وفق آليات التماهي والتداخل الفني التي يصعب بعدها أن نناقش مدى انتصارنا لجنس أدبي بعينه على حساب آخر».
تويتر