<p align=right><font size=2>الطيب صالح، بريشة الفنان السوداني محمد حمزة . تصوير: إيريك أرازاس</font></p>

فنان يحتفي بسمرة وجوه الطيّبين

الوجوه والأجساد ومشاهد من الحياة الواقعية هي المفاتيح التي يمكننا من خلالها فهم الحياة من حولنا، وفهم ذواتنا أيضاً، فالشكل والجسد لا يعبران عن ظاهر الإنسان فقط، بل عن جوهره ومجتمعه ومدى التفاعل بينهما. على هذه الأفكار، ارتكز الفنان السوداني محمد حمزة، في أعماله التي قدمها في معرضه الذي افتتح الخميس الماضي في فندق ميلينيوم أبوظبي.

وحفلت لوحات حمزة بوجوه لسيدات وفتيات ورجال مسنين ـ تغلب عليهم سمرة أبناء بلاده ـ تكاد ملامحهم تنطق بالطيبة أو الحيرة، أو الألم والمعاناة، وغيرها من المشاعر الإنسانية التي جسدها الفنان ببراعة وشفافية.

وضم المعرض الذي افتتحه نائب السفير السوداني لدى الدولة الوزير المفوض حسن الامين الفاضل، ومدير عام فندق ميلينيوم أبوظبي معين قنديل، ويستمر حتى 12 مارس الجاري، 30 لوحة، تصدرتها لوحة لصاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، كما ضمت الأعمال بورتريه للكاتب الراحل الطيب صالح، رسمها الفنان ـ كما أوضح ـ في اليوم الذي توفي فيه الأديب السوداني الكبير، نتيجة تأثره الشديد بالخبر، فكانت الألوان الوسيلة الوحيدة التي يعبر بها عن انفعاله وحزنه، لافتاً إلى ان هناك علاقة إنسانية ربطته بالكاتب الذي سبق وافتتح له معرضا .

مدرسة الخرطوم
وعلى الرغم من طغـيان الملامح السـودانية والإفريقية على الوجوه التي احتلت بسمرتها المحببة وملامحها الطيبة بياض لوحات حمزة، إلا ان وجوهاً أخرى بملامح عربية وأوروبية ظهرت في بعض أعماله، بينما ضم جانب من لوحات المعرض وجوهاً تداخلت فيها الملامح الإفريقـية مع الأوروبـية، ما يعود إلى تأثـر الفنـان بـثلاث ثقافـات تركت أثـرها في اسلوبه الفني وعالمه وأفكاره، وهي الإفريقية والعربية والأوروبية، وهذه الثقافات هي التي تحـتويها مدرسة الخرطوم الفنية التي ينتمي إليها محمد حمزة وفنانون آخرون، وتهدف إلى إيجاد مجال فني يعبر عن الثقافة السودانية، حتى تأخذ هوية منفصلة عن الثقافات الأخرى، ومن رواد هذه المدرسة عثمان وقيع الله الذي صاغ المدرسة من خلال الجمع بين الحرف العربي بجماله، والأسلوب الغربي والموروث الإفريقي كإيقاع لوني في تشكيل بناء اللوحة، ومن رواد المدرسة أيضاً إبراهيم الصلحي ومحمد أحمد شبرين.

جماليات الجسد
وإلى جانب الوجوه؛ عبرت لوحات حمزة عن اهتمامه بالجسد وقدراته التعبيرية، فبدت في لوحاته راقصات للبالية بأجساد رشيقة يقمن بتدريباتهن وحركاتهن. وكان للخيول نصيب من أعمال الفنان، إذ رسمها وهي تقوم بحركات تعكس جماليات تكوينها.

وقال حمزة عن اهتمامه بالوجوه والأجساد إن «الجسد يحتوي كل المعاني والجماليات التي أودعها الله في مخلوقاته، حيث خلق الإنسان في أحسن تكوين، ومن خلال الجسد يمكننا أن نفهم أنفسنا وذواتنا، وأيضاً أن نعبر عن واقعنا ونتفاعل معه»، موضحاً أن غالبية هذه الوجوه تعود إلى أشخاص عرفهم في الحياة، وكل منهم يعبر عن حالة انسانية وفنية أراد أن يقدمها في أعماله.

وقال «دائماً، هناك رابط بين أعمالي والحياة من حولنا، حيث يمكننا أن نترجم معاني عميقة لنقدمها في إطار بسيط من دون أن يخلّ ذلك، بما فيها من عمق».

وأضاف «اتجهت في الفترة الأخيرة من التجريد إلى المدرسة الواقعية، نظراً إلى أهميتها المتزايدة في الوقت الحالي، حيث نحاول تكوين واقع جديد يعبر عنا، ولذا نحن في حاجة إلى أن ننظر إلى الماضي، وفي الوقت نفسه، أن نتطلع للمستقبل لنخلق الأسلوب الذي يتناسب مع حاضرنا ويعبر عن واقعنا».

الأكثر مشاركة