إطلاق جائـزة دبي للشعـر ورابطة شعراء العالم

محمد بن راشد يطلع على نسخة من ترجمة قصائد له إلى الإنجليزية. تصوير: ساتيش كومار

شهد اختتام الدورة الأولى لمهرجان دبي الدولي للشعر، أمس، في مسرح مدينة جميرا، الإعلان عن جائزة دبي للشعر في ثلاث فئات، وإطلاق رابطة شعراء العالم . وجاءت المبادرتان بمثابة مسك الختام للمهرجان الذي استمر أسبوعاً، وحضر افتتاحه واختتامه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي. وتضمن المهرجان فعاليات شعرية ونقدية وفنية بلغت نحو 35 فعالية رئيسة، وضمت مشاركات لـ104 شعراء من مختلف أنحاء العالم، من أبرزهم الشاعر وولي سوينكا وبرايتن برايتنباخ.

وأعلن رئيس اللجنة المنظمة للمهرجان، جمال بن حويرب المهيري، عن إطلاق جائزة دبي للشعر بفئات ثلاث، هي: فئة «الشاعر المبدع»، وفئة «شاعر الإنسانية»، وفئة «الشاعر المترجَم»، وإطلاق رابطة شعراء العالم تعمل على تعزيز الروابط بين الشعراء على اختلاف انتماءاتهم الثقافية.

وعكس حضور حفل الختام بانوراما شعرية موحدة بين الثقافات المختلفة للشعراء المشاركين الذين جمعتهم لغة الشعر، ضمن مبادرة دبي العالمية «1000 شاعر.. لغة واحدة» التي يسعى المهرجان إلى تحويلها واقعاً خلال خمس دورات.

الشعر تحرر
وفي كلمته في حفل اختتام المهرجان، قال الشاعر والروائي الحائز على جائزة نوبل للآداب، وولي سوينكا، إن «صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد ليس شاعراً فقط، بل هو ينحدر من سلالة عريقة في الشعر، حيث إن الشعر ينساب في أجداده»، مشيداً بتوزيع كتاب يحوي أشعار سموّه على جمهور الاحتفال . وأضاف أن «الشعر يعني بالنسبة لي التحرر من القوى المختلفة الغريبة، كما أنه يمثل الرؤية الداخلية، والشاعر طفل أيضاً، حيث إنه كلما اقترب الشاعر من الطفولة كان شعره أكثر وضوحاً.

ودعا سوينكا في كلمته إلى العمل على زيادة مستوى تمثيل الشاعرات النساء في الدورات المقبلة لمهرجان دبي الدولي «لإيجاد توازن بين عدد الشعراء والشاعرات في المهرجان»، مشيراً إلى أن «هناك شاعرات كثيرات، وهن الأقدر على التعبير عن رؤيتهن للمجتمع وقضاياه».

واختتم كلمته بالإشارة إلى أنه سيذكر عندما يعود إلى بلده نيجيريا أن «دبي مركز ثقافي مليء بالنشاطات الثقافية، خصوصاً الشعر الذي يحظى بالحب والتقدير الكبيرين باعتباره محفزاً للرقي الإنساني».

رؤية
وقال بن حويرب إن «رؤية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كانت وراء مبادرة مهرجان دبي الدولي للشعر، وتأسيس كيان للشعر والشعراء، وإتاحة كل فرص التواصل بين شعراء العالم، وإيصال رسائلهم الى العالم، حيث إن كل ما تقوم به إدارة المهرجان من عمل وما تسعى إليه من طموحات وتطلعات هو من أجل تحقيق هذه الرؤية»، مضيفاً «جاء المهرجان في دورته الأولى، حيث بذلنا جهودنا لإبراز وجوه من رؤية سموّه من خلال إبراز أصوات شعراء العرب والعالم وإبداعاتهم ومواهبهم التي تحتضن جوهر حضاراتهم ورسالتها وقيمها وقيم التعبير عنها، حيث قامت مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم برعاية هذه المبادرة وإظهارها بأفضل صورها وتنظيمها على أكمل وجه».

وأضاف أن «المشروع الإصلاحي الحضاري في مختلف الاتجاهات التنموية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية الذي بدأه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد أسهم في تعميق الوعي الإنساني لدى كل فرد في دولة الإمارات ولدى كل من يزور دبي ويعيش على أرضها، وأوجد الأرضية الخلاقة لكل المبادرات المبدعة، والتي من ثمارها مهرجان دبي الدولي للشعر وبيت الشعر الذي انبثق عنه، وهما لفتتان حضاريتان إنسانيتان بامتياز».

واختتم بن حويرب كلمته بإلقاء أبيات من شعر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد التي اسُتوحي منها شعار المهرجان:
«أوضح من الشمس شعري يوم أغني به
تبهر معانيه مسموعه ومكتوبه
لا.. ما أعيبه ولا أرضى حد يعيبه
أسهر عليه الليالي أنفي عيوبه».

تفاصيل
وأوضح بن حويرب لـ«الإمارات اليوم» مزيداً من التفاصيل عن المبادرتين اللتين شكلتا مفاجأة سارة لحضور حفل الختام، وخصوصا للشعراء الذين عبروا عن تقديرهم لتثمين دبي دور الشعر والشعراء.

وقال إن «العمل على اختيار فئات الجائزة الثلاث، وإطلاق الرابطة بدأ التجهيز له قبل انطلاقة المهرجان بوقت كاف، إذ سيتم تكليف لجنة متخصصة لمتابعة الشعراء الأكثر تأثيراً في الساحة في كل فئة من فئات الجائزة ليقوم المهرجان بتكريمه ومنحه جائزة تبقى مهما ارتفعت قيمتها المادية رمزية، إذا ما قورنت بمقدار ما يقدمه حائزها من إبداع وأثر في مجاله».

وبدا بن حويرب شديد التفاعل مع جائزة «الشاعر المترجَم» لما يراه من دور الترجمة في ترسيخ جسور التلاقي الفكري والأدبي بين الحضارات المختلفة، وقال «هذه الجائزة غير مقتصرة فقط على الشعراء الذين يقومون بترجمة أعمالهم بأنفسهم، بل تشمل الحريصين منهم على الخروج بترجمات جيدة لأعمالهم تسهل من تذوق جمهور الشعر الذي ينتمي لثقافات ذات لغات مغايرة للغة أصحاب النصوص الأصلية»، مضيفاً «لمسنا خلال المهرجان كم أن الترجمة الجيدة تعمل على معايشة الجمهور لجماليات النص ووصوله إلى حقيقة المعنى، في حين تحجب الترجمة السيئة تلك الجماليات في الوقت الذي تشوه فيه أيضاً النص الأصلي».

وفي ما يتعلق بفئة «شاعر الإنسانية»، قال بن حويرب «هو الشاعر الذي ينشغل أكثر من غيره بالهم الإنساني الجمعي الذي يرزح تحت طائلته جموع كثيرة من البشر، ففي الوقت الذي نرى شعراء يجيدون في مجالات الشعر الذاتي، مثل الغزل والفخر والمدح، نجد آخرين يكلفون أنفسهم معالجة قضايا مجتمعاتهم والانتصار لقيم إنسانية تنحاز دائما لمناصرة الحق والبحث عن الخير والجمال، حيث تقدم هذه النوعية من الشعراء خدمات جليلة للتعبير عن قضايا اجتماعية وإنسانية شديدة الأهمية، وترحل في الغالب بهدوء تام من دون أن تنال التكريم الذي تستحق».

وتطرق إلى تفصيل فئة «الشاعر المبدع» قائلاً: «هي الفئة غير المتخصصة من جائزة الشعر بفروعها الثلاثة، حيث تسعى اللجنة في قرارها إلى منحها لأكثر الشعراء إبداعا، بناء على مقاييس ومعايير شعرية ونقدية، يتم تطبيقها على مجمل نتاجه الشعري، من قبيل جدة وجمالية التراكيب والصور الشعرية، وخصوبة الخيال، وغيرها من العوامل التي يجوز توافرها في أي نتاج شعري بغض النظر عن قالب أو غرض شعري بعينه».

وفي ما يتعلق برابطة شعراء العالم، أوضح جمال بن حويرب أنه ليست هناك شروط معقدة من أجل الالتحاق بها، والشرط الوحيد هو صدق الموهبة الشعرية، فكل شاعر حقيقي مرحب به في الانضمام إلى تلك الرابطة التي سيكون مقرها بيت دبي للشعر، وستوفر معلومات دقيقة عن كل المنتسبين إليها، بدءاً من أحدث نتاجهم الشعري، مروراً بجدول أعمالهم، وغير ذلك من التفاصيل، فضلاً عن توفيرها آليات عملية تسهل تبادل الحوار والخبرات بين الشعراء في مختلف أنحاء العالم .

برايتنباخ: الشعر ضمير العالم
تشارك الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن مع الشاعر الجنوب إفريقي برايتن برايتنباخ في إحياء آخر أمسيات المهرجان في دورته الأولى، أول من أمس ، بحضور سموّ الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس دبي الثقافي، حيث أشار برايتنباخ في مستهلها إلى أن الشعر جسر حضاري للتفاهم والحوار ونشر قيم المحبة في العالم، داعياً الشعراء أن يذهبوا إلى مناطق الألم في العالم، في فلسطين والصومال وأفغانستان وإفريقيا، «لأن الشعراء هم ضمير العالم»، قبل أن يقرأ قصيدة أسماها «دردشة بدوية مع محمود درويش»، قام الممثل السوري سامر المصري بإلقائها بالعربية، ومنها:

«غطني بسرعة
بلا هديل
أو خطب من زمانه
اكتب على السماء رباعية
من الشعر مبهرة
على اللحم والتفعيل في وجه قصيدتك يختفيان
لا هوية هناك».

بن حويرب: شعراء فوق العادة
قال رئيس اللجنة المنظمة لمهرجان دبي الدولي للشعر، جمال بن حويرب المهيري، إن «الشعراء الضيوف أثروا المهرجان بإبداعهم الشعري»، ووصفهم بأنهم شعراء فوق العادة، سواء في ما يتعلق بإبداعاتهم أو تواصلهم الدائم مع الجمهور وأعضاء اللجنة المنظمة.

وأضاف بن حويرب الذي كان بمثابة بوصلة اهتداء مع المدير التنفيذي للمهرجان علي الشعالي بالنسبة لضيوف المهرجان، «على الرغم من النهاية الجميلة للدورة الأولى من المهرجان، إلا أن انفضاض هذا الموكب الشعري يظل ذا شجون لكل من عاشه على مدار أيامه السبعة، ويبقى التواصل الدائم الذي ستفعله رابطة شعراء العالم، فضلاً عن أعمال الجائزة التي لن تعتمد على طلبات اشتراك من الشعراء، بل تقويم ومتابعة من لجنة خاصة على مدار العام، يبقى ذلك، أحد عوامل الوصال الدائمة التي ستحافظ على حضور المهرجان على الرغم من انقضاء إيامه السبعة».

تويتر