«مذكرات بغداد».. سياسة وناس وصور

الكتاب الضخم الصقيل يوحي للوهلة الأولى بجدية وصرامة وعبوس، من خلال الدخول إلى حقب من التاريخ عبرالجغرافيا في العراق وما يحيط به.وعلى جدية مواد الكتاب وكثرتها، جاء استرجاع عهود تاريخية مضت، عبر وثائق وصور، فضلا عما يسمى عند الصحافيين بتلك «الثرثرة الطلية» التي تحمل المعلومات و«أشباهها» أحيانا، وكل ذلك بدفء يروي المحزن والمبكي والمضحك في مزيج، يصعب فصل عناصره بعضها عن بعض.

كتاب المؤلف العراقي جميل أبو طبيخ «مذكرات بغداد» وعنوانه الفرعي أو تتمة العنوان الكبير هو «مراجعة في تاريخ الصراع الطائفي والعنصري 672 م ـ 2007». وجاء الكتاب في 445 صفحة كبيرة القطع، وصدر عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» بغلاف صقيل حمل صورة فوتوغرافية قديمة للمنارة الذهبية في باب المعظم في بغداد التقطها جي. إس. هوري. وفي الكتاب، صورفوتوغرافية جميلة كثيرة من بداية القرن العشرين، وصولا إلى الأيام الحاضرة.

ولد الباحث جميل أبو طبيخ سنة 1935 في بغداد القديمة «في محلة جديد حسن باشا التي كانت تدعى في العهد العباسي الوسيط في محلة الجسر». درس في جامعة ولاية كاليفورنيا التكنولوجية الأميركية وغادر العراق سنة 1967 ويقيم الآن في لندن. وكتابه كما يصفه نوع من التتمة لكتابين سابقين له. وفيه يعرض «تاريخ بغداد وصراعات القوى الطائفية والعرقية وتطاحن الفرس والأتراك، لجعل العراق منطقة نفوذ دائم لهم واستغلال أبناء البلاد في تكتلات دينية وعنصرية، تخدم أهدافهم الإقليمية. ويستعرض ببساطة الحياة السياسية والعامة إبان الحكم الملكي في العراق، ليؤكد أنه على الرغم من التناقضات التي مرّ بها، فقد عاش أهل العراق طوال 34 عاما باطمئنان وسلام».

قسم المؤلف محتويات الكتاب إلى ما أسماه «دفاتر أربعة»، واستهله بلوحة فنية خلابة هي «بغداد في القرن الخامس عشر» للرسام ناصر بخاري، مؤرخة في سنة 1468 للميلاد، وهي من مجموعة المكتبة البريطانية. وبجوّ من المحبة، يغمر الكتاب كله، أتبع المؤلف ذلك بأبيات بعنوان «بغداد» للشاعر أبو سعد محمد من القرن الرابع الهجري.

الأكثر مشاركة