<p align=right>سلطان الشاعر ترك ثروة درامية في مسيرة الحياة الفنية الإماراتية. أرشيفية</p>

فنانون: أعمال سلطان الشاعـر تظــل شاهداً على ريادته

فقدت الساحة الفنية العربية، أمس، الفنان الإماراتي سلطان الشاعر الذي وافته المنية في أثناء نقله بالطائرة مساء أول من أمس لتلقي العلاج في لندن، مخلفاً ثروة فنية ذات قيمة تاريخية مهمة في بدايات مسيرة الدراما التلفزيونية والمسرحية، عبر مثال نادر لفنان جذبته خشبة المسرح وبريق الشعر، ليقدم أعمالاً رائدة في مسيرة الدراما المحلية والخليجية وقصائد ذات خصوصية.

وقال الابن البكر للشاعر، سلمان ومرافقه في لحظاته الأخيرة، لـ«الإمارات اليوم»: «انتقل والدي إلى رحمة الله في أثناء توجهنا جواً إلى لندن للعلاج، ما اضطرنا للهبوط اضطرارياً في ألمانيا».

وكان الشاعر يرقد في حالةٍ حرجة في قسم العناية الفائقة في مستشفى راشد في دبي، إثر تعرضه لمشكلات صحية وخيمة بعد عودته من رحلة العلاج الأخيرة في لندن.

وشكل نبأ رحيل الشاعر لفنانين التقتهم «الإمارات اليوم» فاجعة وخسارة كبرى، على الرغم من غياب معظمهم عن التواصل مع «أشحفان القطو» بعد اعتزاله الحياة الفنية، مشيرين إلى أنهم كانوا يستعدون لعيادته بعد نشر أنباء تدهور حالته من دون أن يمهلهم القدر مساحة زمنية لذلك، وكشفوا عن جوانب ووجوه جديدة للراحل سلطان الشاعر.

فقد ثانٍ

وقال الفنان المخضرم ظاعن جمعة الذي كان أحد ثلاثة فنانين مقربين من الراحل الكبير في مستهل مشواره الفني مع عبيد بن صندل وموزة المزروعي ومحمد المطوع «افتقدنا سلطان الشاعر مرتين، الأولى أقل وطأة حينما اعتزل الفن عقب الحادث الأليم الذي تعرض له وأفقده بصره ، والثانية الأشد وطأة ليخلف فراغاً محال ملؤه في ساحة الدراما المحلية».

وأضاف «كنت والشاعر بمثابة ثنائي على مدار أربع سنوات، لكن تعاوننا تجاوز الخشبة إلى الدراما التلفزيونية عبر مسرحية «قوم عنتر» التي صورت في 120 حلقة لصالح تلفزيون الكويت من دبي في بداية السبعينات، قبل أن نتشارك سوياً في بطولة «شعبان ورمضان وفوازير رمضان»، وسهرات تلفزيونية في المرحلة نفسها لصالح تلفزيون أبوظبي».

وحول العمل الأشهر للراحل، وهو مسلسل «أشحفان»، قال جمعة «كان من المفترض أن نحافظ على ثنائيتنا في هذا العمل أيضاً، لكنني اعتذرت عن المشاركة فيه لأسباب شخصية، فسافر الشاعر بمفرده إلى الكويت لتصويره هناك».

وقال الفنان الإماراتي سعيد النعيمي «شاركت الراحل في مسلسله الشهير (اشحفان) في دور القاضي، وجمعتني به علاقة طيبة جداً، وكان يشاورني دائماً في المشاهد، ويتقبل آرائي ويأخذ بها، فضلاً عن أنني كنت أزوره بين فينة وأخرى بعد تعرضه للحادث الأليم»، معتبراً الشاعر من مؤسسي الدراما التلفزيونية الإماراتية في أواخر الستينات ومن رواد الفن الإماراتي، حيث كان له الفضل والريادة في انتشاره في الخليج العربي، وستبقى أعماله شاهدةً على ذلك.

ركيزة فنية

وقالت الفنانة الإماراتية رزيقة طارش التي شاركت الراحل سلطان الشاعر في مسلسل «شعبان ورمضان»، وعمله الأبرز «اشحفان»، ومسرحية «الأول تحول»، «اكتشفت بحكم قربي من الشاعر في تلك الفترة التي عملت فيها معه الإمكانات الفنية الكبيرة التي يتمتع بها، وكانت سبيله إلى النجومية، إلى جانب خفة ظله التي تميز بها».

وأضافت «على الرغم من أننا كنا نتقابل بشكل مستمر في أثناء عملية التصوير، إلا أنني كنت أشعر في كل مرة أقابله أنني أتعرف إليه من جديد . وبوفاة سلطان الشاعر، فقدنا ركيزة من ركائز الفن الإماراتي الذي عمل على تأسيسه وانتشاره، وعزاؤنا الوحيد في أعماله التي تعتبر مرجعاً فنياً أساسياً».

وتحدثت الفنانة موزة المزروعي حديثها عن الشاعر بأنه «طيب وخلوق ومرح، لكنه كان شديد التقمص لمشاهد الضرب، فكان من فرط إخلاصه لعمله لا يفرق أحياناً بين حدود مشهد العراك التمثيلي والحقيقي، مخلفاً موقفاً كوميدياً لا يلمسه سوى الممثلين أنفسهم من خلف الكواليس». وأضافت «علاقتي بالشاعر بدأت في العام ،1972 حينما أسسنا مسرح دبي القومي، ثم مسرح الإمارات الذي تم دمجه في مسرح الشارقة الوطني».

وقالت المزروعي «كنا نجهز للمسرحية الواحدة نحو ثلاثة أشهر، لأننا كنا نبحث عن القضايا الحقيقية لدى المجتمع، ونسعى إلى مناقشتها والبحث عن حلول لها على الخشبة، وهو أمر يختلف عن عصر مسرح «التيك أواي» الذي قد لا يستغرق فيه الإعداد للمسرحية ثلاثة أيام، وكنت أنا المرأة الوحيدة التي تمثل في المسرح الإماراتي، وكان إنقاذاً للسياق الدرامي للمسرحية يؤدي أي دور حتى ولو كان صغيراً».

وعن غياب الشاعر وإصراره على عدم العودة إلى التمثيل بعد الحادث، أوضح أن «قناعات كانت لديه تبدلت في ما يتعلق بانغماسه في عمل فني لأسباب دينية كما أخبرنا، لأننا حاولنا إقناعه بالاشتراك حتى في مسلسل إذاعي يتواءم مع مستجدات فقدانه بصره بالكامل، لكنه رفض».

الشاعر النبطي

وذكر الفنان الإماراتي علي التميمي أن سلطان الشاعر لم يكن مجرد فنان فحسب، بل كان شاعراً نبطياً من الطراز الأول، يجيد الشعر الشعبي الفكاهي. وقال «كنت محظوظاً بمشاركته في برنامج (شعراء القبائل) لتلفزيون أبوظبي في الثمانينات الذي كنت أقوم بإخراجه، وكان وجوده يثري الحلقات كثيراً، بغزارة شعره وخفة ظله، وفي حال غيابه عن تصوير حلقات البرنامج، كنت أضطر لتأجيله أو إلغائه».

وأكمل التميمي «كممثل، استطاع الشاعر أن يترك بصمة قوية في الدراما الإماراتية، من خلال مسلسله المميز (اشحفان) الذي قام فيه بدور المؤلف والبطل، وكان لي نصيب في تمثيل أحد أدواره، إلا أن سفري الطارئ برفقة والدتي للعلاج إلى لندن آنذاك حال دون مشاركتي، وكنت أتمنى أن أقف بجوار هذا الفنان العملاق، حيث كنت متيقناً من نجاح العمل نظراً لتميز مؤلفه وبطله في الوقت نفسه». وأضاف «على الرغم من أن سلطان الشاعر عرف بأنه ممثل درامي، إلا أنه انطلق من على خشبة المسرح التي أثراها بأعماله المتميزة، وسيبقى من رموز المسرح والدراما الإماراتية».

صلاة

تقام صلاة الجنازة على الراحل الفنان سلطان الشاعر، بعد وصول جثمانه، عقب صلاة ظهر اليوم، في مسجد الشيخ زايد رحمه الله في منطقة الجرف في إمارة عجمان . وسيقام عزاء الرجال والنساء في منزل أخيه في منطقة الجرف في عجمان.


 
تكريم الرمز 


قال الفنان علي خميس إن أحد جوانب عبقرية الفنان الراحل سلطان الشاعر أنه كان متصالحاً مع طبيعته الكوميدية في أعماله، وقال «على الرغم من أنني لم أحظ بالعمل معه، إلا أن جلسات كثيرة جمعتنا، تأكد لي أن روحه الحقيقية هي نفسها التي وصلت إلي متذوقاً ومشاهداً لروائعه التمثيلية، سواء في «أشحفان» أو «قوم عنتر» أو غيرهما من أعماله التلفزيونية». وأضاف خميس الذي رصد في كتابه الموسوعي تكريم الشاعر في الدورة الأولى لمسرح دول مجلس التعاون في الكويت عام 1988 «سلطان الشاعر الذي رحل بهدوء شديد عن دنيانا.. وآثر الابتعاد عن أضواء الإعلام والمسرح والتلفزيون يستحق الآن تكريماً مختلفاً، سوف يستفيد منه المسرح والدراما في الإمارات بشكل عام، لأنه سوف يكون تكريماً لرمز ورائد مهم من روادها في أكثر فتراتها صعوبة، وهي مرحلة البدايات».

 

الأكثر مشاركة