«مزرعة الحيوانات» الفلسطينية تطمح إلى «انتفاضة ثقافية»
في اقتباس لرواية جورج أورويل الشهيرة، «مزرعة الحيوانات»، الرمزية التي لمّحت إلى فساد الفكر الثوري الروسي لستالين، ترى مدرسة «مسرح الحرية» في جنين أنها تحاكي الانتفاضة السياسية الفلسطينية على الاحتلال الإسرائيلي، ولكن، بانتفاضة أخرى ثقافية في الداخل.
وقال ربيع تركمان الذي كان يوما مقاتلا تلاحقه إسرائيل في جنين، وهو الآن بين الدفعة الأولى من طلبة مدرسة «مسرح الحرية»، في مخيّم جنين للاجئين الفلسطينيين الذي شهد أشرس المعارك مع القوات الإسرائيلية «كان عليّ أن أبحث عن ثورة أخرى. وجود مسرح في مخيم جنين هو أكبر ثورة في فلسطين».
كانت بالقطع ثورية بدرجة أدت إلى التعرض لهجوم بقنبلة حارقة الأسبوع الماضي. كانت الأضرار بسيطة، لكن الهجوم الذي لم تعلن أي جهة المسؤولية عنه، كان تذكرة إلى أن بعضهم يشعر بالغضب مما يراه تحديا للتقاليد، أو لهيمنته على الضفة الغربية.
ويواجه المخرج الفني جوليانو مر خميس عداء للمشروع من بعضهم في المجتمع الفلسطيني الذي انقسم زعماؤه بين ثوريين قدامى في منظمة التحرير الفلسطينية والإسلاميين الجدد في حركة المقاومة الإسلامية (حماس). ويلخص الأمر قائلا إنها «عقلية الغيتو» و«دكتاتورية التقاليد» التي تشكلت تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وقال عن فتح مدرسة مسرح الحرية العام الماضي، واختيار رواية أورويل عام 1945 أول عرض لها «هذا المشروع تحد. لا نريد التحدي بحد ذاته، بل لأننا نؤمن بأن الانتفاضة القادمة يجب أن تكون ثقافية».
وأضاف «لسنا خطرا على الثقافة الفلسطينية»، مشيرا إلى عمليات شجب سابقة تعرضت لها فرقة مسرحية، اتهمت «بالعمالة وإفساد الشبان، بل نحن الثقافة الفلسطينية ذاتها».
وارتياد المسرح تجربة نادرة بالنسبة إلى الفلسطينيين، لكن صالة المسرح التي امتلات بمئات من مشاهدي «مزرعة الحيوانات»، ومنهم عدد كبير من تلاميذ المدارس الثانوية الذين يدرسون رواية أورويل، تفاعلت بقوة مع المسرحية ذات الإيقاع السريع التي دامت ساعة.
وأخذ الجمهور يهلل، حين كانت الحيوانات تردد عبارة «انتفاضة»، وهي تطيح بحكم المزارع القاسي جونز. وفهم الجمهور الرسالة، حين حول الخنازير زعماء ثورتهم إلى نظام قمعي جديد. أطلقوا الرصاص على «المبلغين»، والكلاب على المنتقدين.. وفي النهاية، يضحكون ويتفقون مع جندي إسرائيلي.
وقال طارق مهاجنة (16 عاما) بعد أن شاهد العرض «المسرحية تعكس الواقع الفلسطيني؛ الكل هنا يبحث عن نفسه».
وقالت مديرة برنامج المسرح، سامية ستيتية، «هذه المسرحية حقيقة مست وترا عند الناس». وأقرت أنها لم تكن اختيارا سهلا لعرضها في مجتمع، عادة ما يرى أي انتقاد لزعمائه خيانة وتواطؤا مع الإسرائيليين. وأضافت «الناس لا يقبلون ببساطة هذه الفكرة. لكن، في النهاية يجب أن يتحدث المسرح هنا عن كل شيء».
وقال المخرج مر خميس «هذه المسرحية ليست للسلطة الفلسطينية أو حماس، لكن المسرح مرآة لما يحدث. المسرح يحذر من يتولون السلطة من أنه إذا لم يكونوا حذرين، قد ينتهي الأمر بنا ليقتل بعضنا بعضا».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news