«الأزمة المالية» تعزّز الانتقاء في الإنتاج الدرامي

فنانون: الدراما التلفزيونية تأثرت بالأزمة الاقتصادية.  أرشيفية

رأى فنانون ومتخصصون أن «تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية سيظهر جليا في عدد الاعمال الدرامية، لكنه لن يكون على حساب النوع»، مشيرين إلى أن السينما بخير، ولن تتأثر بالأزمة، لأنها محصورة عربيا في مصر، بعكس الدراما التلفزيوينة التي تعتمد اعتمادا كليا على الفضائيات التي بدورها أصبحت تبحث عن مخارج لها في شراء الأعمال التركية الرخيصة الثمن، على حساب الأعمال العربية على حد تعبيرهم، في حين ذكر آخرون لـ«الإمارات اليوم» أن المشكلة ستظهر في عملية التفاوض بين المنتج والفريق الفني، حيث سيقترح صاحب المال تقليل أجور الفنانين بذريعة الأزمة الاقتصادية العالمية.

وقال المخرج المصري خيري بشارة إن «القطاع الفني هو المستفيد الوحيد من الأزمة الاقتصادية»، موضحا «لن تشهد قنواتنا الأرضية أو الفضائية ودور السينما العربية أعمالا دون المستوى، تكرر نفسها ولا تقدم أي جديد»، مضيفا «نحن ضمن الأزمة الاقتصادية سيتوجب علينا أن نبحث عن النوعية التي نضخ فيها القيمة الإنتاجية لصناعة عمل يستحق الاحترام».

إملاءات

وقال الكاتب السوري نجيب نصير إن «الإنتاج السوري في السنوات العشر الأخيرة اعتمد بشكل مباشر على المنتج الخارجي، وهو على الأغلب منتج خليجي، والتأثر بالأزمة الاقتصادية سيظهر مما لا شك فيه من تلك الفئة من المنتجين، بسبب تأثرهم بأوضاع أوطانهم الاقتصادية». منتقلا إلى الحديث عن النوع الآخر من المنتجين، وهو الذي لديه مال كبير يريد استثماره، لكن معضلة هذه النوعية أنها تريد ما يمليه عليها فكرها، موضحا «على سبيل المثال يأتيك منتج ثري يريد أن يصنع عملا يتحدث عن الأندلس، ولا يقبل أن يستثمر أمواله مع أي فكرة أخرى، وهذا المنتج مثله مثل أي انسان عادي يتغنى بتاريخ القدماء ويحتفي بهم ولا يتقبل الواقع أبدا».

ورأى أن قطاع الإنتاج المتعلق بالفضائيات يجب ألا يتأثر بأي أزمة اقتصادية، لأن لدى أصحابه تكتيكات وأيدولوجيات يمشون على أثرها، حسب نصير الذي أضاف «المعضلة ستظهر أثناء التفاوض مع الفريق الفني بالنسبة إلى الأجور، وأعتقد أن التفاهم سيكون هو النتيجة».

وفي المقابل قال المخرج الأردني فيصل الزعبي إن «قطاع الإنتاج الفني يعاني في الوطن العربي منذ وجوده، وقبل الأزمة الاقتصادية كنا نعاني من الأزمة الفكرية، وهي برأيي الشخصي تعد أخطر»، مضيفا «مما لا شك فيه بوصفنا قطاعا فنيا أردنيا نعتمد اعتمادا كليا على الإنتاج الخارجي الذي يسعى إلى الربح، وأعتقد أنه لن يتأثر كثيرا من حيث صناعة الأعمال الفنية، لكنه سيقنن أعداد تلك الأعمال».

وتابع «من الملاحظ أن (المونوتوم) وهو تكرار الأفكار والأدوات الفنية من ناحية الإخراج ووجوه الفنانين، اكتسح جل المحطات التلفزيوينة، وهنا ستظهر الأزمة الاقتصادية وتأثيرها، حيث لن يسمح بإنتاج أعمال تحمل الفكرة نفسها، بل سيتم التنوع للتقليل من كمية تلك الأعمال»

سوق الإعلان

وقال الرئيس التنفيذي للمركز العربي للإنتاج الإعلامي في الأردن طلال عدنان عواملة إن «الإنتاج التلفزيوني، ومنه الإنتاج الدرامي، جزء لا يتجزأ من قطاع الإعلام»، مضيفا «بما يتعلق بحالة الإنتاج الدرامي تحديدا، فإن الاستثمارات فيه لاتزال أقل من حجمه المفترض ومن الحاجة إليه ـ وهي حاجة متنامية ـ لذا فإن الحديث عن تأثيرات سلبية سابقة لأوانها».

بينما رأى المخرج الإماراتي هاني الشيباني أن نجاح العمل الفني مرتبط ارتباطا مباشرا بسوق الإعلان المتأثر اقتصاديا في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن «غالبية الإعلانات التجارية كانت تحكي العقارات والبنوك، وهما أكثر القطاعات تأثرا، ما سيؤثر في المنتج الفني الذي يبحث عن الإعلانات قبل التوقيع على الأعمال الفنية المقدمة إليه».

وقال الكاتب والسيناريست الأردني مصطفى صالح إن «السينما لن تتأثر لأنها محصورة في وطن عربي واحد وهو مصر، والمنتج السينمائي العربي ذكي ويعرف أن استثماره في أي عمل، سواء كان ذا قيمة ام لا، فإنه سيدر له أرباحا مضاعفة، خصوصا أن عملية توزيع الأفلام المصرية تتم بسرعة، وتجتاح جميع صالات العرض العربية».

وأضاف «بالنسبة إلى قطاع الدراما سيتأثر، وظهر هذا منذ مطلع العام من خلال كمية الأعمال المنتجة، والتي من المفترض أن تعرض في شهر رمضان المقبل وهي قليلة مقارنة بالأعوام السابقة»، لافتا إلى أن «الدراما تعتمد على المنتج الخارجي الذي بدوره يعمل ضمن مكان يعتمد على شركات الإعلان المساعدة في عملية التمويل، وقطاع الإعلان من أكبر القطاعات التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية العالمية».

ونبه إلى أن بعض الفضائيات التي تعرف بإنتاجها للأعمال العربية حاولت أن تخرج من هذا المأزق، من خلال شرائها أعمالا تركية رخيصة الثمن، ولا يستفيد المشاهد العربي منها بشيء.

التفاوض في الأجور

وتوجه المخرج الأردني حسن أبوشعيرة إلى بعض المنتجين الذين أطلق عليهم اسم «تجار الإنتاج» بأن يخففوا من تفاوضهم وتشددهم مع الفنانين، وألا يستغلوا الأزمة المالية للتوفير على أنفسهم. مضيفا «من الطبيعي أن يتأثر الإنتاج الفني بالأزمة الاقتصادية، لأنه قائم بما يقدمه المنتجين من مال يحدد مستوى العمل».

ولفت إلى أن «قطاع الفن في الأردن يعتمد اعتمادا كليا على المنتج الخارجي، سواء كان ضمن فضائيات أو شركات إنتاج قائمة بحد ذاتها»، مؤكدا أن الخوف سيتمحور في اختيار الفنانين الذين نادرا ما يتخلون عن قيمة أجورهم المعتاد عليها.

ورأى مخرج مسلسل «نمر بن عدوان» بسام المصري أن الأزمة الاقتصادية ستؤثر في كمية إنتاج الأعمال الفنية، موضحا «في السابق كان شهر رمضان يشهد أكثر من 100 عمل منتشرة في جميع القنوات العربية الفضائية والأرضية، أما اليوم فأنا أتوقع أن الأعمال لن تتجاوز 50».

وأشار إلى أن التراجع في العدد سيكون لتأثر قطاع الإنتاج، سواء شركات أو فضائيات بتلك الأزمة، مؤكدا «لكن الأزمة لن تؤثر في عوامل العمل من طاقم فني وغيره، لأن المنتج في النهاية سيصر على صناعة عمل يدخل قلوب المشاهدين».

 
فصل واجب

قال الكاتب والسيناريست المصري أسامة أنور عكاشة إن «الحل الوحيد لعدم تأثر القطاع الفني بالأزمة الاقتصادية، يكمن في الفصل بين الدراما والإعلانات التي تتحكم في مادة العمل، والشركة المنتجة له»، مطالبا بوقفة حازمة أمام سماسرة الإعلان الذين أصبحوا يتحكمون في القضايا المقدمة وأبطال الأعمال الدرامية، وعودة مسلسلات الفكر والقيمة والدراما إلى الساحة مرة اخرى، لافتا إلى أن الدراما ستتأثر بالأزمة المالية، بعكس السينما التي ستزداد ازدهارا وربحية على حساب القيمة النوعية.
تويتر