أمر الله: مقص الرقابة «معطل» فــي«الخليج السينمائي»
تنطلق في الثامنة من مساء اليوم، في «دبي فيستفال سيتي» فعاليات الدورة الثانية من مهرجان الخليج السينمائي الذي تنظمه هيئة دبي للثقافة والفنون «دبي للثقافة»، بالتعاون مع مدينة دبي للاستوديوهات، متضمنة 169 فيلماً ، يتتابع عرضها على مدار سبع ليال متتالية، تنتهي الأربعاء المقبل الذي يشهد الكشف عن هوية الأفلام الفائزة وحفل توزيع الجوائز.
وأكد مدير المهرجان المخرج مسعود أمر الله لـ«الإمارات اليوم» أن «مقص الرقابة» معطل في مهرجان الخليج السينمائي، كاشفا تفاصيل عن العرس السينمائي الخليجي الذي تقرر أن يكون عرضه الافتتاحي ستة أفلام قصيرة، تشمل عملاً واحداً من كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي، في تقليد قال أمر الله إنه يهدف إلى الإشارة إلى أهمية تلك النوعية من الأفلام لدى صناع السينما الخليجية، فضلاً عن الخروج من تقليد الافتتاح بفيلم روائي، وأضاف أن «انطلاقة المهرجان بنخبة من الأفلام القصيرة أتاحت في الوقت نفسه عدد أكبر من المخرجين الفرصة للوجود في الليلة الافتتاحية، بكل ما تحمله من بريق وخصوصية مختلفين عن سائر الليالي».
وذكر أمر الله الذي يعد أحد أهم السينمائيين المؤثرين في إبداع المخرجين الشباب في الإمارات أن «جميع الأفلام المعروضة تم قبول ترشيحها للعرض في المهرجان من دون العرض على أي جهة وصائية أو رقابية تجيز عرضها أم لا»، مضيفاً أن «المقاييس الفنية وحدها التي تم اللجوء إليها في هذا الإطار، بعيداً عن أي سلطة رقابية أو إقصائية لأعمال أو مشاهد بعينها» مشدداً على أن «المهرجان لا يعترف بسلطة الرقيب على الإبداع السينمائي، لا سيما في ظل وجود رقابة ذاتية من صانعي الأفلام تجعل المحتوى الدرامي دائماً منسجماً مع القيم السائدة في المجتمع».
ظاهرة استثنائية
وقال أمر الله إن «المهرجان نجح في ما سعى إليه في دورته الأولى، وهو إيجاد حالة من الحراك الإيجابي في ما يتعلق بالفيلم الخليجي بشكل عام»، موضحا أن نجوم خليجيين كثيرين حلوا ضيوفاً على المهرجان في دورته الأولى، جاؤوا هذا العام بأعمال جديدة تعاونوا فيها مع سينمائيين شباب تواصلوا معهم في أثناء انعقاد المهرجان، فضلاً عن إتاحته الفرصة لعدد كبير من الشباب في عرض أعمالهم التي تعد فرصة للجمهور أيضاً في الاستمتاع بأعمال ذات مستوى فني راق، تحمل خصوصية التجربة الخليجية. وأوضح أن «المهمة الأساسية لأي مهرجان سينمائي بالأساس تتعلق بعملية المشاهدة نفسها، وتوفير نخبة من الأفلام الجيدة تحت مظلة واحدة، على نحو يمثل ظاهرة استثنائية، سواء بالنسبة إلى الجمهور أو المعنيين بالشأن السينمائي من صناع ونقاد».
ورأى أن الوقت ما زال مبكراً من أجل الخروج بتصور نهائي حول أثر المهرجان على الساحة السينمائية في المنطقة، وقال«تحتاج المهرجانات السينمائية في الغالب أفقاً زمنياً طويلاً من أجل الوقوف على أهميتها، وهو أمر يجعلنا حريصين دائماً على ألا نستعجل مراحل جني الثمار ، لا سيما أن هناك بالفعل حالياً درجة عالية من السوية الفنية، ترافق الفيلم الخليجي القصير بشكل أكثر تحديداً، جعلته موجوداً في المهرجانات العربية والدولية بقوة، بل حاصداً للجوائز في حالات كثيرة أيضا» .
حراك
وشدد مسعود أمر الله على وجوب التعامل مع واقع الحركة السينمائية الخليجية من دون إضفاء مزيد من التضخيم لحقيقة التطور الذي طرأ عليها أخيراً، متحفظاً عن إطلاق مصطلح «صناعة سينمائية»، حينما يتعلق الأمر بالنتاج السينمائي الخليجي، مفضلاً توصيف ما يحدث بأنه «حراك سينمائي»، على اعتبار أن الأول يستلزم توافر قاعدة عريضة تستند إليها آليات صناعة الأفلام، تضمن إنتاجا منتظما لعدد كبير ونوعي من الأفلام، مثل أكاديميات تعنى بتدريس الفنون السينمائية، وعدد مناسب أيضاً من التقنيين والفنيين وغيرهم من عناصر إنتاج الفيلم، فضلاً عن علاقة كل ذلك بدور العرض والجمهور.
وحول العلاقة التي تربط بين مهرجاني «دبي السينمائي الدولي» الذي يكمل في دورته المقبلة عامه السادس و«الخليج السينمائي» الذي عدّه نقاد اشتقاقاً من الأول، أوضح أمر الله الاستراتيجية المتبعة في كلا المهرجانين تختلف اختلافاً كبيراً، سواء من حيث الأهداف والخطط المرصودة، ومن ثم النتائج، أو في ما يتعلق بآلية المشاركة واختيار الأفلام، لاسيما أننا في حالة مهرجان الخليج بصدد أفلام ذات أرضية مشتركة وظروف متقاربة من حيث مستوى الحراك السينمائي في كل دولة، وهو أمر غير موجود في «دبي السينمائي» الذي تتنافس فيه أفلام من مختلف الثقافات والقارات.
وقال إن «مهرجان الخليج السينمائي يمكن أن يكون مفرخاً مثالياً لأعمال خليجية ترقى إلى أن تنافس بقوة في مهرجان دبي السينمائي»، خصوصا مع الاهتمام هذا العام بتوفير ورشتين شديدتي الأهمية، أولاهما، خصوصا بمهارات صناعة السيناريو ويشارك فيها على مدار خمسة أيام ستة من كتاب السيناريو الخليجيين الذين سيتم متابعة أعمالهم والتواصل معهم على مدار الأشهر الخمسة المقبلة، والثانية تعنى بعملية إنتاج الأفلام، ومهارات صنعها وكيفية التواصل مع المموّلين المحتملين لتكاليف الفيلم وتسويقه، وهي ورشة تبدو شديدة الأهمية في ظل واقع الساحة السينمائية الخليجية».
وأشار أمرالله إلى أن الهم السينمائي في مختلف الدول الخليجية يكاد يكون مشتركاً، لافتاً إلى أن التفوق العراقي الملحوظ في تقديم أفلام ذات سوية فنية عالية مرتبط بأعمال أنجزها عراقيو المهجر، في الوقت الذي تعاني فيه السينما العراقية في الداخل معوقات متعددة مرتبطة بالوضعين السياسي والأمني. وأضاف «وفي الوقت الذي ينظر فيه إلى التجربة الإماراتية الحديثة على أنها أكثر نضجاً، بفعل النشاط الذي دب في أوصالها خلال السنوات السبع الأخيرة، فإن القطريين والعمانيين قدموا تجارب جيدة في العامين الماضيين»، مشيراً إلى أن «الميزة النسبية التي تتمتع بها السينما الخليجية، هي عنصر تراكم مخزون التجارب وتواصلها على نحو يجعل الدول الأحدث تجربة تستفيد من الحراك السينمائي في غيرها من الدول الخليجية، وهو أمر يسهم في تفعيله مهرجان الخليج السينمائي».
حلم تسعيني
وصف مدير مهرجان الخليج السينمائي مسعود أمر الله حقيقة إطلاق مهرجان الخليج السينمائي بأنه «كان حلماً يراود كل سينمائي إماراتي منذ تسعينات القرن الماضي»، مضيفا «بالفعل، كنا قد ظفرنا بتوصية تؤكد ضرورة إطلاق مهرجان بهذا المسمى في أحد الاجتماعات الخاصة بالمسرحيين في الدولة عام 1994»، موضحا أن هذا المهرجان الحلم لم يكن مقتصراً على السينمائيين الإماراتيين، بل تعداهم إلى نظرائهم الخليجيين الذين أطلق بعضهم لاحقاً مهرجانات سينمائية، لكنها لم تكتسب الصبغة الجامعة التي تحققت لهذا المهرجان. وبررالاحتفاء الخاص بالسينما الهندية، عبر استقطاب 19 فيلماً قصيراً ضمن برنامج «في دائرة الضوء»، برغبة المهرجان في تقديم صورة أخرى للمنتَج السينمائي الهندي مختلفة عن الصورة البليوودية التقليدية الملتصقة بذهن المشاهد، لا سيما وأن كثيراً منها يعود لطلبة متخصصين في دراسة الفنون السينمائية، يمكن أن تكون عرض تجاربهم ذات فائدة كبيرة للمخرجين الشباب.
أعمال من 8 دول تتنافس على جوائز مهرجان الخليج السينمائي في دورته الثانية. من المصدر |
|
تفاصيل واقعية
وجّه مدير مهرجان الخليج السينمائي مسعود أمر الله دعوة حثيثة إلى الجمهور لحضور عروض الأفلام، مؤكداً أن جميع الأفلام التي قبلتها لجنة الاختيار تستحق المشاهدة، وتحتوي على تفاصيل درامية شديدة الصلة بالواقع الخليجي، على نحو يجعلها بمنزلة رؤى سينمائية شديدة الخصوصية، تتلمس حياة المواطن الخليجي الذي صُنعت من أجله.
وأضاف «تحوي الأفلام قصصاً شديدة التباين لا تشبه سواها، على نحو يمكن معه الجزم بأن شرائطها تتضمن هموماً وآمالاً وقضايا ملتصقة بواقع حياة أفراد جمهورها المستهدف»، مستطردا «أدعو الجمهور للتعرف إلى ما وصل إليه إبداع الشباب الخليجي بعين مختلفة، لأن المنجز السينمائي في المهرجان هو جهد شباب خليجي تم بأدوات بسيطة ومعاناة كبيرة»، لافتاً إلى أن أحد أسباب نقل مقر المهرجان من مدينة جميرا إلى دبي فيستفال سيتي، هو توفير فرصة أكثر سهولة لمزيد من الجمهور لحضور عروض الأفلام الخليجية. |