المخرجون السعوديون «لاجئون سينمائيون» في المهرجانات
الحديث مع المخرجين السعوديين المشاركين في الدورة الثانية من مهرجان الخليج السينمائي، هو أقرب إلى توفير فسحة للتعبير عن امانيهم المتعلقة بصناعة الأفلام في وطنهم الذي يمنع هذا التوجه، ويحاربه في بعض الأحيان، فقد أصبح المخرج السعودي لاجئاً سينمائياً في أوطان تفتح حدودها لتستقبله وتستقبل صناعة أفلامه وتعرضها أمام الجميع. وعبر معظمهم لـ«الإمارات اليوم» عن فخرهم بأن تكون مشاركتهم الأكبر بعد المشاركة العراقية، مشيرين إلى أن هذه الدورة تميزت بمشاركة مخرجات سعوديات تحدين كل القيود، وجئن ليعرضن مجتمعهن بمنظورهن الخاص، محتفين بجرأة قصص الافلام المشاركة، مجمعين على ان المخرج الخليجي بشكل عام بحاجة الى مهرجانات سينمائية تحتفي بتجربته وتدعمها.
مدرسة
يوضح حمزة طرزان الذي يشارك في مسابقة الأفلام القصيرة عن فيلم «النافذة» أنه اختار موضوع الفيلم تشجيعاً للمرأة السعودية، «فالمجتمع السعودي كي يكون قوياً يجب عليه أن يوفر القوة والأمان، والرعاية هي نصف المجتمع» . وقال «نحن في عصر الصورة، والسينما جزء منها ومن خلالها سنقول ما نريد» معرباً عن سعادته لمشاركة مخرجتين سعوديتين في المهرجان «أنا فخور جداً على الرغم من أن تجربتهن الإخراجية تمضي في استحياء نتيجة ظروفهن الاجتماعية» . ويضيف أنه لاحظ «أن لدى المخرجات السعوديات المشاركات خلفيات منفتحة، وهن من عائلات يوفرن لهن كل الدعم»، ويرى أن هم المخرج السعودي هو غياب الدعم والإيمان المجتمعي به .
ويقول طرزان «غياب صالات العرض السينمائية لم يحد من استمرارنا، لكن الذي سيزيد من هذا الاستمرار هو وجوب تأسيس مدرسة أو أكاديمية لتعليم السينما»، مضيفاً «منذ 10 سنوات، ونحن نمضي في صناعة الأفلام، ولا حياة لمن تنادي، لا افلامنا ولا مشاركاتنا في المهرجانات كانت كفيلة بأن تشجع حكومتنا بأن تدعمنا» مؤكداً «معظمنا يصنع فيلمه من جيبه الخاص».
ولم يختلف همّ فيصل العتيبي مخرج الفيلم الوثائقي السعودي «الحصن»، وهو الوحيد المشارك في المسابقة، ويقول «لدى جيل الشباب حس سينمائي مرتفع، لكن لا يوجد لهذا الحس وهذا الشغف والانطلاق مكان في بلادي»، وأضاف «لا توجد مدرسة ولا أدوات متوافرة، لكن يوجد التحدي والرغبة في الاستمرار»، مؤكداً أن «كل عام يتحسن المخرج السعودي من ناحية صناعة فيلمه، ومشاركات الأفلام السعودية هذا العام بالتحديد تميزت بجرأة الطرح والدخول في المحرمات بالنسبة للمجتمع السعودي، إضافة إلى التطور التقني، على الرغم من أن غالبيتها مازالت عبارة عن تجارب فردية، ينقصها الدعم من جهة موثوق بها»،. وعن رأية في مشاركة المرأة السعودية في صناعة الأفلام، قال العتيبي أنه فخور جدا بهن ويدعوهن ألى الاستمرار».
أحلام
يقول فهمي فرحات الذي يشارك فيلمه «أحمد وبابا نويل» في مسابقة الأفلام القصيرة «أعيش منذ ثماني سنوات في كاليفورنيا، وطوال هذه الفترة، وأنا أحلم باحتفالية تعنى بالأفلام الخليجية»، وأضاف «لم يكن غريباً أن تكون المبادرة من دبي حاضنة الثقافات ومشجعتها». وعن الأفلام السعودية المشاركة يرى أن مستواها بشكل عام يراوح من ضعيف إلى متوسط، لكن المحاولة في حد ذاتها مشرّفة، فهم يعيشون في السعودية، وعلى الرغم من المحظورات تحدوا الصعاب وصنعوا أفلاماً تتعدى الحدود، وتلتقي مع الآخر وتستفيد منه» . مستدركا «لكن، في عدم وجود تدريب ومدارس مختصة بالسينما في المملكة ستبنى أفلامهم على أسس ضعيفة». وعبّر فرحات عن فخره الشديد بمشاركة العنصر النسائي في الحراك السينمائي في السعودية، ويصف هذا التحدي بأنه لا يعتبر محلياً فحسب، بل عالمياً موضحاً أن مهنة المخرج بكل عام خاصة بعالم الرجال، حتى في أميركا لا تشكل النساء المخرجات نسبة كبيرة مقارنة بالرجال، مؤكداً «نحن في هذا تفوقنا عليهم، ونسبة مخرجاتنا اكبر مما لديهم».
ورأى مخرج مشارك رفض ذكر اسمه أن «صناع السينما السعوية يحاولون بجهد صقل مهاراتهم، بهدف تأسيس سينما محلية لها جمهورها، على الرغم مما تفرضه سياسة الحظر السينمائي، خصوصاً في ما يتعلق بنسائنا ومواهبهن، حتى الرجال إذا ما شوهدوا بكاميراتهم يوقفون، ويتم التحقيق معهم ورؤية الشريط المصور. مع ذلك، التحدي موجود وسيستمر، إلى أن يتم إدخال مملكتنا المحافظة إلى عالم الفن السابع»، مشيراً أن مخرجي بلاده «أصبحوا لاجئين سينمائيين في المهرجانات والمحافل السينمائية» .
عيوب
قال الناقد السينمائي السوري ورئيس تحرير مجلة«جود نيوز» علاء كركوتي عن حال الأفلام السعودية المشاركة في المهرجان «للأسف، تعاني معظم الأفلام السعودية من عيوب كبيرة، سواء في التكنيك السينمائي أو السيناريو أو الرؤية ذاتها، وهذا منطقي بسبب عدم وجود ثقافة سينمائية في السعودية، وعدم اطلاع على تجارب سينمائية بخلاف الأميركية . لكن أيضا هذا ليس مبرراً كافياً لسذاجة أفلام كثيرة» . ويرى أن الملاحظة الرئيسة هي أن الأفلام السعودية هي الأكثر جرأة، فهناك مخرجة سعودية صنعت فيلماً وثائقياً بعنوان (بعيداً عن الكلام)» عن لقاء فرقة تانغو أرجنتينية مع فرقة موسيقى شعبية، الفيلم طويل ويعاني من عيوب كثيرة، لكنها جرأة كبيرة وموضوع جديد. أيضا هناك جرأة في الفيلم القصير (عيون بلا روح)، عندما يعرض الفيلم زيارة أحد الشباب لفتاة في منزلها تعرف إليها على الإنترنت، مشيراً إلى أن «العراق هو الأكثر تميزاً وغزارة بحكم قدم الثقافة السينمائية هناك، وتنوع السينمائيين العراقيين ما بين المحليين ومن يعيشون في الخارج لسنوات طويلة ولم ينفصلوا عن واقعهم. وتحظى أفلام كثيرة لهم بدعم أوروبي، لأنه لديهم أساس في الصنعة السينمائية».