مخرجون عراقيون.. صـــورة حافـلــــة بالغـضـــــب

غالبية الأعمال السينمائية رصدت يوميات العراق بما فيه من بؤس ودمار بسبب الاحتلال. أ.ف.ب

تعيش الحركة السينمائية في العراق واقعا خاصا فرضه الاحتلال الاميركي ودوامة العنف، هذا الواقع يفرض نفسه وعوالمه على جيل سينمائي جديد يعمل وسط ظروف صعبة ويحلم بنقل وتجسيد ما يعيشه العراق من خلال الكاميرا وأن يقدم للعالم صورة واضحة وواقعية لما يعيشه عراق اليوم، صورة حافلة بالغضب والحرمان. هي قصة واحدة، لكنها تختلف من حيث التناول والطرح باختلاف نظرة المخرجين السينمائيين العراقيين المشاركين في الدورة الثانية من مهرجان الخليج السينمائي الذي اختتم فعالياته، أمس، بعض المخرجين استخدم صيغة السؤال والبحث عن الاجوبة، بينما ذهب آخرون الى رصد عوالم الطفل العراقي، وتجارب استقطبت شهادات لاجئين هربوا من ويلات الحرب وانتشروا في ارجاء العالم. وبصورة عامة فإن كل هذه الاقنية تصب في نهر واحد مملوء بالحسرة والحزن والتأسف على بغداد التاريخ والحضارة والامل.

عكس الضوء
وقال المخرج والمصور العراقي قطيبة الجنابي الذي ارتأى أن يحكي العراق من خلال تجربة الفنان العراقي محمود صبري والذي تجاوز عمره الـ84 عاما ويقيم في براغ عبر فيلم بعنوان «عكس الضوء»: العراق حكاية كبيرة نستطيع أن نرويها من زوايا واتجاهات مختلفة»، وأضاف أن اختياره تجربة صبري الذي يعيش في براغ لم يكن من الفراغ، فهذا الرجل بعمره المديد عاش مراحل مهمة عاشها العراق، إضافة الى رؤيته الخاصة واسلوبه المرهف، باعتباره واحدا من الفنانين العراقيين المهمين في مسيرة العراق الثقافية. وعن مستوى المخرجين العراقيين المشاركين في هذه الدورة من المهرجان، أوضح الجنابي أنهم «جيل سينمائي شاب عاش احتلال العراق وكان على تماس مباشر مع فعل المقاومة وأهم ما يميزهم ليس جودة افلامهم بل قدرتهم على الاستمرارية وعلى الرغم من ان التجارب الفردية والانتاج الخاص تسيطر على الصناعة السينمائية الراهنة الا ان الامر لم يؤثر في استمرارية صناعة الافلام في العراق». وأكد الجنابي أن المخرجين العراقيين يجوبون المهرجانات العربية والعالمية ليرسخوا اسم الفيلم العراقي، ونقل تجارب ومعاناة الانسان العراقي وكل ذلك بجهود خاصة ومن دون توافر الدعم اللازم.

«أنا اسمي محمد»
أحمـد دراجـي الذي شارك أخيرا، في ورشة عمل في المملكة الاردنية الهاشمية ادت الى انتاج الفيلم الروائي «انا اسمي محمد» عبر عن فخره الكبير بمشاركة الافلام العراقية في الدورة الثانية من المهرجان، موضحا انها الاكبر عددا والاكثر نضجا من بقية الافلام المشاركة من دول الخليج الاخرى»، وقال دراجي الذي يعيش في بغداد وتعرض لعمليتي خطف وطلقة في رجله وتم اعتقاله من قبل جيش الاحتلال الاميركي «وجودي في العراق هو اكبر تحدٍ، وهو شكل من أشكال المقاومة، فأنا مصرّ على كينونتي العراقية وطموحاتي السينمائية، وعلى الرغم من وجود ازمة إنتاج وكوادر وأجهزة، سنظل في العراق نحكيه من الداخل ومن عمق معاناته لنقلها الى العالم أجمع».

حكايات من الداخل
وقال المخرج يحيى العلاق الذي شارك في اخراج الفيلم نفسه، ويعمل من داخل العراق «على الرغم من انني انتمي الى عائلة تم تهجيرها لأكثر من مرة، مازلت مصرا على البقاء في العراق، بعض لحظات الضعف والضيق دفعتني الى الحصول على حق اللجوء الى إحدى الدول الاوروبية لكن المخرج محمد دراجي اتصل بي قبيل سفري بيوم واحد جعلني اندم على اقدامي على هذه الخطوة»، وأضاف «العراق بحاجة ماسة الى مبدعين يجوبون شوارعه ليحكوا حكايته بصدق وواقعية»، وعن قصة الفيلم أوضح العلاق انها تسلط الضوء على يوم كامل من حياة طفل لاجئ، يضطر ان يعمل ماسح احذية ليعيل عائلته بعد ان تم قتل والده في بغداد».

بُعْد جسدي
المخرج والمصور السينمائي المقيم في كندا دريد المنجم قال «انا بعيد جسديا عن العراق الا ان روحي وقلبي وفكري معه وباستمرار، وجودي في كندا لم يمنعني من ان احكي العراق، ولذلك قمت بإخراج فيلم وثائقي يطرح سؤالا واحدا «ماذا خسرت في حرب العراق»؟ وقد استهدفت 30 عراقيا من مختلف الاعمار والانتماءات قدموا أجوبة لا تتجاوز الـ30 ثانية، وأشار المنجم الى تفاوت الاجوبة فبعضها كان مباشرا وماديا والبعض تضمنت اجوبته بعدا فلسفيا وهذا التنوع يؤكد خصوصية العراق وتنوعه وتفرده. وأكد المنجم ان «السينما العراقية واعدة لكنها تسير الان في اتجاهين الاول سياسي والثاني اجتماعي لكننا مازلنا نفتقر الى الافلام الروائية بسبب غياب الانتاج والدعم المادي لمثل هذه النوعية من الافلام». أما المخرج العراقي عباس فاضل المقيم بفرنسا ويشارك فيلمه «فجر العالم» ضمن مسابقة الافلام الروائية، فقد عبر عن سعادته لوجود عدد كبير من المخرجين العراقيين الشباب. لافتا الى أن فيلمه يتناول معاناة العراقيين في منطقة الاهواز فترة الحرب الايرانية الى حرب الخليج الاولى».

 مقاعد خلفية
أول عرض سينمائي في العراق كان في عام ،1909 أي بعد خمسة عشر عاما من اختراع فن السينما، حسب بحث المؤرخ العراقي الراحل أحمد فياض المفرجي. فقد تم عرض فيلم سينمائي وثائقي في دار الشفاء في الكرخ ما حدا بالتجار العراقيين إلى استثمار أموالهم في مجال عروض الأفلام السينمائية وتم بناء صالات عرض سينمائية سرعان ما انتشرت في أنحاء العراق.

عندما بدأت العروض السينمائية في العراق كان على أصحاب صالات السينما إقناع النخبة من التجار وأصحاب المال بأن الكراسي الخلفية في صالة السينما هي الأهم من الكراسي الأمامية بعكس المسرح، ولم يكن من السهولة إقناع هؤلاء الأثرياء بالجلوس في المقاعد الخلفية، حتى تم تقسيم صالات العرض السينمائية إلى ثلاثة مستويات. الطابق الأرضي وفيه مستويان المقاعد الأمامية وكان ثمنها 40 فلسا والمقاعد الخلفية وكان ثمنها 70فلسا. أما الطابق العلوي فيقسم هو الآخر إلى مستويين، المقصورات وتقع أمام الطابق العلوي الذي يشكل نصف حجم الصالة وكان في المقصورة الواحدة أربعة مقاعد وثمن المقصورة 600 فلس، وتأتي بعدها مقاعد الطابق الثاني وكان سعرها 130 فلسا.

تويتر