«الدائرة».. «أكشن» إماراتي قادم إلى دور العرض
شهدت الدورة الثانية لمهرجان الخليج السينمائي العرض الأول لفيلم المخرج الإماراتي نواف الجناحي «الدائرة» ضمن برنامج «أضواء»، ويشكل الفيلم إنتاجاً خليجياً صرفاً، واستثماراً كاملاً لطاقات إماراتية وخليجية، لا يستثنى منها الإنتاج الذي كان مشتركاً بين شركة «بيوند دريمز» لصاحبها المخرج الكويتي عبدالله بوشهري ومجموعة «أم بي سي». وفي مسعى للمضي قدماً نحو صالات العرض الخليجية، والبحث عن موطئ قدم له على شباك التذاكر، طالما أن الفيلم سيعرض في تلك الدور قريباً.
لشباك التذاكر أن يستجيب بقوة لهذا المطمح، ولعل ردود أفعال المشاهدين في العرض الأول له ستقودنا إلى أن الفيلم صالح تماماً لدغدغة مشاعرهم، وتحقيق أهم المطالب الحالية المتمثلة بالتشويق و«الأكشن»، والانضمام إلى ما يعرض أسبوعياً في دور العرض المحلية، لكن بتوقيع الجناحي، وبطولة السعودي عبدالمحسن النمر، وعلي الجابري وإبراهيم سالم وغيرهم من الإمارات.
كل ما تقدم يستدعي التوقف أمام تلك التجربة، والمضي معها ضمن شروطها التي وجدت في الحبكة البوليسية ـ إن صحت التسمية ـ معبراً لها لتقديم قصة تدور فيها الدائرة في يوم واحد، مع تمرير مآزق وجودية، وأخرى اجتماعية، لها أن تحضر بسرعة مع الفيلم كونها الحامل الرئيس للدوافع، وتحديداً مع شخصيتين رئيستين: الأولى يجسدها عبدالمحسن النمر الذي يكون «كاتباً» اسمه ابراهيم، يكتشف أنه مصاب بمرض فتاك يجعل من أيامه معدودة بانتظار موت قادم لا محالة، والذي سنتعرف سريعاً إلى علاقته المثالية بزوجته، والأموال التي سرقها منه شريكه الذي يدير الشركة التي يملكها، وعليه، فإنه سيقدم إلينا بوصفه شخصية مثالية محاطة بعالم متوحش لا يعرف الرحمة. وإلى جانب ذلك، نمضي مع سيارة (الفان) التي يبدأ بها الفيلم وهي تدور في شوارع دبي، وفي داخلها ثلاثة شبان في طريقهم لتنفيذ عملية سرقة، وفي مقدمتهم شهاب (علي الجابري) الذي سرعان ما تنشأ بينه وبين إبراهيم علاقة مركبة، من جراء اكتشاف الأخير أن سرقة تجري في البيت المقابل لبيته، وعليه يتوجه إلى هناك ويلقي القبض على شهاب، وليدور نقاش بينهما يتمكن شهاب فيه بإقناع ابراهيم بأن سرقته لا شيء أمام السرقات الشرعية التي تحصل كل يوم، وعلى شيء من التبريرية الجاهزة التي سرعان ما تحدث أثرها لدى إبراهيم الذي يطلق سراح شهاب مقابل طلبه منه أن يسرق مالا لصالح ابراهيم من شريكه الذي سرقه في إطار قانوني، وهكذا تنشأ تلك العلاقة التي سرعان ما تمضي إلى نهاية مأساوية.
الفيلم مسكون بنقاشات تبريرية، لها أن تكون المنطق الرئيس للتغير الدرامي الذي يطرأ على إبراهيم، مضافاً إليه مونولوجه الداخلي، على اعتباره كاتباً سرعان ما يشاركنا خواطره المتسقة قسراً مع سياق الفيلم، الذي يتخذ من الإيقاع رهانه، بينما يأتينا ما يكتبه إبراهيم إنشائياً صرفاً، وفي إحالة إلى شيء من الأسئلة الوجودية، ومعها أيضاً حالة اجتماعية مقدمة وفق إملاءات دوافع الجريمة، والقتل الذي سنصله نهاية.
في فيلم نواف الجناحي، إصرار على تضييق الكوادر، وعدم استثمارها كاملة، والاكتفاء غالباً بشخصية واحدة على سطح الشاشة، خصوصا في أثناء الحوارات الثنائية، وتقديم صورة غير معالجة، لا أعرف إن كان في ذلك ما يصلح للتعامل معه بوصفه أسلوباً.
فيلم «الدائرة» وفيّ لشروطه وتطلعاته إلى حد كبير، ومسكون بحساسية هوليوودية وانحياز لها، في ما عدا النهاية غير السعيدة، ولعله مسكون بالقصة التي يقدمها فقط، وغير معني بأي شيء آخر ، مثل البحث مثلاً عن أسس اجتماعية أو ثقافية لما يقدمه، طالما أنها لا تخدم الحبكة، كما أنه مبني على صعيد السيناريو وفق القواعد الهوليوودية المتمثلة بالتهيئة، المجابهة، الحل، وفي دائرية يحيلنا إليها عنوان الفيلم نفسه. بمعنى أننا نهيأ باتجاه شخصية كل من إبراهيم وشهاب ودوافعهما والخلفية الاجتماعية لكل واحد منهما، ثم المجابهة بينهما، والحل الذي يكون إيجابيا، وسرعان ما يصبح سلبياً، وفي استجابة لتقديم فيلم رهانه الأول التشويق .
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news