محمد بن سلطان: لا يمكن تدريس الشعر

محمد بن سلطان: لا خصومة بين الشعر الفصيح والنبطي.            من المصدر

قال الشاعر الشيخ محمد بن سلطان بن حمدان آل نهيان إن «الشعر لا يمكن تدريسه، لأن الفطرة هي جوهر الرؤية الشعرية»، موضحاً أن لا خصومة بين الشعر النبطي والفصيح، وأن الحديث عن هذه الخصومة لم يظهر إلا في الفترة الأخيرة، ما يعود إلى أن «عدداً قليلاً من الشعراء الذين يكتبون الشعر الفصيح نجح في الوصول إلى قلوب المستمعين، والتعبير عما بداخلهم، مثلما فعل الشعر النبطي. وأضاف «على الرغم من ذلك، لدي قناعة بأن المتميزين كافة من الشعراء الشعبيين تعلموا من أعلام الشعر الفصيح مثل المتنبي وغيره».

وأكد الشيخ محمد بن سلطان أنه لا يعتزم إصدار ديوانه الشعري الأول في الوقت الحالي، «لا أتعجل إصدار ديوان مطبوع، لأنه سيصبح جزءا من تاريخي كشاعر، ولذا أحرص على أن يخرج للجمهور والساحة الشعرية في مستوى متميز، وبالتالي لن أتعجل إصداره».

وكان الشيخ محمد بن سلطان قدم أمسية شعرية الخميس الماضي في جامعة زايد في أبوظبي، تحت رعاية وحضور سمو الشيخة عوشة بنت خليفة بن زايد آل نهيان، ووسط حضور غفير من الطالبات وهيئة التدريس في الجامعة، وألقى في الأمسية عددا كبيرا من قصائده. وفي نهاية الأمسية، قدمت طالبات الجامعة هدية تذكارية للشاعر الشيخ محمد بن سلطان، هي لوحة تشكيلية لخيل عربي أصيل.

أعلام الشعر

أشار الشيخ محمد بن سلطان إلى أنه تأثر في أشعاره بأعلام الشعر في الإمارات، على رأسهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لافتا إلى وجود شعراء متميزين في الجيل الجديد، منهم ابن حماد وحمدان المحرمي.

«شاعر المليون»

واعتبر الشيخ محمد بن سلطان في اللقاء الذي جمعه بالإعلاميات عقب الأمسية أن برنامج «شاعر المليون» يمثل حدثاً بارزاً في منطقة الخليج منذ سوق عكاظ، بفضل ما أحدثه البرنامج من حراك غير مسبوق على الساحة الشعرية، بدليل أن معظم الذين هاجموه في دورته الأولى عادوا ليشتركوا فيه، أو يشجعوا أبناءهم على الاشتراك في دورتيه الثانية والثالثة.

وفي تعليقه على فتوى صدرت بتحريم برامج المسابقات الشعرية، قال: «علمنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن التحريم ليس أمرا سهلا، ولم يلجأ إليه في حياته إلا نادرا، بينما نجد في الوقت الحالي عشرات الفتاوى التي تصدر من وقت إلى آخر لتحريم أي شيء وكل شيء، مع الاحترام والتقدير لشيوخنا الأجلاء كافة».

حداثة

ووصف الشاعر القصائد النبطية الحداثية بأنها غير مفهومة، «بالنسبة لي، أنا متذوق للشعر قبل أن أكون شاعرا، وأعتقد أن كتابة مثل هذا النوع من القصائد سهل، فهو لا يتطلب سوى كتابة أفكار مشوشة ونظمها معا». موضحاً أن هذا الاتجاه لم يظهر بوضوح على الساحة إلا خلال برنامج «شاعر المليون». وحتى في البرنامج، انقسمت الآراء حوله، بما في ذلك آراء أعضاء لجنة التحكيم. وقال «أستمتع كثيرا بالقصائد القديمة لشعرائنا الكبار، أمثال ابن ظاعن وابن لعبون، فقد استطاعوا أن يوجِدوا قاعدة للشعر النبطي في الخليج. وعلى الرغم من أن قصائدهم كانت طويلة، إلا أن من يقرأها يجد فيها المتعة إلى النهاية. في حين نجد في الوقت الحالي أن القارئ يشعر بالملل إذا زادت أبيات القصيدة عن المعتاد قليلا». وتطرق إلى تدريس الشعر عبر جهات متخصصة، مثل أكاديمية الشعر، موضحا: «مع احترامي لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث التي نعرف أن هدفها سامٍ وترغب في الوصول بالشعر والشعراء إلى مستوى معين من البلاغة، لكنني أرى أن الشعر لا يدرس، ولا يمكن أن يصنع من شاعر متواضع المستوى شاعرا قويا، كذلك نجد أن شعراءنا الكبار كافة كانوا على الفطرة ولم يدرسوا الشعر، لكنهم قدموا أجمل وأعذب القصائد».

غناء

وعن موضوعات قصائده، أفاد الشيخ محمد الذي يدرس السياسة الخارجية، ويهوى القنص والمراكيض والمزاينة إلى جانب الهوايات الشبابية البحرية والبرية، بأنه كشاعر يتأثر بكل ما يمر بالمجتمع والمنطقة من أحداث وقضايا، لكنه لا يميل إلى تناول القضايا الاجتماعية في شعره، مثل غالبية الشعراء الذين يميلون إلى تناولها بأسلوب يتسم بالفكاهة، وهو نوع من القصائد يحب أن يقرأه، لكنه يجد صعوبة في كتابته. موضحا أن الواقع لا يمثل في أشعاره إلا نسبة قليلة، بينما الباقي كله من صنع الخيال، «فكثيرا ما أتخيل مواقف وأشخاصا تدور حولهم قصائدي، أو أعيش تجارب الآخرين في القصائد».

وفي حديثه عن قصائده التي غناها عدد من نجوم الطرب في الإمارات والخليج، كشف الشيخ محمد عن تقديم عمل جديد بصوت مطربة عربية في الفترة المقبلة، وهي المرة الأولى التي يقدم فيها أشعاره لصوت نسائي، إلى جانب تعاون قريب مع الفنان الإماراتي حمد العامري. وأعرب عن رضاه عن أغنيات تم تقديمها، وعن أداء جميع الفنانين الذين غنوا هذه القصائد، مثل عيضة المنهالي وراشد الماجد وحسين الجسمي، مشيرا إلى حرصه على اختيار الأصوات التي تغني قصائده «فهذا حق من حقوق الشاعر». لافتاً إلى اعتقاده أن كل قصيدة تغنى لابد أن يتم تصويرها فيديو كليب لتحقق الانتشار المطلوب .

أمسية متميزة

وألقى الشيخ محمد بن سلطان بن حمدان آل نهيان خلال الأمسية قصائد تنوعت بين الوطنية والعاطفية والاجتماعية، واستهل الأمسية بأبيات ترحيبية، ضمنها معاني الإعزاز والوفاء والولاء للقيادة قال في مطلعها:

وفا وفا هـذي التـحيـة علشـان هـيبـة علـمـنا والـولاء والقـيادة

وواصل قراءته الشعرية بأداء باهر وصوتٍ يفتخر بأمجاد الوطن، لتتوالى الإبداعات في واحدة من منظومته الشعرية التي تفردت بالمفردات والمعاني الجميلة، واستطاع أن يبرز صورا شعرية تستنير بها العقول، ومنها :

لاقــــل ودك يفــعـــل الله ما شـــاء كأنك نويت البعد يكفي احترامك
عادي يموت الحس في قلوب الأحياء وعادي بعادك ما يغــير مـقامـك

ومن القصائد الأخرى التي لاقت استحسان الجمهور قصيدة عن أمنياته، قال فيها:

لو كل ما عيـنـي أتـمـنـاه تـلقـاه إن كان عالجت العيون الضـريرة
وأسعدت لحزنه من الـوقت بكـاه وضويت للعـاني دروب سـفـيرة

كما قدم قصائد أخرى، كقصيدة المحاكاة التي أذيعت لأول مرة في برنامج «المقناص» في حلقة المغفور له الشيخ حمدان بن محمد آل نهيان، وكان يحاكي فيها الحفيد جده بأعذب القوافي وأصدق الأحاسيس.

وحضر الأمسية سمو الشيخة عوشة بنت خليفة بن زايد آل نهيان وسمو الشيخة موزة بنت حمدان بن محمد آل نهيان وعدد من الشيخات، وحشدٌ من الطالبات أعضاءِ الهيئتين التدريسيةِ والإدارية في الجامعة.

تويتر