جهاد عقل قدرة لافته في استخدام آلة الكمان. من المصدر

الحفني: سيد درويـــــــش نقل الموسيقى إلى الشارع

قالت رئيس المجمع العربي للموسيقى التابع لجامعة الدول العربية، الدكتورة رتيبة الحفني، إن « الموسيقار سيد درويش خرج بالموسيقى من القوالب التركية لتصبح مصرية صميمة، ونقلها من القصور إلى الشارع»، مشيرة إلى أنه غنى للشعب، وقدم أغنياته الشهيرة عن العمال، مثل «سالمة يا سلامة» التي تعبر عن الصيادين، وأغنية الموظفين التي تصف واقعة إضراب قام بها موظفون في الحكومة ، وشجع الغناء الجماعي واهتم بالكورال.

وقدمت الحفني محاضرة ، مساء أول من أمس، في المجمع الثقافي في أبوظبي، ضمن فعاليات مهرجان «أنغام من الشرق»، بعنوان «سيد درويش ودور المسرح الغنائي في الموسيقى العربية»، أعقبتها ليلة طربية بكمان جهاد عقل وقانون ماجد سرور. وتطرقت فيها إلى الدور البارز لدرويش في تطوير الموسيقى العربية والتراث الغني الذي تركه، على الرغم من الفترة القصيرة التي عاشها، حيث توفي في شابا. ولفتت إلى أن جميع الموسيقيين الذين أسهموا في تطوير الموسيقى العربية خلال القرن الماضي تأثروا بالغرب، واستلهموا منه أفكارا، فقد كانوا جميعا من محبي الموسيقى الغربية وفن الأوبرا .

وأوضحت الحفني أنه ليس عيباً أن نأخذ عن الغرب ما يمكن أن نسهم به في تطور موسيقانا، مع الحفاظ على الهوية العربية . فمن قبل، سافرت آلاتنا الموسيقية الشرقية، كالناي والربابة وغيرها، إلى أوروبا وعادت إلينا في صورة أكثر تطورا، مثل الفلوت وغيرها.

أوبريتات ومسرح

وأضافت «درويش قدم للمسرح عددا كبيرا من الأوبريتات، حتى جاء وقت كانت مسارح القاهرة الخمسة تعرض أعماله، وكل منها يعرض عملا مختلفا عن الآخر، وقدم أغاني وطنية عديدة مازالت تعيش في وجدان الشعب المصري، ومنها النشيد الوطني لمصر».

وأوضحت رئيس المجمع العربي للموسيقى أن المسرح الغنائي لم يبدأ مع سيد درويش، فقد بدأ في الشام أولاً، لكنه كان فقيراً في الإمكانات، وكان يقدم في الشارع. وفي مصر، كان الشيخ سلامة حجازي رائد المسرح الغنائي، وكان يقدم فيه القصائد ويرتجل خلالها المواويل بصوته العذب، على عكس درويش الذي قدم الأغاني الخفيفة والشعبية على مسرحه . ونظراً إلى تأثره بالأوبرا وبالمدرسة الإيطالية، نقل حجازي الفرقة الموسيقية «التخت» التي كانت تصاحب الفنان من مكانها خلف الكواليس إلى أمام خشبة المسرح، واستحدث ديكورات للأعمال التي يقدمها بمساعدة مختصين من إيطاليا بعد أن كانت تقتصر على ستائر ذات لون واحد تتغير من مشهد إلى آخر. وذكرت الحفني أن الشيخ حجازي كان أول من استعان بالنساء للتمثيل على المسرح، بعد ما كان يمنع تماما ظهورهن. ولذا، استعان بممثلات من الشام، ومنهن منيرة المهدية التي كونت بعد وفاته فرقة خاصة بها .

ليلة طرب

وعقب المحاضرة، كانت أبوظبي على موعد مع ليلة طربية جديدة في الحفل الذي أقيم على مسرح المجمع الثقافي في أبوظبي، ضمن فعاليات مهرجان «أنغام من الشرق» . وشارك فيها المايسترو وعازف القانون المصري ماجد سرور وعازف الكمان اللبناني جهاد عقل، وأحيوا الأمسية وسط حضور جماهيري لافت، ما يوضح أن الأذن العربية قادرة على تذوق الموسيقى بمفردها من دون غناء، على عكس ما يذهب إليه كثيرون.

وبدأ الحفل بفقرة الفنان جهاد عقل الذي قال «نحن كعرب في حاجة إلى هكذا مهرجانات ثقافية، تنمي الأذن وتنمي الشعور بالموسيقى، وترقي بالثقافة والذائقة الفنية، لأننا نملك أشياء رائعة نستطيع تقديمها فعلاً إلى الجمهورين الغربي والعربي على السواء».

وقدم عقل في فقرته عزفاً على آلة الكمان، وبمصاحبة الفرقة الموسيقية؛ لأغنيات لنجوم الطرب في العالم العربي، مثل «جبار» لعبدالحليم حافظ، و«جفنه علم الغزل» لمحمد عبدالوهاب، و«أعطني الناي وغني» لفيروز، وأظهر خلال العزف براعة فائقة في التحكم في آلته الموسيقية، وقدرة لافتة على إخراج كل ما فيها من إمكانات. وكانت الفقرة الثانية من الحفل للمايسترو ماجد سرور وفرقته، وقدما مجموعة من الألحان العربية الأصيلة من تراثنا الغنائي الثري، حيث اعتبر أن مشاركته في «أنغام من الشرق» تحمل معاني كثيرة، منها إلقاء الضوء على الموسيقى البحتة التي لا ترتبط بالغناء، ما يجعله حدثا فريدا.

الأكثر مشاركة