«أنغام من الشرق» يختتم بتحية سيد درويش
بعد ثماني ليالٍ متواصلة؛ جاء ختام مهرجان «أنغام من الشرق» الذي نظمته هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ليكون مسك الختام، يجمع بين ثلاثة من أقطاب الطرب الأصيل الذين يمتلكون رصيداً وافراً من الفن الراقي وحب وتقدير الجمهور، اجتمعوا معاً لتقديم التحية إلى والد الموسيقى العربية الحديثة ورائدها الموسيقار سيد درويش في تظاهرة حب ووفاء برعاية العاصمة الإماراتية.
وجاءت الأمسية الختامية التي أقيمت مساء أول من أمس على مسرح الظفرة في المجمع الثقافي في أبوظبي، وسط حضور جماهيري حاشد فاض به المسرح؛ تحت عنوان «تحية إلى سيد درويش» لتجمع بين المطربة اللبنانية غادة شبير والفنانين التونسي لطفي بوشناق والمصري إيمان البحر درويش حفيد الموسيقار الراحل. ويمكننا اعتبار أن الأمسية انطلقت قبل بداية الفقرات الفنية للثلاثة؛ حيث رددت جوانب المسرح أغنيات سيد درويش بصوته. وفي لفتة معبرة، قامت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بتوزيع نسخ من هذه الأسطوانة مع الدعوات التي وجهت للحضور، بينما علقت صور كبيرة لدرويش، وعرضت الشاشة التي توسطت خشبة المسرح صوراً لدرويش في مراحل حياته المختلفة، وطوابع بريدية تذكارية صدرت احتفاءً به.
كانت بداية الطرب مع الفنانة غادة شبير؛ وهي باحثة أيضاً في مجال الغناء؛ تعمقت كثيراً في الدراسة والبحث عن سيد درويش وأعماله وموسيقاه، علماً وإبداعاً، وهو ما قادها للتأثر بسيد درويش، باعتباره أهم من قدم الموشح من دون منافس، وقدمت شبير في فقرتها التي استمرت لنحو الساعة عدداً من الموشحات وأعمال سيد درويش، منها «لما بدا يتثنى»، و«يا بهجة الروح»، و«خفيف الروح»، و«أنا هويته وانتهيت»، و«منيتي عز اصطباري»، و«صحت وجداً»، و«يا حمام يا مروح»، و«يا ناس أنا مت في حبي»، و«شد الحزام»، و«يا عشاق النبي».
وكانت الفقرة التالية مع الفنان لطفي بوشناق الذي قدم بمصاحبة الفرقة الموسيقية بقيادة الدكتور خالد فؤاد أعمالا تنتمي إلى أشكال وقوالب فنية مختلفة، منها «عجبي منك»، و«زهرة النسيان»، و«حبيتك واتمنيت»، و«الخباز» التي تتحدث عن معاناة العاملين في مهنة الخباز. موضحا أنها من مجموعة أعمال تنتمي إلى مدرسة يحب أن يكون جزءاً منها، كما قدم أغنيته «أنا حبيت واتحبيت» التي وجه بين كلماتها التحية لرواد الفن والموسيقى العربية، مثل محمد عبدالحي وسلامة حجازي ودرويش، ليختم فقرته بأغنية «لاموني اللي غاروا مني»، وسط حفاوة وتصفيق الجمهور الذي وقف لتحية بوشناق، كما كانت المواويل التي قدمها بوشناق بين أغنياته محل إعجاب كبير من الجمهور الذي كان في كل مرة يقابلها بتصفيق حار يشعل قاعة المسرح، خصوصاً عندما ألقى قصيدة للشاعر ماجد يوسف تغنى بها بالطرب الأصيل، معدداً صفات المطرب الحقيقي، وقصيدة أخرى للشاعر آدم فتحي بعنوان «أنا العربي».
كانت الفقرة الختامية للحفل من نصيب الفنان إيمان البحر درويش الذي توجه في البداية بالشكر لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث لاتجاهها لاحياء وتحية ذكرى جده بهذا الشكل الراقي والمتميز. معتبراً أنه «إذا كان لدينا عدد أكبر من هذه الهيئات، كان حال الفن سيتغير كثيراً».
إيمان البحر درويش قدم جده سيد درويش. من المصدر
وحرص درويش الحفيد على تقديم معلومات عن جده خلال الحفل، لافتاً إلى أنه على الرغم من الشهرة الكبيرة لسيد درويش، فإن غالبية الجمهور لا تعلم إلا القليل جداً من المعلومات عنه وعن حياته، مشيراً إلى انه توفي في عمر 31 سنة، وقدم كل الانتاج الفني الذي خلفه في ست سنوات فقط تمتد من 1917 - 1923 .وتميزت أعماله بالجمع بين خفة الدم والقيمة الفنية والفكرية لتصبح أشبه بالكاريكاتير في الوقت الحالي. وحرص إيمان البحر درويش على التأكيد على أن وفاة جده التي وقعت في الليلة التي قام فيها بتدريب أطفال بعض المدارس على نشيد «مصر أملنا» لتحية الزعيم سعد زغلول بها عند عودته من منفاه، لم تكن نتيجة تناول جرعة زائدة من المخدر - كما ألمح بذلك الفيلم السينمائي الذي تناول قصة حياته - وقد طالبت أسرة الموسيقار الراحل بتشريح جثته لاكتشاف السبب الحقيقي للوفاة، لاشتباههم في أنه تم تسميمه، لكن الحكومة المصرية التي كان يسيطر عليها الانجليز في ذلك الوقت رفضت الطلب.
وقدم درويش الحفيد عدداً من أغنيات جده التي عمل على إعادة إحيائها بأسلوب عصري راق، منذ بداية ظهوره على الساحة الفنية، وعرفه الجمهور من خلالها، مثل «مخسوبكم انداس»، و«دنجي دنجي»، و«حاتجن». وأهدى موالاً لروح جده بعنوان «إيه يعني مات البدن» ألحقه بأغنية سيد درويش الأشهر «الحلوة دي»، كما قدم «الصهبجية»، موضحاً أن الغالبية تعتقد أنها لسيد درويش لكنها ليست كذلك. كذلك، اتجه إيمان في الحفل لتقديم عدد من أغنياته الخاصة، مثل «نفسي» و«لا عمرك وحشتيني» و«أنا مقبلش»، لافتاً إلى حيرته فنياً عندما اتجه لتقديم أعمال خاصة، بعد ان اتهمه بعضهم بالاعتماد على تراث جده للوجود على الساحة.
مهرجان قيّم
أجمع الفنانون المشاركون على أن مهرجان «أنغام من الشرق» قيّم بامتياز، و «دليل على أن هناك أناساً مهتمين مازالوا يعملون بجهد وجد، للوصول إلى إعادة إحياء الفن والطرب الأصيل» ونقله إلى موقع المقدمة كما كان دائماً. مضيفين أن «الشكر لا يفي هيئة أبوظبي للثقافة والتراث حقها في ما قدمته وتقدمه على الساحة الفنية والطربية الأصيلة».
غادة شبير غنت موشحات.
|
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news