لوحات جريئة تعالج ضياع وتشتت الهوية. تصوير: باتريك كاستيلو

«الانطباعات الأولى».. رسـم الجــــــــرأة والمرأة

استقطب معرض الانطباعات الأولى الذي افتتح في «آرت سيليكت»، أخيرا، في «غراند حياة» في دبي، 23 فنانا من جنوب آسيا، اجتمعت ألوانهم الإكريليكية والزيتية، وكذلك أفكارهم التصويرية للواقع، وحتى التجريدية، لتشكل مساحة لونية تحمل إبداعا كثيرا يحمل في الجمال المقدم أفكارا ورؤى مستقاة من الواقع الذي يعيشه الفنان. وتميزت الأعمال الموجودة في المعرض بغناها وتنوعها في تجسيد موضوعات مشتقة من البيئات المختلفة التي أتى منها الفنانون، وكان لافتا غنى المعرض بتقنياته، حيث استخدام بعضهم تقنية الظل والنور في إبراز أبعاد الصورة، فيما ركز آخرون على نحت ألوان الباستيل بالأصابع، فقدمت الصور وكأنها منحوتات.

خدع تصويرية

ويضم المعرض الذي يستمر حتى 28 من الشهر الجاري لوحات كثيرة تحمل في طياتها طابع الجرأة في أفكارها، لاسيما مع الفنانة سمر زايدي التي طرحت لوحة لامرأة تسرح شعرها في إحدى اللوحات، ثم ظهرت المرأة نفسها في لوحة أخرى، وهي تسرح شعرها لكن مع لحية بارزة، فيما كانت لوحة أخرى لامرأة تحلق لحيتها، وهذا ما يعطي ربما صورة عن واقع تعيشه شريحة من النساء، وليس بالضرورة أن يدل على مثلية جنسية بقدر ما هو تعبير عن ضياع في الهوية مع الأثقال التي تلقيها الحياة على كاهل المرأة. ومن المرأة الضائعة إلى المرأة المفعمة بالأنوثة، مع سانتن ديندا، والتي ركزت في لوحتها على تفاصيل وجه المرأة الناعمة، وأبرزتها بالألوان القاتمة مع القليل من الإضاءة الخافتة. بالإضافة إلى سحر عيون المرأة التي ظهرت مغطاة تماما، مع أليسا فولتون، والتي لخصت جمال المرأة في عينيها بالأبيض والأسود.

ومن الجهة الأخرى، طرح المعرض أفكارا كثيرةأقرب إلى أن تكون خدعا تصويرية، منها اللوحة التي تشمل أشخاصا يقفون على كف الإنسان، وكذلك لوحة الأيدي المتشابكة لفيغاي شارما الذي ارتأى من الرسم وسيلة للتعبير عن الحكم التي يتعلمها الإنسان من الحياة بأسلوب جديد ومختلف.

 
المشاركون 

يضم معرض «الانطباعات الأولى» الذي افتتحته نائبة رئيس مجلس إدارة «القيادات العربية الشابة» منى القرق، 23 فنانا من جنوب آسيا، وهم جاديب مهروترا، أليسا فولتون، أميت سلاثيا، عقيل سولنجي، أسعد فاروقي، ديبياندو أوكيل، جيهان صالح، لاليتا فيكامشي، لينا العصفور، مازارين ميمون، ناديني داس، بارتيبها سينغ، برينكا اناند، رابيا جليل، ريفاتي غنغال، ريشا نافاني، سمر زايدي، سانتان دينا، سوراف باهتشايرا، سيري خاندافيلي، سوكيسان كاننكا، تانيا أوكيل، فيغاي شارما.


ابتعاد عن الجمال

ويعد الفنان الهندي، جاديب مهروترا، من أبرز المشاركين في المعرض، وحرص على تقديم لوحات تبرز انخراط الإنسان في الحياة وابتعاده عن الجمال، وأوضح مهروترا إنه يستمد لوحاته من بيئته، ولذلك حاول أن يركز على تبادل الأدوار في الحياة، «فلا شيء ثابتا في مكانه، ودائما هناك بدائل». واعتبر «أن هناك دائما رسائل يجب أن يوجهها الفنان، ولكن يجب أن تكون بطريقة جميلة، كي تصل إلى الناس ويقدرونها، ومن المهم أن تحاكيهم وتجسد هواجسهم».

وشكلت المرأة التي رسمتها الفنانة العمانية لينا العصفور الموضوع الأساسي في ثلاث من لوحاتها، وردت العصفور ذلك إلى أن موضوع المرأة مهم جدا بالنسبة لها، ليس لأنها ترى أي إجحاف بحق المرأة، ولكن لأنها ترى فيها جمالا. وأوضحت أنه من النادر أن يظهر وجه المرأة في لوحاتها، فتركز عليها دائما من الخلف. وتقول « على الرغم من ذلك، أرى أن هناك محاذير كثيرة في الرسم، كون المجتمع العربي مازال يضع حدودا في رسم المرأة». ورأت العصفور التي استخدمت مادة الباستيل في رسم المرأة، أنه من الممكن أن تتجه إلى النحت لاحقا، كون استخدام هذه المادة لا يتم بالريشة، بل باليد، «ما جعل المرأة بارزة التفاصيل معي وكأنها منحوتة على الورق» كما قالت . أما البيئة التي تستمد منها أفكارها، فهي بيئتها الخاصة وحياتها، وتجارب المحيطين بها.

جمال الحروف

وأدخلت الفنانة المصرية جيهان صالح الحروف إلى اللوحات، وعلى الرغم من أن حروفها بعيدة عن فن الخط العربي، فهي جميلة مكتوبة بأسلوب جميل، قد لا يكون مقروءا في أحيان كثيرة. وقالت صالح عن اختيارها هذا النمط «أحب الحرف العربي، لأنه يتمتع بجماليات كثيرة، وهو من عناصر العمل الفني، لهذا لا أستخدمه بالشكل الأكاديمي المدروس». وأوضحت أن الحرف هو العنصر الأساسي لعملها، فهي ترسم الحروف الغائرة والظاهرة، ثم تضع الألوان لإبراز ما يتلاءم مع شكل الحروف.

وعن التزامها ببعض الكتابات، ذكرت صالح أنها أحيانا تستخدم بعض الجمل أو القصائد، وأحيانا مجرد أحرف، كون المتلقي قد يكون غير عربي، وبالتالي تحاول أن تبرز من ألوانها جمالية الحروف.

وركزت الفنانة الهندية، مازرين ميمون، على أهمية حرية الناس في لوحاتها، ورأت أن «الناس يمكنهم أن يقرروا ما يرونه في اللوحة، لأنه في أحيان كثيرة أعتمد على التقنيات من دون وجود فكرة موجهة ومحددة لموضوع معين، واعتبر أن العمل التجريدي في غاية الواقعية».

الأكثر مشاركة