برنارد بوهمان ركّز على شخصياته في فضاء من المكان والزمان. تصوير: عماد علاء الدين

معرض يجسـد الواقع بعناصر تــاريخية

يعتني الفنان النمساوي، برنارد بوهمان، بإظهار جمال الطبيعة في معرضه بعنوان «المكان مختلف، والوقت ذاته»، والذي افتتح أخيراً في «كربون 12» في دبي. وقد ركز في لوحاته على استخدام عناصر التاريخ وأدخلها على صور من واقع الحياة، فكانت لوحاته قادرة على إيجاد مسافة وسطية بين التاريخ والواقع، حيث جسد الأخير بعناصر تاريخية مع عدم إهمال تضمين الأعمال رؤيته المستقبلية الخاصة. واستخدم بوهمان في اللوحات عناصر كثيرة في الطبيعة كخلفيات للشخصيات التي كانت الأساس في اللوحات، الأمر الذي جعل من رسومه تبدو وكأنها انعكاس حقيقي للبيئة التي نشأ فيها، والمتميزة بغناها بالمناظر الطبيعية التي استلهم منها فنانون كثيرون أعمالهم.

 
وراثة الفن

يرى الفنان النمساوي برنارد بوهمان أن الفن يمكن أن ينتقل بالوراثة للأبناء، فهو تأثر بأمه التي كانت رسامة. وقال «كانت تصطحبني أمي معها إلى ورش الرسم الخاصة بها، وكنت أشاهدها وهي تعمل وتعلقت بالرسم». ويقول «قررت عندما كبرت أن أدرس الرسم بفعل ما شاهدته، وساعدتني أمي على ذلك، وأعتقد أن دعم الأهل للفنان مهم جداً».


حوار

ويعمد الرسام النمساوي الذي يستمر معرضه حتى السادس من يونيو على إيجاد حوار خاص بين الشخصيات التي هي دائماً في حركة، ويكمله بخلفيات طبيعة، بألوانه الزيتية حيناً أو بالإكريليكية في حين آخر. وقد ساعد تقاطع الشخصيات مع الخلفيات والأشياء التي تضمنتها اللوحات على وجود زخم في التفاصيل من جهة، وكذلك في ألوان اللوحة الواحدة من جهة أخرى، فبدت وكأنها دعوة لاكتشاف ألوان الطبيعة الداكنة في السماء الملبدة، أو حتى الفاتحة مع ظهور القوس قزح فوق البحر.

وتتقاطع المشاهد الطبيعية في المعرض الذي يأخذ القليل من الأسلوب الكلاسيكي، حيث نرى الاطفال تارة على البحر، وتارة على البر يجلسون أو يلعبون، فيما تأخذ مشاهد أخرى يرتدي فيها الناس الأزياء التاريخية القديمة المشاهد إلى داخل البيوت لتصور شخصية معينة، ومنها البهلوان الذي يقف وأمامه الكلب، أو النحات الذي يحمل مطرقته لينحت حصانا. وكان واضحاً في اللوحات تركيز الفنان على الحركة التي تقوم بها الشخصية، أكثر من تركيزه على مشاعرها، وهذا ما جعل الوجوه تبدو وكأنها جامدة خالية من الأحاسيس . ويمكن القول إن الاستعاضة التي استخدمها الفنان في لوحة الفتاة التي صور يديها ورجليها كأرجل كرسي عززت هذا الشعور. ولكن، على الرغم من تركيز برنارد على المشاهد والحركة، فإنه ترك المجال مفتوحاً للتخيل، من خلال وضع بعض الأشياء الغامضة، كالصندوق الذي لا نعرف ما يحتوي أو الستائر التي لا نعرف ما تخفي خلفها.

شخصيات الصحف

جمع بوهمان شخصيات اللوحات الـ 13 التي يقدمها في المعرض من خلال الصور التي تنشر في الصحف والمجلات. وقال عن ذلك «أعمل بعد جمع الصور على ابتكار قالب جديد لهذه الشخصيات، لتتلاءم مع فكرة كل لوحة، وكذلك أعمد إلى التركيز على الحوار بينها». وأضاف « الفكرة الخاصة بكل لوحة تأتي من خلال رسم الشخصية، لذا، لا يمكنني القول إن هناك أفكاراً محددة تقف خلف كل لوحة، وغالباً ما أتأثر بكل ما يحيط بي».

وبالنسبة لبوهمان، « اللوحة تكون عظيمة من خلال الألوان التي يختارها المرء، أو من خلال الحوار الذي يضعه داخل اللوحة».

واستخدم الألوان الداكنة تارة، ولجأ تارة إلى الألوان الفاتحة المستمدة من الطبيعة، ولفت إلى أنه «لا يحب أن يضع نفسه في خانة الأشخاص الذين يلتزمون بأسلوب معين، وبأفكار محددة تصبح بصمة خاصة لهم، فهو يحب أن يطلق العنان لأفكاره».

واعتبر أن «الأسلوب الذي يجعل من الرسم صالحا لمختلف العصور هو الجمع بين عناصر مستمدة من مختلف الأزمنة، لابتكار مفاهيم جديدة». ويقول بوهمان إن «الفن يرتبط بالمجتمع، لكني شخصياً لا أحب الفن الذي يتحدث عن متعلقات سياسية، لأني بذلك أفقد من فني على حساب المقولة التي أريد أن أوصلها».

الأكثر مشاركة