خرائط وصور من الإمارات
جذبت الرحلات البرية على اختلاف أنواعها المهندس المعماري داريوش زاندي الذي كان يدخل الصحراء أو الجبال ليقضي فيها أياماً، ليس للاستمتاع بجمالها فحسب، بل ليقوم بالبحث والاستقصاء والتصوير، وكذلك ليرسم الخرائط ويوثّق الأماكن. وقد تمكن المهندس الإيراني الأصل بفعل الرحلات التي يقوم بها منذ نحو 30 عاماً من إصدار كتابه الثاني عن الرحلات البرية في الإمارات «اوف رود إن ذا اميريتس 2»، الذي يحوي، إلى جانب خرائط ومعلومات تاريخية وجغغرافية عن أبرز الأماكن في الإمارات، أمورا كثيرة يمكن أن تصادف المرء في أثناء الرحلات، بالإضافة إلى نصائح حول كيفية التحضير للرحلات وأهم الأغراض التي يجب أن تكون معنا خلال الرحلة.
وقال المؤلف عن بداية ولوجه عالم الرحلات «كان التصوير هوايتي منذ الصغر، حتى إنني بدأت أصور منذ كنت في السابعة. وفي سن الحادية عشرة، بدأت أطبع الصور لعمي في الأستوديو الخاص به، وفهمت المهنة». لذا، فإن علاقة زاندي بالصور كانت الأساس لكل شيء في حياته، «فهي مكنتني من دخول عالم الهندسة المعمارية، وكذلك القيام بالرحلات وتصويرها وتوثيقها».
ويقول زاندي عن رحلاته التي بدأها في 1980 «شعرت لدى وصولي إلى الإمارات بجذب تجاه هذه الطبيعة التي لم يلمسها أحد بعد، خصوصاً أنها جميلة وتشمل البحر والجبل والصحراء». وانتظم زاندي على الذهاب في الرحلات على نحو أسبوعي تقريباً، «إذ كنت أذهب لأستمتع وألتقط الصور، وأرسم الخرائط، لأنه في وقتها لم تكن جميع الخرائط متوافرة كما الحال اليوم». واعتبر هذه الرحلات فرصة تتيح الاستمتاع والتعرف إلى الإماراتيين عن كثب، «لأنه بالنسبة لي الطبيعة قادرة على تقديم الخلفية التي تروي جذور أهل الإمارات».
حالات وتحديات
ولم تكن الأماكن التي بدأ زاندي زيارتها بعيدة كثيراً عن المدن، ويقول «بدأت بزيارة حتا، ولم أكن وقتها أدخل إلى أعماق الصحراء كثيراً، لأنني كنت أرسم وألتقط الصور، وبعدها عمدت إلى إرشاد المقربين مني إلى كيفية زيارة هذه المناطق، وإعطائهم رسومات الخرائط التي وضعتها».
قائمة الأغراض الأساسية
ويجب أن تتضمن الأغراض الشخصية التي تضمن السلامةكل المتعلقات الأساسية ، كفرشاة تنظيف الأسنان، وولاعة، وملابس إضافية، وكتب للملاحظات، وأكياس ضد المياه وخيم خاصة للنوم تقي من الحشرات. أما الأغراض الأساسية المتعلقة بالرحلة، فهي خرائط وبوصلة ودليل الطريق (جي بي إس)، وخيمة خاصة، وكراسي وطاولة قابلة للطي، وغاز صغير، وإضاءة على البطارية، وكذلك أكياس للمهملات، ومناديل، وماء للطبخ. |
وقسم زاندى الرحلات في الإمارات إلى ثلاثة أنواع، هي «البحرية، داخل الصحراء، في الجبال». ونوه إلى وجود رحلات يمكن أن تشمل النوعين، «إذ إنني صادفت رحلات كثيرة كانت تنقلني من حالة جغرافية وجيولوجية معينة إلى أخرى، كالصحراء التي تنقلنا إلى الجبل أو إلى الواحات أو حتى البحر». ويقول زاندي «عندما يتعمد المرء الذهاب في رحلات من هذا النوع، عليه اختيار الطرقات التي تجعل رحلاته مثيرة، ففي الأخير هناك دائماً نهاية للأماكن التي نزورها».
أما التحديات التي كان زاندي يواجهها خلال رحلاته، فهي معرفة إلى أين سيذهب المرء، وكيف سيذهب، وثالثا ماذا يجب أن يأخذ معه، لاسيما ان كان وحده. ويتوقف اختيار المرء مكان الرحلة على أكثر من عامل، أهمها «الوقت الذي ينوي أن يقضيه هناك، لأن بعض الأماكن تتطلب زيارتها نصف النهار، وبعضها يتطلب ثلاثة أيام، مثل صحراء ليوا ». وتابع زاندي «من الممكن أن يجمع المرء بين أكثر من رحلة، فيمكنه أن يطيل أو يقصر الرحلة، تبعا لأهوائه الشخصي».
تحضير جيد
ونصح زاندي بوجوب التحضير للرحلة، «إذ لا بد من التأكد من أن حالة السيارة جيدة، ثم لابد من تمتع الإنسان الذي يقوم بالرحلات بالذكاء، ليتمكن من حل المشكلات التي قد يواجهها في طريقه». وعن طبيعة المشكلات، قال «قد تغرز السيارة في رمال الصحراء، أو حتى تعيق طريق المرء بعض الصخور، أو المياه، أو حتى يضطر إلى استكمال طريقه مع إطار مفرغ من الهواء، بسبب استخدام الإطار الإضافي». أما المشكلة الأصعب التي قد يواجهها المرء في قلب الصحراء، «فهي أنه أحياناً قد لا يعرف إلى أين سيذهب، وهنا عليه أن يستعين بالحدس والذكاء في آن، ففي أحيان كثيرة لا تكون الخرائط مساعدة».
واعتبر زاندي أن الرحلات التي يقوم بها تؤمّن له الاستمتاع والتصوير ومعرفة المكان ولقاء الناس وتكوين الصداقات. ولهذا التقط صور كثيرة لأشخاص صادفهم في أثناء رحلاتهم، واعتبر لقاءهم في أثناء الطريق من أحد الأمور المهمة بالنسبة له. ولهذا، لفت إلى أنه حاول أن يترك ذكرى لأولئك الأشخاص من خلال الصور، «ومنهم الإماراتي الذي كنت ألقاه في رحلات كثيرة، وعرفت منذ سنتين أنه توفي، لكني احتفظ بهذه الصورة».
وإلى المعلومات، قدم زاندي في كتابه خرائط ترسم الطريق الأمثل الذي يمكن أن يسلكه الناس، ويستكشفوا المكان. وهو يرى أن من الممكن زيارة الأماكن أكثر من مرة. ويقول « شخصياً زرت أماكن أكثر من 10 مرات، لأتمكن من كتابة تفاصيل صحيحة، وهذا ما جعل الكتاب يستغرق ست سنوات حتى أنهيته».