الفجيرة تستقطب الدراما الخليــجية
انتهت أسرة مسلسل «حلوم أم العلوم»، للمخرج عمر إبراهيم، من تصوير مشاهده ليكون جاهزاً للعرض في شهر رمضان المقبل على شاشة «سما دبي». وأنهى المخرج الأردني إياد الخزوز تصوير مسلسل «للأسرار خيوط»، تأليف محمد سعيد الضنحاني مدير الديوان الأميري في الفجيرة، لينضم المسلسلان إلى قائمة طويلة من الأعمال الدرامية التلفزيونية والسينمائية التي عضدت باستضافتها الإمارة موقعها المهم، كموقع تصوير بكر أضحى شديد الجذب لشركات الإنتاج الفني والمنتجين المنفذين على حد سواء.
الفجيرة التي أصبحت في العامين الأخيرين حلاً لمعضلة البحث عن موقع مناسب لتصوير مسلسلات كثيرة، مثل «ريح الشمال» للمخرج البحريني مصطفى رشيد، و«الداية» الذي قامت ببطولته القديرة حياة الفهد. واستقطبت أيضاً أعمالاً سينمائية لمخرجين شباب، مثل وليد الشحي، ومنال بن عمرو، وسعيد سالمين ، فضلاً عن مشروعات مستقبلية تم إعداد نصوصها وملامح رؤيتها الإخراجية من خلال مخيلة إبداعية، رسمت البيئة المكانية للأعمال متطابقة مع ما يتيحه خيار تصويره في الفجيرة.
سلاح ذو حدود كثيرة
يرى منتجون ومخرجون وكتاب دراما كثيرون أن إمارة الفجيرة، بما فيها من بيئة طبيعية خلابة، مرشحة بقوة لأن تكون مهبطاً جديداً لشركات الإنتاج الباحثة عن خيار الأجود فنياً ، والأفضل كلفة تجاريا، في ما يتعلق بأماكن تصوير الأعمال الدرامية. غير أن ممثلين ما زالوا يرون أن ذلك يتطلب تفرغاً ، بسبب بعد مكان تصوير المسلسل التلفزيوني، الامر الذي يسبب لهم مشكلات كثيرة تعطل سير العمل وتضطرهم في أحيان كثيرة إلى رفضه في الأساس. ومثالا، فقد الممثل الشاب مروان عبدالله صالح مشاهد كثيرة، واضطر مخرج مسلسل «حلوم أم العلوم» إلى إضافة حلول درامية تبرر غيابه عن بعض الحلقات، بسبب اعتذاره عن التصوير لارتباطاته بعمل مسرحي لمصلحة مسرح دبي الأهلي، فضلاً عن تصوير برنامج «سوالفنا حلوة» الأسبوعي، وهو أمر يرى أن التغلب عليه كان ممكناً لو كان موقع التصوير الرئيس في دبي، أو أحد المواقع القريبة منها. وقال مروان «التصوير في الفجيرة ممتع لأسرة أي عمل، ويتيح مزيداً من التعايش، والتركيز في الدور المنوط بكل ممـثل، لكنه يصبح ذا حـدود أخرى كثيرة سلبية، في حال ارتباط الفنان بأكثر من عمـل في توقيت واحد». |
قد يكون هذا التحول الملحوظ مبنياَ في جانب منه على توفير عروض تنافسية متعلقة برسوم استخراج تصاريح التصوير وكلفة الإقامة في فنادق جيدة المستوى، وغير ذلك من أمور تبدو شديدة الأهمية بالنسبة لجهات الإنتاج، تعلق الأمر بشركات إنتاج فني أو أفراد يقومون بمهمة المنتج المنفذ، لكنه بكل تأكيد غير كافٍ لتحويل استضافة الفجيرة لتصوير أعمال درامية مهمة إلى ظاهرة ملحوظة.
وقال الفنان أحمد الجسمي الذي اختار الفجيرة لتصوير باكورة أعمال شركة الإنتاج الخاصة به، وهو «ريح الشمال»، « تتمتع الفجيرة بخصوصية وفرادة، فهي تعانق مياه الخليج العربي، وتزخر ببيئة طبيعية خلابة مازالت بكراً، على الرغم من طفرة الإنتاج الدرامي الواسعة التي تشهدها الدولة».
وأضاف الجسمي الذي اختار تحديداً قرية «الزبارة» التراثية كموقع متكرر لتصوير معظم مشاهده في «ريح الشمال»، «نجم إمارة الفجيرة مرشح لمزيد من السطوع في الفترة المقبلة، بسبب العودة الملحوظة لإنتاج أعمال تراثية، فضلاً عن تسهيلات رسمية تمنحها الجهات المخولة باستخراج التراخيص والبيئة البحرية الساحرة التي تتميز بها الإمارة».
بيئة مثالية
وقال المخرج الإماراتي عمر إبراهيم الذي يخوض أول تجاربه الدرامية في المسلسل الكوميدي «حلوم أم العلوم» « يعتمد اختيار الموقع الرئيس للتصوير بشكل مبدئي من خلال القصة الدرامية وعنصري الزمان والمكان اللذين يدوران في فلكهما الأحداث، وهو أمر يسعى المخرج إلى نسج حالة من الانسجام بينهما وبين رؤيته الإخراجية، على نحو يخدم السياق الدرامي للعمل. وفي هذا الإطار، توفر مناطق كثيرة في الفجيرة بيئة مثالية لتصوير أعمال درامية، لاسيما في ما يتعلق بالأعمال ذات الأجواء التراثية، وتلك التي تدور مفاصلها الرئيسة في بيئة بحرية».
وجعل هذا النشاط الدرامي التلفزيوني الفجيرة تتجاوز الارتباط المبدئي لدى المتابع بمهرجان المونودراما الدولي إلى آفاق درامية، ترتبط في جانب منها بعملية الإنتاج، بل إن جهات مهتمة بهذا المجال فضلت أن يكون مقرها الفجيرة، مثل شركة «أرى للإنتاج الفني» التي أنتجت مسلسل «للأسرار خيوط»، المرشح أيضاً للعرض خلال رمضان المقبل.
رغبة رسمية
وفي سياق يدل على الرغبة الرسمية في تفعيل موقع الفجيرة على خارطة المشاركة في الحراك المحلي والخليجي السائد على الساحة الدرامية، زار سمو الشيخ راشد بن حمد بن محمد الشرقي، رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، أخيرا موقع تصوير مسلسل «للأسرار خيوط» في منطقة الفجيرة القديمة، وشهد جزءاً من عملية التصوير، بعد أن التقى أسرة المسلسل واستمع إلى إيجاز عن فكرته وآليات إنجازه من المخرج الأردني إيا.
وفيما تدور أحداث «ريح الشمال»، على سبيل المثال، في بيئة بحرية خالصة برؤية إخراجية للبحريني مصطفى رشيد، فإن «حلوم أم العلوم» لجأ إلى «الفريج» بتكوينه التراثي، معتمداً على إمكانات مخرج إماراتي شاب ونجوم محليين بالدرجة الأولى، مثل الفنانة رزيقة طارش وسعيد بتيجة ومروان عبدالله وطلال محمود . ويدور مسلسل «للأسرار خيوط» في قالب درامي برؤية إخراجية للأردني إياد الخزوز وطاقم تمثيلي يمثل نخبة من الفنانين الخليجيين والإماراتيين، مثل بلال عبدالله، وعبدالله أبوعابد، وعبدالله صالح، وعبدالرحمن الملا «من الإمارات»، أميرة محمد، شيماء سبت «البحرين»، سميرة الوهيبي وشمعة محمد «سلطنة عمان»، إيمان القصيبي وسعد قريش «السعودية» غازي حسين «من قطر»، جاسم النبهان، عبدالله الباروني، ناصر كرماني، عبدالله بهمن، علي الكالوكي «الكويت». وهو ما يؤشر إلى اتفاق على اختيار الفجيرة موقعاً مناسباً لتصوير المسلسلات الثلاثينية التي تحتاج تفرغاً وتركيزاً شديداً من الممثلين، على اختلاف المدارس والاتجاهات الإخراجية، من دون أن يقتصر الأمر على أعمال تدور في قالب تراثي أو بحري خالصين، فضلاً عن تآلف الممثل الخليجي مع أجواء الفجيرة، وهو أمر يظهر أيضاً في استضافتها لأسرة المسلسل التلفزيوني الشهير «الداية».