علي الحجار: الساحة الغنائية بحاجة إلى «توازن»
أكد المطرب المصري علي الحجار أنه لم يعتزل، ولا يفكر في اعتزال الفن إطلاقاً، مشيراً إلى انه يستعد حالياً لمسرحية غنائية استعراضية بعنوان «كوكب ميكي»، وقال «أؤمن بأن موهبتي هي هبة من الله ويجب علي ان استخدمها بالشكل الصحيح، ولذا توقفت خلال السنوات السبع الماضية عن إصدار ألبومات غنائية لاستقراء الساحة الغنائية حالياً، في محاولة لتحقيق التوازن بين ما هو سائد من غناء في تلك الفترة وبين ما أحافظ على النمط الذي أسير عليه، ولكن في الوقت نفسه لم اعتزل الفن، فقد قدمت مسرحيتين في تلك الفترة هما «رصاصة في القلب» و«اللهم اجعله خير»، بالإضافة إلى غناء مقدمات بعض المسلسلات التلفزيونية».
ونفى الحجار ما نشرته بعض الصحف من انه لو امتلك السلطة لمنع البعض من الغناء والظهور على الساحة، مشيراً إلى انه لا يفكر بهذه الطريقة لأنه لا يحب «قطع الأرزاق»، ولإيمانه بأنه «من دون السيّئ لن نكتشف الجيد، ومن دون الخوف لن نعرف معنى الشجاعة فالضد يوضح المعنى ويظهره، ووجود الأضداد لا يمثل مشكلة ولكن المشكلة تبرز عندما يسود السيّئ والضعيف على حساب الجيد والقوي، وفي الوقت نفسه لو أتيحت لي الفرصة وامتلكت السلطة كنت عملت على تنظيم الساحة الغنائية نوعاً ما، من خلال تحقيق التوازن بين الأعمال الحقيقية والأعمال التجارية، وأن تذاع كل منهما بالكثافة نفسها حتى يتاح للجمهور فرصة للاختيار من دون الوقوع تحت ضغط تكرار عرض أعمال بعينها بكثافة عالية وتجاهل أعمال أخرى أكثر قيمة وجدية».
واعتبر الحجار ان الرسم والتصوير بالنسبة له يخدمان الغناء، موضحاً «فالرسم يجعلني ارى في كل جملة موسيقية لوحة فنية جميلة»، لافتاً إلى انه يحضر منذ أربع سنوات لمعرض فني يتناول رباعيات الشاعر صلاح جاهين التي سبق وغناها، ولكن انشغاله بالمسرح والغناء منعه من الانتهاء من لوحات المعرض حتى الآن.
حفاوة
وعبر الحجار الذي أحيا مساء أول من أمس أولى حفلات «أمير الشعراء» على مسرح المجمع الثقافي في أبوظبي، وهو حفله الأول في الإمارات ومنطقة الخليج، عن سعادته بالحفاوة التي قابله بها جمهور أبوظبي، مضيفاً «في بداية الحفل كنت والفرقة نشعر بخوف وقلق شديدين ولكن بعد بداية الحفل وبعد ان لمسنا ما يتميز به الجمهور من ذوق رفيع وتعطش للطرب الأصيل تغلبنا على خوفنا وانطلقنا»، معرباً عن رضاه عن استقبال الجمهور لألبومه الأخير «حوا وآدم»، موضحاً «حرصت على ان أقدم في «حوا وآدم» الشكل الذي يرضيني وفي الوقت نفسه يتقبله الجمهور الذي أصيب بالتشبع من الكليبات العارية، وبدأ يبحث عن الكلمة التي تحمل معنى والكليب الذي يعبر عن كلمات الأغنية»، لافتاً إلى ان الألبوم لم يوزع في دول الخليج حتى الآن لأنه لم يتفق بعد ـ باعتباره المنتج لألبومه والألبومات التي قدمها منذ عام 1980 ـ على موزع للألبوم في المنطقة.
وأشار إلى انه وغيره من المطربين ليسوا ضد الأغنية الإيقاعية والخفيفة، ولكنهم يحرصون على تقديمها بصورة طربية، وفي جمل لحنية رشيقة، ولكنها لا تصل لدرجة التفاهة والسخافة التي يقدمها فنانو الكليبات الذين يقدمون أغنيات ذات جمل لحنية قصيرة تشبه الجمل اللحنية للإعلانات، ويقبل عليها المنتجون لأنها تحقق مكسباً مادياً وانتشاراً سريعاً على الرغم من انها تنتهي سريعاً أيضاً.
قصائد
وكشف علي الحجار في اللقاء الذي جمعه بالإعلاميين عقب الحفل انه يستعد حالياً لتقديم مشروع فني مشترك مع الشاعر المصري أحمد بخيت ـ والذي حصل على المركز الثالث في مسابقة أمير الشعراء العام الماضي ـ ليعود به إلى غناء القصائد، «والذي يجد انه مجال مهم للفنان وسبق وقدم فيه تجارب ناجحة، من بينها غناء أربع قصائد للشاعر الراحل محمود درويش الذي اشترك معه في تقديم حفل كبير بمكتبة الإسكندرية، كما قدم ما لا يقل عن 40 أغنية لسميح القاسم، وقصيدة «لا تصالح» لأمل دنقل، بالإضافة إلى رباعيات صلاح جاهين، وقصيدة للأمير عبدالرحمن بن مساعد. وأضاف «غناء القصيدة على أهميته يجب التعامل معه بحرص ودقة في الاختيار، وتعد أشعار نزار قباني هي الأسهل في الغناء لأن كلماته تحمل إيقاعها الخاص بها، وبالتالي ليست هناك صعوبة في تلحينها أو غنائها».
وحول أغاني مقدمة الأعمال التليفزيونية (تترات المسلسلات) التي يعد الحجار من أشهر من قدمها قال «لم أغن مقدمة عمل وأندم عليه بعد ذلك، لأنني ادقق في اختيار هذه الأعمال، وأضع شروطا للعمل الذي اقبل به تضمن خروجه بمستوى متميز، في المقابل هناك أسماء لا أتردد في العمل معها من دون شرط مثل أعمال أسامة أنور عكاشة ومحمد صفاء عامر وإسماعيل عبدالحافظ»، مستطرداً «من جانب آخر أجد أن أغنية التتر تمنح للمطرب فرصتين؛ الأولى تتمثل في غناء كلمات وتركيبات لفظية لا يمكن تقديمها في أغنية عادية ولذا فهي تعتبر أغنية من نوع خاص ومختلف، والفرصة الثانية هي رفع قدرة المطرب على التمثيل بصوته للتعبير عن المعاني التي يغنيها».
وأشار الحجار إلى ان مسرحيته الجديدة «كوكب ميكي»، تمثل نوعاً جديداً من الأعمال المسرحية لم يقدمه من قبل في مشواره الذي يتضمن 26 مسرحية تم تصوير وعرض عدد قليل منها، حيث يتقمص أبطالها ادوار شخصيات كرتونية شهيرة مثل ميكي ماوس وبيتر بان وغيرهما، ليوضحوا من خلال الأحداث رسالة مفادها ان الرسوم المتحركة التي نستوردها من الخارج ليست كلها بريئة. مضيفاً «مساحة التشخيص والتمثيل في العمل استفزت الممثل بداخلي، خصوصاً أنني لم اخذ حظي من التمثيل في الأعمال التي شاركت فيها ما عدا دور عبده الحامولي الذي قمت به في مسلسل «بوابة الحلواني»، بالإضافة إلى طبيعة المسرحية التي تندرج ضمن المسرح السياسي وفي الوقت نفسه تضم عدداً كبيراً من الأغاني والاستعراضات، فأنا لا أنسى أنني مطرب في البداية وبالتالي لا أشارك إلا في الأعمال التي تتضمن غناء أو ذات صبغة استعراضية غنائية».
أمسية مع الطرب
وكان الفنان علي الحجار قد أحيا مساء أول من أمس باكورة حفلات «أمير الشعراء» التي تنظمها هيئة ابوظبي للثقافة والتراث في المجمع الثقافي بأبوظبي، وقدم خلالها أمسية طربية بامتياز. وجاء ميل الحجار لتقديم عدد كبير من أغنياته القديمة متفقاً تماماً مع رغبة الجمهور الذي حصل على ما كان يطمح إليه من طرب أصيل وصوت شجي نادر، حرص الحجار على استعراض إمكاناته في الأغنيات التي قدمها والتي سبق بعضها بموال قصير.
بدأ الحفل بأغنية مسلسل «المال والبنون»، قبل ان يقدم الحجار بمصاحبة المايسترو عمرو سليم وفرقته الموسيقية أغنية «روحي فيك تروح» التي تجمع بين لحن من الفلكلور الجزائري وكلمات باللهجة البدوية المصرية، ليواصل بعدها الابحار في أغنياته القديمة ويقدم «عنوان بيتنا»، التي تخللها عزف منفرد على القانون، وآلة الكولة للفنان عبدالله حلمي، كما قدم أغنيات «من غير ما تتكلمي، ولو تعرفي، ويا طالع الشجرة، وسمرة، وعارفة»، ليقدم أغنيتي «العروسة، والزين والزينة» من ألبومه الأخير «حوا وآدم» من كلمات الشاعر فؤاد حداد، ليعود سريعاً إلى القديم ويقدم أغنية الشاعر جمال بخيت «هنا القاهرة» من دون عزف مصاحب، أعقبها بأغنيته الناعمة «لما الشتا يدق البيبان»، ومن أغاني المسلسلات قدم مقدمة مسلسل «بوابة الحلواني» وهي آخر ألحان الموسيقار الراحل بليغ حمدي، وبناء على طلب متكرر من الجمهور غنى الحجار «في قلب الليل»، واختتم الحفل بأغنية الموسيقار محمد فوزي «داري العيون»، وسط تصفيق الجمهور الذي كان ينتظر المزيد من الأغنيات التي أحبها مثل «صلينا الفجر فين» و«جفنه علم الغزل» وغيرهما.
«لمّ الشمل»
برر الفنان علي الحجار عدم تكراره لإصدار ألبوم سياسي مثل ألبومه «لم الشمل»، بعدم ميله لتقديم الأغنيات السياسية المباشرة، مضيفاً «أنا لست الشيخ إمام أو مارسيل خليفة، ولكن عندما يقع حدث كبير بحجم حرب الخليج التي أدت لخلق جغرافيا جديدة في المنطقة لابد ان أتفاعل معها، خصوصاً أنني وقتها كنت أستعد لطرح ألبوم جديد، ولكن قمت بتأجيل أغنيات الألبوم واستبدالها بأغنيات سياسية تدعو للوحدة ولم الشمل في مواجهة التغيرات المقبلة». وأكد الحجار أهمية برنامج «أمير الشعراء» الذي يسهم في مواجهة الخطر الكبير الذي تتعرض له اللغة العربية، والهوية العربية الموحدة، والتي تشهد تراجعاً امام استخدام اللهجات المحلية واللغات الأجنبية، معرباً عن أمله بأن يكون هناك عشرات البرامج المماثلة لـ«أمير الشعراء» و«شاعر المليون».