«الفطام».. حلم وحب وعطش على مسرح عجمان
ضمن فعاليات الموسم المسرحي الثاني الذي تنظمه دائرة الثقافة والإعلام في عجمان، بالتعاون مع جمعية المسرحيين، والذي يأتي ضمن فعاليات «صيفا مثمر»، عرضت مساء أول من أمس، على مسرح قاعة الشيخ زايد في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، مسرحية «الفطام» لفرقة مسرح حتا، من تأليف وإخراج علي جمال، وتمثيل عبدالله سعيد وبدور وأشواق.
وتقدم المسرحية عرضاً درامياً اجتماعياً يسلط الضوء بصورة تعبيرية مؤثرة على ثلاثية الحلم والحب والعطش، من خلال توفر دلالي بالغ الأهمية للقيم البصرية والضوئية، وحضور فاعل لـ«المواويل الشعبية» في ثنايا العرض المسرحي الذي يعالج موضوعات اجتماعية بدلالات واقعية وعاطفية مؤثرة، لاسيما تلك المشهدية البصرية ذات الدلالة الواضحة، وما يواكبها من تناغم بين الحوار والأداء التمثيلي والغناء والإيقاع المكثف.
حكاية العرض تتجدد في موضوع اجتماعي، يسلط الضوء على حكاية زوجين يتعقد بينهما الإنجاب، لينهض من خلالهما جدل الخصوبة والجدب، الجفاف والمطر وانتظار هطوله كرمز متحرك في لحظات العرض المختلفة، فالزوجة (مزنة) التي نجحت الفنانة بدور في تقديمها بتلقائية واضحة، والعجوز المشعوذة الدور الذي أعطته الفنانة أشواق الكثير من العطاء والجهد الحركي الواضح، والزوج (مطر) الدور الذي استطاع الفنان عبدالله سعيد أن يلامس من خلاله جمالية الأداء والحضور الدرامي المتميز، زوجان يربطهما غصن المحبة ويفرقهما سؤال الخصوبة والجدب، رغم حضور الحلم الذي يغيب أمام حقيقة الحدث، وبصورة تعبر عن حس إخراجي واع ومدروس .
وجسد المخرج هذه الجدلية بصورة مكثفة، وبدلالات وإيحاءات تحتشد على الخشبة، كبؤرة مشهدية للتعبير عن الضيق والترقب والحسرة، ترافقها حركة مثابرة لأبطال العمل، خصوصاً حركة الزوجة مع المشعوذة المقعدة التي تحاكي رغبة الزوجة العميقة في الإنجاب، إضافة إلى حركة الزوجين معاً وما رافقهما من تأثيرات ضوئية وحركية بأشكال مختلفة، طّوعها المخرج من خلال تعدد الأشكال من قطعة الديكور الأساسية نفسها، والتي توسطت الخشبة التي تتحول وفق سياق الحكاية من سرير إلى مركب أو سفينة، أو بالعكس، حسب إيحاءات ودلالات الحدث العام ومتطلباته الدرامية والسينوغرافية في فضاء العرض، كمسلك فني لتكثيف التكوينات الشكلية، وما رافقها من مواويل شعبية محتشدة بالأسى والشجن المطلق، في إيقاع درامي مشدود وجمل فنية مشغولة باهتمام، حيث المطر المنتظر وسط أنواء الترقب ومكابدات الحزن والظمأ والفرح المنشود.
الفنان عبدالله سعيد أكد سعادته بهذه التجربة الدرامية، كتجربة أولى في الموسم المسرحي، من خلال أداء شخصية رومانسية على درجة عالية من الحساسية، تحتاج على الخشبة قدرة وطاقة وحساً عالياً ينطلق بالممثل نحو الأفضل في فضاء المسرح، خصوصاً اللعبة الإخراجية على صعيد الحكاية والحركة المشهدية المؤثرة، وجرأة العرض وطموحاته للوصول إلى ملامسة بنية اجتماعية ذات عتبات إنسانية حالمة، مؤكداً الدور الإيجابي للموسم المسرحي في الدولة وجمعية المسرحيين في صياغة دلالات الإبداع المسرحي المتجدد، مشيداً بالموسم المسرحي الثاني في عجمان، والدور المثمر لدائرة الثقافة والإعلام في عجمان في النهوض بذائقة المتلقي من خلال التنوع المسرحي الدرامي والاجتماعي والكوميدي في موسمها المسرحي الثاني الذي له دلالات تفتح نوافذ الإبداع المحلي في أفق الثقافة المسرحية المنشودة.
ورأت الفنانة بدور أن العرض يمتلك حالات اجتماعية درامية، تلامس قضية إنسانية بفيض حكائي ومشهدي متجدد، من خلال انتقالات طقوس الحزن والفرح وتفاصيل الترقب والرواء الطفولي الذي يتحول في ثنايا العرض إلى واقع قاس، له دلالة تعبيرية معمقة في فضاء الحكاية، مؤكدة دور المسرح الدرامي في صياغة أفق إبداعي، يلامس مشاعر المتلقي ويجعله عنصراً حيوياً في فضاء التفاعل المجتمعي نحو جماليات تنوع المسرح المحلي.
وتتواصل فعاليات الموسم المسرحي الثاني في عجمان بعد غد الثلاثاء، في التاسعة مساء بعرض المسرحية البدوية الكوميدية «آفا» لفرقة مسرح دبا الحصن في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا. وهي مسرحية تعتمد على البيئة البدوية بأسلوب كوميدي متميز لحكايات الثأر والحب، من خلال فرجة شعبية في إطار كوميدي هادف . وتختتم الموسم المسرحية الكوميدية «حاميها حراميها» السبت المقبل في التاسعة مساء، وهي عرض ينتمي إلى التراث الشعبي بأسلوب واقعي كوميدي، وأداء ناجح يعالج موضوع الفساد الإداري وتبعاته على المجتمعات، في تشكيلات بصرية تسهم في إيجاد تنوعات زمانية ومكانية وفواصل موسيقية من أجواء التراث.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news