نجوم مصر يتجاهلون ذكرى يوسف شاهين

غاب نجوم السينما المصرية بشكل لافت عن إحياء الذكرى الأولى لرحيل المخرج المصري الكبير يوسف شاهين أمس في مسقط رأسه بمدينة الاسكندرية، وسط استهجان واسع من الصحافيين والإعلاميين والسينمائيين المشاركين. وبينما توقع كثيرون تزاحم الفنانين المصريين على حضور مراسم إحياء الذكرى الأولى المقرر عقدها سنوياً، إلا أنها ضمت عدداً قليلاً من تلاميذ شاهين، بينهم المخرجون يسري نصر الله وخالد يوسف وأسماء البكري وعماد البهات وصديقه المخرج الكبير رأفت الميهي، وعدد قليل من الممثلين، بينهم سمير صبري وسيف عبدالرحمن وكاتب السيناريو ناصر عبدالرحمن وأسرة الراحل الكبير.

بدأت الاحتفالية بقداس أقيم بكنيسة الروم الكاثوليك بالشاطبي، حيث مدفن شاهين الخاص، الذي بني على شكل هرم كتبت عليه إحدى أشهر عباراته «لا يهمني اسمك لا يهمني عنوانك، لا يهمني لونك ولا بلادك، يهمني الانسان ولو مالوش عنوان». وفي كلمة القداس عن يوسف شاهين، قال القس إن «تكريم شاهين ليس منّة من الكنيسة ولكنه واجب عليها تجاه رمز تنويري كبير حمل مشعل النور حول العالم»، مشيراً إلى أن قداساً مشابهاً سيقام على روح شاهين في الكنيسة سنوياً. وعقب القداس أقيمت مراسم افتتاح شارع على أطراف المدينة يحمل اسم يوسف شاهين تقع على ناصيته «أرض المعارض الدولية» بالاسكندرية، وكان يحمل في السابق اسم شارع «الفرنساوية».

وغاب محافظ الاسكندرية عادل لبيب عن مراسم افتتاح الشارع، وأناب عنه أحد مساعديه، رغم إعلانه طيلة الأيام الماضية عن مشاركته في الاحتفالية تكريماً لابن الاسكندرية الراحل وأحد أهم مخرجي السينما في العالم. كما جاء احتفاء مكتبة الاسكندرية بيوسف شاهين مخيباً للتوقعات، حيث بدأ بمعرض صور هزيل ضم عدداً من صور تشييع جنازة شاهين التقطها مصوروها، وكانت في معظمها صوراً سيئة لا تظهر فيها معالم واضحة، بل تبدو وكأنها تشي بمجاملة واضحة للمصور الشاب الذي اتضح أنه صديق لأحد منظمي الاحتفالية. وعاب معظم الحاضرين على المكتبة عرض تلك الصور رغم أن تاريخ شاهين يضم عشرات الآلاف من الصور التي تصلح للعرض في الاحتفاء به، بينها صور نادرة تمتلكها شركته وأسرته وعدد من عشاقه. ثم عرضت المكتبة إحدى حلقات سلسلة الحلقات التسجيلية الثلاثين التي أعدتها المخرجة منى غندور عن حياة شاهين، مستعينة بأرشيفه الخاص والفيلموغرافيا الخاصة به وهي الحلقات التي أنتجتها شركة مصر العالمية التي أسسها، وكان يملكها شاهين نفسه. وبدأت ندوة مكتبة الاسكندرية عن يوسف شاهين بالوقوف دقيقة حداد على روحه، كما شهدت حضوراً كبيراً من جانب عدد من عشاق السينما، معظمهم من الشباب الذين حضروا خصيصاً لاحياء ذكرى المخرج الكبير، في حين لم يحضرها أي من الفنانين. وقال الناقد السينمائي سمير فريد إن الحفاظ على يوسف شاهين الفنان يتمثل في الحفاظ على أعماله: «لأنها بقاؤه الحقيقي»، مطالباً أسرته بالعمل على حفظ جميع أعماله بطريقة حديثة وترميم ما تلف منها واتاحتها لدارسيالسينما في مصر والعالم للمشاهدة والبحث.

وأشار إلى مسؤولية الدولة في الحفاظ على التراث السينمائي، مضيفا أن مصر هي البلد الوحيد في العالم الذي لديه تاريخ يتجاوز المئة عام من السينما، لكنها رغم ذلك لا تمتلك مكتبة سينمائية «سينماتيك» لحفظ تاريخها السينمائي، معتبرا أن تلك كارثة يمكنها أن تتسبب في ضياع تاريخ السينما المصرية.

وقالت المنتجة ماريان خوري، ابنة شقيقة شاهين إن النية مازالت قائمة لإنشاء مؤسسة يوسف شاهين السينمائية، لكن أسرته اكتشفت بعد وفاته أن تلك المؤسسة تحتاج جهدا كبيرا للحفاظ على الأفلام التي قدمها، بدءا من عام 1950 حتى آخر أفلامه «هي فوضى»، وهي أرشيفه الخاص الذي يضم عشرات الآلاف من الأوراق والتدوينات وطريقة عمل أفلامه جميعها. وأضافت أنها تود إقامة نوع من الشراكة مع إحدى المؤسسات التعليمية للاستفادة من كل مقتنيات شاهين التي تضم آلاف الصور والملاحظات ونسخ سيناريوهات أفلامه قبل وبعد التصوير، مشيرة إلى أن شركة شاهين بدأت بالفعل العمل في موقع إلكتروني كبير يضم صورة رقمية من كل تراثه ومقتنياته.

وكشفت خوري عن فيلمين نادرين لشاهين، أولهما بعنوان «شيطان الصحراء» قالت إنه كان يكرهه وقرر حذفه من أرشيفه السينمائي، والثاني بعنوان «رمال من ذهب» شاركت في بطولته النجمة فاتن حمامة وصور بالكامل في المغرب، لكن النسخة المتاحة منه لا يوجد بها صوت. وقال المنتج جابي خوري إن مشروع متحف يوسف شاهين في مكتبة الاسكندرية متوقف منذ أعلن عنه قبل عام مضى لأنه لم يلمس جدية من البداية في انشائه، حيث لم ترصد المكتبة الجهد أو الميزانيات الخاصة به، ما جعله يتجاهل المشروع، لكنه استدرك أن المتحف سيتحقق يوماً ما بجهود كل عشاق شاهين، سواء أقيم في القاهرة أو في الاسكندرية.

تويتر