سامي محمد: النحات مظلوم في عالمنا العربي
تظهر أعمال الفنان الكويتي سامي محمد مدى اهتمامه بالإنسانية،فصور القهر والمعاناة والظلم وكل الانتهاكات التي تتعرض لها الحرية كانت الموضوع الأساسي لمختلف أعماله. وقد نجح محمد من خلال تجسيده لهذه القضايا في توصيل الفكرة، بل تمكن من جعل الناس تتعاطف مع الشخصيات التي يصورها، حيث يمتزج جمال الإبداع الفني مع القهر والمعاناة والظلم. وقد أكد محمد في حواره مع «الإمارات اليوم» أن «النحات مظلوم في العالم العربي ولاسيما في الخليج، لأنهم لا يؤمنون بهذا الفن كوسيلة تحمل رسالة وهدفاً في الحياة».
وأطلعنا محمد على بداياته في عالم النحت حين كان مهتماً بالمرأة، وقال «بعد ان أنهيت الدراسة وفي خضم التطلع والسفر بدأ الحس الفني يرتقي أكثر لدي وعملت على موضوع المرأة وكذلك الأمومة، بالإضافة إلى أنني قدمت أعمالاً تجسد الولادة وما قبلها وما بعدها، لأني أراها قضية وهماً إنسانياً يجب العمل من أجله».
وتابع محمد «أرى ان موضوع عطاء المرأة مهم جداً بالنسبة لي، لأني دائماً أبحث عن الجذور الأساسية في الحياة لأعمل عليها والمرأة هي الأم».
وشدد محمد على أنه «لا يريد ان يجسد شكل المرأة الحقيقي، بل يريد أن يعبر عنها من خلال أشياء ترمز إليها، تماماً كما فعل مع تمثال سيدرة الذي عرض أخيراً في وسط برج دبي». ولفت محمد إلى أن فن النحت محكوم بالديانة والثقافة في مجتمعنا العربي، واللذين لا يتقبلان كل الأعمال، «إذ من الصعب علي أن أجسد جسم المرأة، فهذا بالنسبة لي عمل سطحي، أكون من خلاله قد خرجت عن الموضوع الحقيقي ووصلت إلى نقطة الإغراء، كما أنه غير مقبول». واستدرك محمد، «إن هذه القيود في الفن تدفعني إلى البحث عن ملاذ آخر لتجسيد أفكاري، لأن الإغراء ليس مطلوباً في الفن، بل المطلوب أفكار أعمق من ذلك».
دفاع عن الإنسانية
وعن دفاعه عن الإنسانية، قال محمد «عملت أكثر من 30 سنة في شتى الوسائل للدفاع عن مشكلات الإنسان، لأن الإنسان في رأيي ولد في أجمل صورة وصاحب كرامة يفترض أن تصان، وبالتالي قضايا الإنسانية ضخمة، فهناك قضايا حروب وإهانات واضطهادات يجب التعبير عنها».
واعتبر محمد أن هذه القضية جليلة، وسيموت وهو حامل لهذه الرسالة، وتُعد تماثيل الاختراق والزلزال والمسحوق خير دليل على تجسيد هذه المعاناة».
أما لضرورة أن يكون الفنان ابن بيئته، رأى محمد أنه «على الإنسان أن يكون ابن بيئته، ولكن هذا لا يمنع خروجه عن البيئة، وشخصياً قد خرجت من خلال بعض الأعمال عن بيئتي الكويتية».
واستدرك قائلاً «عندما كنت أقدم أعمالاً عن بيئتي الكويتية كنت أتعمد تقديم الأعمال من دون وجوه كي لا أضع فيها شكلاً إقليمياً أو عربياً، لأني أتكلم عن إنسان الجسد لديه هو المتحرك، والشكل الفني هو المهم كونه هو الذي يفرض علي ما أقدم وكيف أقدمه».
ولفت محمد إلى أهمية أن يكون للفنان بصمة خاصة في أعماله تعرف عنه «إذ إن النحاتين موجودون بكثرة وكلية الفنون تخرج سنوياً مئات الفنانين ولكن أين هم؟ وماذا يقدمون؟ فالبعض منهم زاول المهنة ببساطة وبعضهم اتجه لرسم أغلفة الكتب وبالتالي انتهى فقيراً».
ولهذا اعتبر محمد أن «من لديه إبداع لا يقبل على نفسه، القتل في سبيل لقمة العيش، بل يجب ان يعيش الصراع من أجل الوجود، ففان غوغ صارع كثيراً حتى وصل إلى النجاح وباتت أعماله تقدر بالملايين».
وشدد النحات الكويتي على أن «النحات مظلوم ولاسيما في الخليج، لذا فان صراعي الأساسي هو كي أثبت أن النحت له قيمة وتاريخ، فالفراعنة وضعوا حضارة كاملة بالنحت والمعابد التي تركوها». وأضاف محمد «العرب لا يهتمون بهذه الوسيلة، فلا يوجد هذا البعد أو الحس الذي يشجع النحاتين على التواصل ويمنحهم الاندفاع».
كما أكد محمد أن «النحات يظلم في مجتمعه وبين أهله، بسبب عدم الاعتراف بهذا الفن، كوسيلة ثقافية وتخليدية».
سيرة لونية
ولد سامي محمد في الكويت في حي الصوابر عام 1943 ،وبدأت علاقته بفن النحت منذ الطفولة، حيث كان يصنع أشكال الحيوانات من الطين ويلهو بها مع أصدقائه ثم يكسرونها.
تخرج سامي في كلية الفنون في القاهرة عام 1970 ،ثم درس في الولايات المتحدة الأميركية. شارك في الكثير من المعـارض العالمـية، كـما أن لديـه الكثير من الأعـمال المعروضة في متاحف عالمية في نيويورك وهولنـدا، بالإضافة إلى أنه في عام 2001 خصص له متحف الشارقة جناحاً خاصاً لأعماله.