معرض آلات موسيقية.. أصوات وطقوس
أمضى ناصر مخول 25 سنة في البحث في تاريخ الآلات الموسيقية، حتى تمكن من خلال آلاته التي صنعها، كلها من الألف إلى الياء، بيده، تقديم فكرة عن تطور آلات العزف منذ 3000 سنة قبل الميلاد وإلى اليوم. اهتمام مخول بالموسيقى لم يكن بهدف تصنيع هذه الآلات فقط، فهو عازف موسيقي، كما أنه رسام، وبالتالي قد ساعدته هاتان الموهبتان على صناعة الآلات بنفسه من خلال القراءة والبحث فقط. وما يميز الآلات التي صنعها مخول انها من المواد الطبيعية، فهي مصنوعة من الخشب أو الفخار وجلود الحيوانات الطبيعية، وكذلك هناك بعض الآلات التي يدخلها عظام الحيوانات. هذا بالإضافة الى القصص التي تحملها بعض هذه الآلات التي كانت تستخدم لطقوس دينية أو اجتماعية مختلفة.
وقد تعرفنا الى هذه الآلات عن كثب في هذا الحوار مع مخول الذي قال لـ«الإمارات اليوم» عن بدايته في عالم الموسيقى، «إن انطلاقتي الفنية كعازف على الناي كانت مع فرقة جون الشعبية والتي أصبحت فرقة بيت الدين الشعبية، ولكني درست في المعهد الموسيقي سنتين ولم أحب النوتات الموسيقية». ولفت مخول إلى أنه «تعلم من راعي الأغنام العزف على الناي لأنه كان يخاف السير في الوادي وحده، وقد علمه الراعي العزف كوسيلة يمكنها أن تزيل خوفه». وفي عام 1968 قرر مخول إقامة معرض للآلات الموسيقية التاريخية، وأكد أنه بدأ منذ تلك الفترة، يجمع المعلومات عن الآلات التاريخية القديمة من خلال سفرياته ووجوده في المتاحف ومنها بغداد والقاهرة وبرلين وفرانكفورت وميلانو ولندن وباريس. وكما أكد مخول «كان يطلب إذن تصوير للآلات الموسيقية الموجودة على النقوش، ثم جمع الوثائق والصور، وحصل على الدعم من مؤسسة عصام فارس في لبنان التي مولت المشروع، فيما وزارة الثقافة كان دعمها محدوداً مادياً».
3 أقسام
وقسّم مخول معرضه إلى ثلاثة أقسام، «الآلات الوترية والهوائية والمضارب الرنانة والإيقاعات، ولكني ركزت على الآلات المرتبطة بالدين، لأن الفن لم يكن موجوداً للترفيه، بل كانت هذه الآلات توضع أثناء ممارسة الطقوس الدينية، حيث كان لكل طقس آلة معينة». وأكد مخول أن «هذه الآلات وجدت في كهوف السحرة حيث كانوا يستخدمون بعضها لطرد أو جلب الأرواح، وكانت أكبر نسبة آلات موسيقية عند الفراعنة، في حين أن الفينيقيين الذين كانوا يهتمون بالتجارة لم يكن لديهم أكثر من ثلاث آلات». وأشار مخول إلى أنه «من خلال هذه الفصائل الأربعة توصل إلى تقديم 52 آلة ضمن المعرض الذي جال فيه بلداناً عدة، ومنها برلين فرانكفورت والبحرين ودبي». وشدد مخول على أنه من من خلال البحث الذي قام به، تعرف إلى الكثير من الأمور والقصص عن الآلات، ومنها مثلاً آلة اسمها قمقم سليمان، والتي كان سليمان الحكيم يدق عليها عندما يعاني من ألم في الرأس، كما أن هناك اعتقاداً أنه كان يطرد الأرواح الشريرة من خلال العزف على هذه الآلات».
وكان مخول يرى صور الآلات ويصنع مثلها تماماً، أما الصوت فكان يستنتجه من خلال الوصف الموجود في الوثائق، «فهناك آلات مكتوب في وثائقها أن الصوت من الحنجرة، وهذا يعني أنها آلة نفخ تكبر الصوت، ومن خلال المعلومات تمكنت من الوصول إلى الصوت التقريبي». وقدّم مخول في آلاته عرضاً لبعض الآلات وكيف تطورت فجمع آلتين في آلة واحدة، إذ من الأمام تكون الربابة ومن الخلف الكمان المتطور عن الأولى، وكذلك الناي والسكسوفون وكيف تطور صوته فهو من كل ميل بصوت مختلف. لذا شدد مخول على أن المعرض هو تثقيفي بامتياز وليس مجرد عرض لكيفية صناعة الآلات».
أنواع الأخشاب
ولفت مخول إلى أن «اختيار نوع الخشب يتبع نوع الآلة، فمثلاً آلات النفخ ومنها الناي الذي يحتاج الى أن يكون الخشب ضيق المسام وذلك كي يعطي صوت رنين، بينما الخشب العادي يستخدم للطبول، ولاسيما الخشب الذي يمكن أن يحفر كالحور أو الملول». وأشار مخول الى أن «خشب الأرز والصنوبر والزيتون لا ينفع لصناعة الآلات لأنه يحتوي على الزيت». أما الجلود التي تستخدم، فهي جلود الأبقار البرية، حيث إن هذا النوع من الجلد يشتد ويقسو بعد شده». أما الأوتار الخاصة بالكمان والربابة، فهي مصنوعة من مصران السمك وذيل الحصان». وأكد مخول أن هذه المواد تحتاج الى معالجة، فالخشب يحتاج الى معالجة بالماء لمدة سنتين، فيما عظام الحيوانات تعالج بالملح والماء والشمس، بينما مصران السمك يبل بالماء ثم يوضع في الشمس». وإن ما يميز الآلات كونها مجموعة بصمغ الشجر وليس بالمسامير، بالإضافة الى الحفر على الخشب، ولهذا قال مخول «لدي خبرة تامة عن الصناعة، ولدي مخرطة تحفر وتنقش الخشب وأعمل عليها، لأن لدي فكرة تامة عن دقة العمل الصناعي بالتالي أصنعها من الألف الى الياء».
العود الفرقة
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news