عديلة بندقجي.. تطرّز الآيات بالخيوط
منذ 12 سنة شقت الفنانة السعودية عديلة بندقجي طريقاً خاصاً لمسيرتها الفنية، لم تكتف فيها بخط الآيات القرآنية بباقة منوعة من الخطوط العربية، بل عملت على حياكتها وتطريزها بأجود الخيوط والخامات، وتزيينها في الوقت نفسه بأروع الرسوم والأشكال الهندسية المختلفة، تيمناً بكسوة الكعبة الشريفة التي تحظى بمكانة خاصة في قلوب المسلمين.
وفي حوارٍ لـ«الإمارات اليوم» قالت بندقجي إن تعلقها الكبير بالخط العربي المتمثل في الآيات القرآنية دفعها إلى تصميم لوحات خاصة بها، من خلال استخدام باقة منوعة من أنماطها، وحياكتها بأجود الخيوط والخامات وتزيينها بالرسوم والأشكال الهندسية، تيمناً بكسوة بيت الله الحرام، التي تتزين سنوياً بالآيات القرآنية المختلفة والزخارف الإسلامية، وترى أن خبرتها الكبيرة في مجال التصميم، أهّلتها لتحقيق ذلك «حيث كنت أعمد منذ صغري إلى تصميم الفساتين والإكسسوارات المنزلية المختلفة».
آلية تصميم
وعن آلية تصميم لوحات الآيات القرآنية التي بدأت فيها بندقجي منذ 12 سنة، قالت «في البداية أقوم باختيار الآية القرآنية التي أرغب في خطها، وغالباً ما أعمد إلى اختيار القصير منها رغبةً في تسهيل قراءتها لاحقاً، وكذلك الحال بالنسبة لنوع الخطوط المستخدمة، حيث ألجأ عادةً إلى استخدام خط الثلث، وهو من أشهر أنواع الخطوط المتأصلة من خط النسخ، ويمتاز بالمرونة ومتانة التركيب وبراعة التأليف»، وتابعت «ومن ثم تأتي عملية حياكتها وتطريزها بأجود الخيوط والخامات وتزيينها في الوقت نفسه بأروع الرسوم والأشكال الهندسية المختلفة التي تتم وفق تصاميم مدروسة تأخذ بعين الاعتبار مساحة الآية ومعاني مفرداتها، أستلهم أفكارها من العصور المختلفة لاسيما إسلامية». وأضافت بندقجي «تُستخدم في حياكة لوحات الآيات القرآنية الأقمشة الثقيلة المختلفة مثل الجاكار وغيرها التي تتحمل عمليات الحياكة الدقيقة، وتعكس الجودة والفخامة معاً، إلى جانب مجموعة من الخيوط مثل خيوط الحرير والمعدن، والإكسسوارات المختلفة، ومجموعة من الأحجار الكريمة مثل الفيروز والياقوت الأحمر».
وأضافت بندقجي «لا أقوم بعملية حياكة لوحات الآيات القرآنية بنفسي، حيث أكتفي بعملية خط الآيات القرآنية وتصميم اللوحة، ومن ثم يتكفل فريق عمل متخصص ذو خبرة طويلة في هذا المجال، مكون من 40 شخصاً بحياكتها».
ارتفاع مبرر
وعن مدة إنجاز هذه اللوحات، ذكرت بندقجيأن إعداد حياكة اللوحات القرآنية يستغرق وقتاً طويلاً، يعتمد في المقام الأول على حجم الآية القرآنية المستخدمة في اللوحة، إلى جانب الرسوم والتطريزات المرافقة لها، قد تراوح مدة إنجازها من أربعة إلى ستة أشهر، وإذا قام بحياكتها شخصٌ واحدٌ فقط يستغرق إنجازها سنة كاملة»، الأمر الذي تبرر به الفنانة عديلة بندقجي ارتفاع أسعارها التي تبدأ كما قالت من 15 ألف درهم، وتبدأ في الصعود الذي قد يصل إلى 45 ألفاً فما فوق»، وأضافت بندقجي «إلى جانب متطلبات عملية حياكة اللوحات القرآنية التي تعتمد على توافر عامل الدقة الشديدة في العمل، لاسيما أن اللوحات القرآنية غالباً ما تحتوي على تفاصيل كثيرة تختلف في التصميم والألوان المستخدمة التي تتداخل وتتدرج لتعطي باقة منوعة وفريدة من الألوان التي قد تصل إلى 50 لوناً في اللوحة الواحدة»، وتابعت بندقجي «إلى جانب الحاجة إلى التحلي بالصبر، حيث إن عملية حياكة اللوحات القرآنية تستغرق وقتاً طويلاً جداً، فضلاً عن ضرورة توافر جو من التحدي بين فريق العمل لتحقيق أفضل النتائج المرجوة».
وعلى الرغم من ارتفاع أسعار لوحات الآيات القرآنية لبندقجي، إلا أنها أكدت «بفضل الله عز وجل تحظى لوحاتي بإقبالٍ كبير لاسيما من الأسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية، إلى جانب مجموعة كبيرة من الزبائن التي تنمو يوماً بعد يوم، الأمر الذي يجعلني أصر على المضي قدماً في هذا الطريق، رغم نصح أبنائي لي بضرورة أخذ قسط من الراحة بعد مشوار 12 سنة». وأكدت بندقجي «لم أواجه في مشوار مسيرتي الفنية صعوبات، بقدر ما واجهت تحديات لإنتاج الأفضل، وتحقيق التميز الذي يرنو إليه كل فنان طموح».
معرضان فقط
وعن مشاركاتها في المعارض ذكرت بندقجي «على الرغم من أن مسيرتي الفنية بدأت منذ 12 سنة، إلا أنني لم أشارك سوى في معرضين فقط، وذلك بعد أن شجعني أخي الفنان شكري إلى جانب أفراد أسرتي، على ضرورة خوض هذه التجربة، وبيّن لي أهمية المعارض المتمثلة في بناء جسور من التواصل بين الفنان ومتذوقي الفن إلى جانب معجبيه، الأمر الذي يتيح له تكوين قاعدة جماهيرية كبيرة خلال فترة وجيزة»، وتابعت «كانت أول مشاركة لي في معرض (آرت آند أنتيك شو) في فبراير الماضي في مدينة جميرا في دبي، بمشاركة مجموعة كبيرة من الفنانين والمصممين من مختلف الجنسيات، والثانية معرض خاص بي أقمته أخيراً في دبي كذلك، وتحديداً في مول الإمارات، شاركت فيه بـ25 لوحة قرآنية مختلفة، وبفضل الله شهد إقبالاً ملحوظاً».
وعن اختيارها دبي في المرتين، ذكرت بندقجي «نجحت إمارة دبي في الآونة الأخيرة في أن تصبح وجهة للخطاطين من مختلف الدول العربية والإسلامية، وذلك من خلال استضافتها العديد من المعارض الفنية المختلفة، التي تمثل آخرها في معرض (البسملة) باكورة أعمال مركز دبي لفن الخط العربي، الذي أقيم بحضور ورعاية سمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للثقافة والفنون، ونخبة من أعلام الخط العربي».
وتابعت «استطاع هذا المعرض أن يحدث نقلة نوعية في معارض فن الخط العربي، وذلك من خلال فكرته القائمة على موضوعٍ واحد وهو البسملة، فضلاً عن نجاحه في استقطاب أعلام الخط العربي من مجموعة من الدول العربية والإسلامية مثل مصر والعراق والسودان وتركيا وإيران، وتنظيمه مجموعة غنية من المحاضرات، وورش العمل القيمة».
وعن طموحات بندقجي الفنية، قالت «كل ما أطمح إلى تحقيقه في مشوار مسيرتي الفنية، أن تجد لوحات الآيات القرآنية التي أقوم بتصميمها، طريقها إلى كل بيت».