فيلم عربي وحيد ينسحب من «تورنتو»
أعلن المنتج المصري شريف مندور أول من أمس، مقاطعته لمهرجان تورنتو السينمائي الدولي في كندا، ومنع عرض فيلمه «هليوبوليس» الذي كان مقرراً أن يشارك في المهرجان، في أي من مسابقاته أو فعالياته، وذلك بسبب احتفاء المهرجان بالعاصمة الإسرائيلية تل أبيب. وبانسحاب فيلم «هليوبوليس» من المهرجان، يتبقى فيلمان مصريان، هما «إحكي يا شهرزاد» ليسري نصر الله و«المسافر» لأحمد ماهر، وثلاثة أفلام عربية، هي «الوقت الباقي» للفلسطيني إيليا سليمان، و«كل يوم عيد» للبنانية ديما الحر، و«نهر لندن» للجزائري رشيد بوشارب. ويكون هو الفيلم العربي الوحيد المنسحب من المهرجان.
وقال مندور، وهو مخرج في الأساس «أنا كمنتج مستقل، استقبلت بسعادة خبر اختيار «هليوبوليس» في مهرجان تورنتو، باعتبار المهرجان محفلاً سينمائياً دولياً مهماً، حتى أني وافقت على سحب الفيلم من مهرجان «سان سباستيان» ليلائم لوائح مهرجان تورنتو الخاصة».
وأضاف أن اختيار المهرجان تل أبيب للاحتفال بها والتضامن معها كان صدمة كبيرة له، خصوصاً أن الاختيار يأتي في لحظة ملتهبة، «حيث إن قطاع غزة لم تلتئم جراحه بعد، كما أن الحكومة الإسرائيلية تواصل رفضها لأية محاولة عربية أو دولية للسلام».
ولم ينف المخرج والمنتج المصري أن الاختيار بين المشاركة والمقاطعة كان محيراً له، وقال «وقفت حائراً بين موقفين، أحدهما للمخرج يسري نصر الله الذي اختار المشاركة، وإيصال صوت العرب بعدما اتفق معه مخرج فيلمي أحمد عبدالله، وموقف داخلي يدفعني للانسحاب واستكمال مسيرة المقاطعة». وأوضح أنه استشار أصدقاء له من ذوي الخبرة قبل اتخاذ القرار.
وذكر إن من بين من لجأ إليهم الممثلة والمنتجة المصرية إسعاد يونس، حيث وجد أن جميع من استشارهم دعموا الانسحاب، على الرغم من خسارة الوجود والتسويق، معتبراً أنها خسارة لا تقارن بالمشاركة في تظاهرة هدفها التلميع الإعلامي لإسرائيل، ضمن حملة دعائية لتغيير الصورة الذهنية للدولة العبرية في العالم، والمتمثلة في صورة الجندي الإسرائيلي الملطخ بدم أطفال غزة وأخبار القتل والدمار، واستبدالها بصورة ثقافية فنية».
وأضاف إنه على الرغم من نغمة التراجع المتزامنة من كل الأطراف، « اخترت عدم المشاركة ومقاطعة مهرجان تورنتو السينمائي هذا العام، على الرغم من إيماني بأهميته واحترامي له»، مؤكداً عدم عرض «هليوبوليس بأي شكل، أو في أي قسم للمهرجان. وأوضح أن الفيلم تنتظره عدة مهرجانات عالمية في الأشهر القليلة المقبلة، بينها «فانكوفر» الكندي الذي يبدأ بعد أسابيع و«سالونيكا» في اليونان، و«ستوكهولم»، كما سيشارك في مهرجان الشرق الأوسط في أبوظبي، ومهرجان كارالا في الهند.
وأثنى الناقد المصري ضياء حسني على قرار منتج فيلم «هليوبوليس» بمقاطعة مهرجان تورنتو، ودعا بقية السينمائيين العرب المشاركين في المهرجان إلى الانسحاب، والمشاركة في حملة المقاطعة العالمية. وقال إن «السينمائيين العرب يشاركون وفق دعاوى واهية بأن حضورهم مهم لمواجهة الدعاية الصهيونية والحضور الإسرائيلي، ولكن حقيقة الأمر أن مبرر حضورهم حماية التمويل الأجنبي واستمرار رضا مهرجانات الغرب التي يسعون للوجود فيها كدعاية لهم، ولأفلامهم التي لا تساوي شيئاً في أحيان كثيرة، سوى ظهورها في هذا لمهرجان أو ذاك».
وشن الناقد المصري هجوماً حاداً على المشاركين العرب في المهرجان، وقالً «كيف لهؤلاء أن يقاطعوا مهرجانا، ومنهم من يدفع الأموال لمجرد السير على سجادة حمراء وهمية، فرشت له بعد أن دفع ثمنها وقيمة إيجار دار العرض التي تعرض فيلمه»، مشيراً إلى انعدام غيرة المشاركين من موقف عالمي لنجوم قاطعوا المهرجان، لأنهم لا يهمهم سوى التزامهم الأخلاقي والإنساني.
وخالفه الرأي المنتج والمخرج السوري هيثم حقي الذي قال «لا يمكن أن نقاطع المهرجانات التي تشارك فيها إسرائيل، ونترك الساحة للإسرائيليين، خصوصاً الصهاينة منهم، لأن وجودنا يمكن أن يكون عاملاً إيجابياً، خصوصاً لو كان بأفلام جيدة، لأن لدينا صراعاً ثقافياً يجب أن نخوضه». وأضاف «الوضع ربما كان ملتبسا بالنسبة لمهرجان تورنتو السينمائي الذي يحتفي بتل أبيب، وهناك من احتج على هذا وانسحب من المهرجان، في موقف سياسي من خارج المنطقة العربية، وعلينا أن نؤيدهم، لكن يمكننا في الوقت نفسه فهم موقف المشاركين العرب الداعم للوجود».
وأوضح أنه يرفض مقاطعة المهرجانات «لأننا حصلنا في العام الجاري على ذهبية مهرجان «تاورمينا» الإيطالي الذي ضمت لجنة تحكيمه المخرج الإسرائيلي أري فولمان، صاحب فيلم «الرقص مع بشير» وهو الفيلم الذي كان مؤيداً لوجهة النظر العربية في مذبحة صبرا وشاتيلا، وكان مفيداً للعرب عن كثير من أفلامهم الدعائية، لأنه صادر عن إسرائيلي».